ضمّت السجلات السرية التي أفرجت عنها إدارة الرئيس دونالد ترمب، بشأن اغتيال الزعيم الحقوقي الأميركي مارتن لوثر كينج الابن، تفاصيل جديدة مرتبطة بالقضية، من بينها أن القاتل جيمس إيرل راي كان يأخذ دروساً في الرقص، وكان يميل إلى استخدام أسماء مستعارة مستوحاة من روايات جيمس بوند، حسبما نقل موقع usatoday.

ولكن وعلى الأرجح، لا تتضمن ما يقرب من ربع مليون صفحة أفرجت عنها الأرشيفات الوطنية والإدارة الأميركية الاثنين، أي شيء من شأنه أن يغيّر الرواية الراسخة منذ اعتراف راي بقتل كينج عام 1969، حسبما يقول المؤرخون.

وقال مايكل كوهين وهو أستاذ بجامعة كاليفورنيا بيركلي ومؤلف كتاب عن نظريات المؤامرة في السياسة الأميركية: “فكرة وجود وثيقة سرية تثبت أن جي. إدجار هوفر هو من اغتال كينج ليست صحيحة، فالأمر لا يعمل بهذه الطريقة. أحد التحديات هو إقناع الرأي العام الأميركي أن الحقيقة ليست مثيرة كما يظنون”.

ما الذي تحتويه ملفات كينج؟

تشمل الوثائق السرية التي أُفرج عنها حديثاً؛ سجلات من تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في اغتيال  كينج، وسجلات اعتبرتها وكالة الاستخبارات المركزية CIA مرتبطة بالاغتيال، وملف من وزارة الخارجية بشأن تسليم جيمس إيرل راي، الذي اعترف بقتل كينج عام 1969.

ويقول ديفيد باريت، أستاذ التاريخ بجامعة فيلانوفا، إن الملفات من المرجح أن تحتوي على معلومات جديدة ومثيرة للاهتمام، لكنها، كما هو الحال مع ملفات كينيدي التي نُشرت في مارس الماضي، ليست صادمة أو تقلب الرواية الرسمية.

وأضاف باريت، وهو مؤلف لعدة كتب حول الرؤساء ووكالات الاستخبارات: “لا أرى شيئاً يثير الدهشة حتى الآن. ما لم يكن الهدف هو الكتابة عن التحقيق، فأنا لا أعتقد أن هذا سيكون له تأثير كبير على البحث العلمي”.

وأشار إلى أن من أبرز ما جاء في الوثائق هو تفاصيل عن كيفية ربط مكتب التحقيقات بين راي وكينج، وكيف تمكنوا من العثور عليه وتسليمه من المملكة المتحدة، حيث كان قد فر”.

وأضاف باريت: “سيستغرق الأمر أسابيع لفحص هذه الوثائق، وقد تكون هناك أمور مهمة كُشفت، لكني أشك في ذلك. هذا ليس ما كان الناس يأملونه، وليس ما كانت عائلة كينج تخشاه”.

وأشار إلى أن العديد من الملفات غير مقروءة بسبب قدمها ورداءة نسخها الرقمية، وأكد مسؤولو الأرشيف أن الوكالة تعمل مع شركاء فيدراليين آخرين للكشف عن مزيد من الوثائق، والتي ستُضاف إلى الموقع الإلكتروني بشكل تدريجي.

ما الذي لا تحتويه ملفات كينج؟

من بين ما لا تتضمنه الوثائق المفرج عنها؛ تفاصيل مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي لكينج، والتي يقول المؤرخون إنها قد تشمل تسجيلات كان المدير جي. إدجار هوفر يأمل في استخدامها كوسيلة للابتزاز ضد كينج.

ويقول الخبراء إن تسجيلات هوفر لغرف كينج في الفنادق، والتي يُعتقد أنها تحتوي على أدلة على علاقات خارج الزواج، هي على الأرجح ما تخشاه عائلته من النشر.

وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن هذه التسجيلات ما تزال تحت البحث القضائي يمنع نشرها حتى عام 2027.

لكن الأستاذ بجامعة كاليفورنيا بيركلي، مايكل كوهين، قال إن الوثائق ربما لم تُكشف لأسباب متعددة: “هناك من يدّعي أن هذه أسرار حكومية كبرى، لكن الأمر ليس كذلك. أي تحقيق حكومي واسع النطاق غالباً ما يحتوي على ادعاءات كاذبة وأدلة سماعية لا تستند إلى الحقيقة. وأحد أسباب حجب الوثائق هو الجمود البيروقراطي، والحاجة إلى التحقق من مصداقيتها”.

ماذا يخفي الـFBI؟

قد تكون تسجيلات هوفر سيفاً ذا حدّين بالنسبة للمكتب، وفقاً لكوهين: “هل ستحتوي هذه الملفات على أشياء قد تزعج عائلة كينج؟ هذا ممكن. لكنها على الأرجح ستكشف أيضاً مدى انتهاك الـFBI لحقوق كينج المدنية”.

ويشير باحثو جامعة ستانفورد إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي بدأ مراقبة كينج منذ عام 1955، وكان هوفر يعتقد أن كينج شيوعي، وبعد أن انتقد كينح أنشطة المكتب في جنوب البلاد عام 1964، بدأ هوفر في استهدافه باستخدام برنامج مكافحة التجسس COINTELPRO.

وCOINTELPRO كان برنامجاً مثيراً للجدل انتقده بشدة تحقيق لمجلس الشيوخ الأميركي عام 1975، حيث ورد فيه: “العديد من الأساليب المستخدمة في هذا البرنامج ستكون غير مقبولة في مجتمع ديمقراطي، حتى لو كان جميع المستهدفين ضالعين في أنشطة عنيفة”.

وذهب المكتب إلى حد إرسال تسجيل سري إلى كينج من غرفته في الفندق، قال أحد العملاء لاحقاً إنه كان يهدف إلى تدمير زواجه، وفقاً لتحقيق مجلس الشيوخ عام 1976. وقد فسر كينج الملاحظة المرفقة مع الشريط على أنها تهديد بنشر التسجيل إذا لم يقدم على الانتحار.

اغتيال مارتن لوثر كينج

القصة الرسمية لاغتيال كينج تقول إنه قتل على شرفة غرفته في فندق بمدينة ممفيس، بولاية تينيسي، يوم 4 أبريل 1968، حيث كان يستعد للحديث مع زملائه في ساحة الفندق، فأُطلق عليه الرصاص وأُصيب في وجهه.

واعترف جيمس إيرل راي، بالجريمة، وحُكم عليه بالسجن 99 عاماً. لكن راي حاول لاحقاً سحب اعترافه، وقال إنه تعرض لفخ من طرف رجل يُدعى “راؤول”. وقد ظل يؤكد حتى وفاته عام 1998 أنه لم يقتل كينج.

هذا التراجع عن الاعتراف، بالإضافة إلى العمليات الغامضة التي نفذها الـFBI في عهد هوفر، أديا إلى انتشار نظريات المؤامرة بشأن الجهة التي تقف فعلاً وراء اغتيال كينج، وفق usatoday.

وصرّح أبناء كينج بأنهم لا يعتقدون أن راي هو القاتل، وأنهم يدعمون نتائج دعوى مدنية رفعتها العائلة عام 1999 وخلصت إلى أن كينج كان ضحية مؤامرة واسعة النطاق تورط فيها عملاء حكوميون.

شاركها.