– أمير حقوق

الفنانة السورية سحر فوزي، صاحبة أحد الوجوه الراسخة في ذاكرة الدراما السورية منذ ثمانينيات القرن الماضي، تميزت بحضور دافئ على الشاشة، وأدوار متنوعة جمعت بين القوة والهدوء، كما شكّلت أدوارها في المسلسلات الاجتماعية والبيئة الشامية جزءًا مهمًا من أرشيف الدراما خلال سنوات ازدهارها.

إلى جانب التلفزيون، تُعرف فوزي بعلاقتها العميقة بالمسرح، الذي كان بوابة عبورها الأولى إلى الفن، ومنحها الأساس المتين لشخصيتها الفنية.

في هذا الحوار، تتحدث سحر فوزي ل عن رحلتها الطويلة، وأهم محطاتها، ورؤيتها للدراما السورية اليوم، وطموحاتها المقبلة.

مسيرة من نجاحات وانكسارات

تتنقل الفنانة السورية سحر فوزي بين محطات مسيرتها الطويلة بنبرة هادئة واثقة، وتصف رحلتها في الدراما السورية بأنها “رحلة جميلة”، رغم ما حملته من نجاحات وانكسارات، بالنسبة لها، تكمن قيمة التجربة في كونها خيارها الشخصي، لا مجرد مصادفة مهنية.

وترى فوزي أن المسرح كان المحطة الأكثر تأثيرًا في تشكيل شخصيتها الفنية، فالوقوف بثبات على خشبة المسرح، كما تقول، يجعل كل الفنون الأخرى أسهل، وهو ما منحها القوة التي انعكست لاحقًا على أدوارها في الدراما التلفزيونية.

وعلى امتداد مسيرتها، تعتبر أعمالًا عدة بمثابة نقاط تحول، من بينها: “الثريا”، “البواسل”، “الطارق”، “باب الحارة”، “الدبور”، لكنها رغم ذلك تؤكد أن في جعبتها الكثير مما لم تقدمه بعد.

أدوار الأم.. مرتبطة بالعمر

الجمهور اعتاد توصيف الفنانة سحر فوزي من أبرز الوجوه التي جسدت أدوار الأم والشخصيات الاجتماعية، حيث قُدمت هذه النماذج بحساسية عالية وعمق إنساني لافت.

واستطاعت فوزي أن تمنح تلك الشخصيات صدقًا يلامس الجمهور، فتارة تظهر كالأم الحنون أو الحكيمة، وتارة كركيزة اجتماعية في الحارة أو البيئة الشعبية، خاصة في مسلسلات “باب الحارة، “ليالي الصالحية”، “بيت جدي”، “الدبور”، “الثريا”، “بنات العيلة”، “علاقات خاصة”، وغيرها الكثير.

وهنا تشرح أن الأمر مرتبط بتطور العمر الطبيعي للفنان، لا بحصر نفسها ضمن إطار معيّن، كما تقول بثقة إنها اليوم في عمر يجعل تقديم شخصية الأم أمرًا منطقيًا ومنسجمًا مع حضورها وتمثيلها.

نصيحة توجت مسيرتها

على الرغم من المسار الطويل الذي قطعته سحر فوزي في الدراما السورية، فإنها لا تزال تعود بذاكرتها إلى البدايات الأولى، كانت تلك السنوات مليئة بالتجارب والتحديات، وتعتبر أن ما تعلمته في تلك المرحلة لم يكن متعلقًا بالتمثيل وحده، بل بتكوين شخصية الفنان ذاته، وطريقة تفكيره، وما يمتلكه من رصيد معرفي وثقافي يساعده على فهم الشخصيات وتقديمها بصدق.

تتوقف فوزي مطولًا عند الدرس الذي رافقها طوال مسيرتها، وترى أنه الأساس الذي ينبغي لكل ممثل أن يبدأ منه، معتبرة أن النصيحة الأهم التي وجهتها لنفسها في ذلك الوقت، ولا تزال تراها ضرورة لكل ممثل، هي أن يكون الفنان مثقفًا وواسع الاطلاع، لأن الثقافة العامة هي السند الحقيقي عند تجسيد أي شخصية.

ولا تنكر فوزي أن الشخصيات التي تؤديها تترك أثرًا عليها من الداخل، معتبرة أن هذا التأثر هو ما يسمح للممثل بأن يصل بصدق إلى قلب المشاهد.

وفي الوقت نفسه، تبدي الفنانة موقفًا هادئًا تجاه الشهرة، مؤكدة أنها لم تكن يومًا غاية بالنسبة لها، وأن تعاملها مع الناس لا يزال قائمًا على المحبة والتواضع والاحترام.

 

النصيحة الأهم التي وجهتها لنفسي هي أن يكون الفنان مثقفًا وواسع الاطلاع، لأن الثقافة العامة هي السند الحقيقي عند تجسيد أي شخصية، ولم تكن الشهرة يومًا غاية بالنسبة لي، وتعاملي مع الناس لا يزال قائمًا على المحبة والتواضع والاحترام.

سحر فوزي

ممثلة سورية

اهتمام بالنقد الموضوعي

مع الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، وتعرض الفنانين للنقد بشقيه “البنّاء والهدام” بشكل مستمر، تقول فوزي إنها لا تعير اهتمامًا سوى للنقد الموضوعي.

وفيما يخص الشخصيات التي تحلم بتجسيدها، لا تحمل فوزي صورة محددة في رأسها، لكنها تميل إلى الشخصيات الإشكالية الصعبة التي تتطلب جهدًا مضاعفًا وتحديًا حقيقيًا للممثل.

 

أميل لتجسيد الشخصيات الإشكالية الصعبة التي تتطلب جهدًا مضاعفًا وتحديًا حقيقيًا للممثل.

سحر فوزي

ممثلة سورية

 

ماذا عن الدراما اليوم؟

يتوقع العاملون في قطاع الدراما أن يؤثر الانفتاح السياسي ودخول الاستثمارات على قطاع الدراما، ما يعني ظهور آثار الاستثمار بالدراما على الأعمال المقدمة سواء بالمضمون أو الأداء أو الإخراج والصورة الفنية.

الفنانة السورية سحر فوزي قالت إن دخول الاستثمارات السعودية وغيرها للدراما السورية سيؤدي إلى ضخ إنتاجي، وعندها ستتوفر النصوص المهمة، مما ينعكس على الممثلين وجودة الأداء المقدم.

هذه النقطة تعكس الحاجة إلى تجديد المحتوى الفني السوري ليواكب متطلبات الجمهور، ويوازي الإنتاجات الأخرى في المنطقة، بحسب ما قالته الفنانة سحر فوزي.

وتبدو الفنانة متفائلة بواقع الدراما السورية، خاصة مع بدء مرحلة جديدة من التعافي وعودة الزخم الإنتاجي، لكنها تلاحظ غياب الأعمال التاريخية في السنوات الأخيرة، وترجعه إلى ارتفاع تكاليف إنتاجها خلال فترة الحرب، وصعوبة تسويقها تجاريًا.

وقد اشتهرت الدراما السورية على مدى عقود بقدرتها الفائقة على تقديم الأعمال التاريخية بجودة عالية، جعلتها تتصدر الشاشات العربية وتترك بصمة يصعب تجاهلها.

وقد شكّلت هذه الأعمال رافعة أساسية لسمعة الدراما السورية، وعاملًا مهمًا في انتشارها عربيًا، قبل أن تتراجع خلال سنوات الحرب بسبب ارتفاع التكاليف وتحديات الإنتاج.

وتختتم الفنانة سحر فوزي بالحديث عن مشاريعها المقبلة، معلنة عن عودة قوية إلى خشبة المسرح، حيث بدأت رحلتها، وحيث لا تزال تجد نفسها حتى اليوم.

 

غياب الأعمال التاريخية في السنوات الأخيرة يعود إلى ارتفاع تكاليف إنتاجها خلال فترة الحرب، وصعوبة تسويقها تجاريًا.

سحر فوزي

فنانة سورية

المصدر: عنب بلدي

شاركها.