سائقون في اللاذقية متهمون بالشغب لأنهم احتجوا على “الظلم”
يغيب عن نظر المعنيين بقطاع النقل في اللاذقية، حاجة بعض المنشآت التعليمية والاقتصادية للحافلات (ميكروباصات)، ويحصرون بيع المازوت بالسعر المدعوم بمسألة نقل الركاب، عبر أجهزة التتبع الـ”GPS”، بينما تزداد المشكلة تعقيدًا خصوصًا بالنسبة لفئة طلاب المدارس.
يعمل محمد (29 عامًا) من إحدى قرى ريف اللاذقية سائقًا على خط اللاذقية- جبلة، ويضطر خلال العام الدراسي لنقل طلاب قريته الصغار من منازلهم إلى المدرسة ومن بينهم طفلته، بعقد اتفاق شفهي مع أهالي الطلاب الصغار.
وتبعد المدرسة عن منازلهم بين 3 و5 كيلومترات، ولا سبيل لترك الأطفال الصغار يمشون تلك المسافة، كما أن غالبية أهاليهم لا يمتلكون وسائل نقل لإيصالهم، والحل الأمثل بوجود “باص” يقلهم في الذهاب والإياب.
المستفيدون هم ركاب عاديون من عامة الناس والمدرسة حكومية، ومع ذلك فإن ما يقوم به محمد يعتبر مخالفة، فمن غير المسموح له أن يغيّر خطه، وحين يغيّره ويتم اكتشاف أمره من خلال أجهزة التتبع، يخسر حصته من المازوت المدعوم بسعر 2000 ليرة لليتر، ويضطر لشرائه بالسعر الحر أكثر من 14000 ليرة، وبالتالي سيرفع الأجرة على الأطفال الصغار وعائلاتهم.
ورغم مطالبة السائقين ببعض التساهل معهم خلال العام الدراسي، فإن مطالبهم تلك لم تلّق أي استجابة من قبل المسؤولين عن قطاع النقل في اللاذقية.
نهاية آذار الماضي، شهد “كراج جبلة” إضرابًا للسائقين الذين أغلقوا الطريق أمام بقية السيارات الأخرى في “الكراج”، ومنعوا حركة النقل احتجاجًا على مخالفتهم نتيجة عملهم خارج إطار نقل الركاب عبر خطوطهم.
تدخّل حينها عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة اللاذقية، دريد مرتكوش، الذي اتهمهم عبر صحيفة “الوحدة” بإثارة الشغب ومنع زملائهم من العمل، وترك الركاب والذهاب للعمل بنقل الخضار خدمة لمصالحهم الشخصية.
من جهته، أوضح سمير (42 عامًا) أحد السائقين الذين كانوا حاضرين حينها، أن ما جرى مختلف كليًا، حيث تعرض عدد من السائقين للمخالفة والغرامة والحجز نتيجة نقلهم الخضار من قراهم إلى المدينة في الصباح، وكل تلك الخضار تعود لمزارعين بسطاء لا يملكون أجرة نقلها عبر سيارات خاصة، بدليل أن كمياتها قليلة، وإلا كيف تتسع بمكان مخصص لنقل الركاب وليس سيارات “بيك آب” مثلًا.
وبحسب السائق، فإن كثيرًا من أهالي الريف الذين يزرعون أراضيهم ذات المساحات الصغيرة بهدف التجارة، لا يستطيعون نقلها بسيارة خاصة نظرًا للأجور المرتفعة التي قد تزيد عن ثمن المنتجات الزراعية، لذلك يتفقون مع أحد السائقين العاملين على خط لنقلها لهم إلى سوق “الهال”، ووصف السائق هذا العمل بالإنساني خدمة للناس الفقراء التي “ما معها تاكل”.
ومع ذلك فإن المعنيين في قطاع النقل لا يتساهلون مع تلك التفاصيل، ولا يقدرون حاجة رياض الأطفال لوسائل نقل تقلّ الأطفال الصغار، فيخالفون السائقين ويحملونهم مسؤولية أزمة النقل التي يعتبر المسبب الرئيسي بها ارتفاع أسعار المحروقات وتدني الدخل.
وأضاف سمير أن القصة في “كراج جبلة” تمّ حلها بالتراضي بين جميع الأطراف، إذ ألغيت العقوبة، وأعفي السائقون من المخالفة بشرط عدم إعادة الكرّة مرة أخرى، كما منحهم مرتكوش إذنًا لمتابعة عملهم مع المدارس ورياض الأطفال حتى نهاية العام الدراسي الحالي، تحت ضغوط الإضراب الذي كاد يشمل كلّ السائقين الآخرين وكان من الضروري احتوائه بطريقة أو بأخرى وبأسرع وقت ممكن، مخافة أن يتطور إلى ما هو أكبر من ذلك، وفقًا لوجهة نظر السائق.
وتعتمد العديد من المنشآت على الحافلات في أعمالها، مثل الشماعات الخاصة بتوضيب الحمضيات، ورياض الأطفال، كذلك بعض المنشآت الحكومية، حيث يتفق الموظفون مع أحد الباصات لنقلهم مقابل أجرة شهرية متفق عليها.
ويطالب السائقون ببعض المرونة في التعاطي معهم، خصوصًا أن الأجرة المحددة لهم غير مرضية، ويقولون إنها لا تغطي سعر المازوت المدعوم والضرائب وتكاليف الصيانة.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي