أعرب البيت الأبيض عن قلقه للحكومة البريطانية، إزاء السماح للصين ببناء سفارة كبيرة في لندن، يعتقد مسؤولو الأمن أنها ستشكل خطراً على البنية التحتية الحساسة للاتصالات في المدينة، حسبما أفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وصرح مسؤول أميركي كبير للصحيفة: “تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء إمكانية منح الصين إمكانية الوصول إلى الاتصالات الحساسة لأحد أقرب حلفائنا”.
وطلبت الصين الإذن ببناء سفارة جديدة في لندن في دار سك العملة الملكية على أطراف مدينة لندن، بالحي المالي للعاصمة البريطانية.
وتبلغ مساحة المبنى 20 ألف متر مربع، أي ما يزيد عن 20 ضعفاً عن مساحة سفارة بكين الحالية في ماريليبون، وستكون أكبر سفارة لبكين في أوروبا.
كما أعرب بعض مسؤولي الأمن الأميركيين والبريطانيين، عن قلقهم إزاء الخطة، نظراً لقرب الموقع من مركز حساس لكابلات الاتصالات الحيوية.
مخاوف من التجسس
وصرح ريتشارد ديرلوف، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية السرية MI5، لصحيفة “آي بيبر”، الأحد، بأن وجود شبكات الكابلات بالقرب من السفارة يُشكل “مشكلة حقيقية” لأن أجهزة الاستخبارات الصينية ستتمكن من التنصت على خطوط الاتصالات الحساسة، على حد وصفه.
وأضاف المسؤول الأميركي لـ”فاينانشيال تايمز”، أن واشنطن تتوقع أن تُتخذ جميع القرارات مع مراعاة مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، و”بعد تقليل المخاطر بناءً على توصيات وموافقة خبراء مكافحة التجسس”.
وتنتمي المملكة المتحدة إلى شبكة “العيون الخمس” لتبادل المعلومات الاستخباراتية وجمعها، والتي تضم أيضاً الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، مما يعني أن أي تهديدات للاتصالات البريطانية، تُشكل مصدر قلق لواشنطن.
ويُمثل تدخل البيت الأبيض في هذه المسألة، ثاني حالة معروفة على إثارة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مخاوفها بشأن الصين مع بريطانيا، حسب الصحيفة.
ففي وقت سابق من العام الجاري، أعطى ترمب موافقته الضمنية على صفقة وقعتها المملكة المتحدة مع موريشيوس بشأن السيادة على جزر تشاجوس. وجاء ذلك على الرغم من التهديدات الأمنية الصينية لدييجو جارسيا، وهي جزيرة مرجانية ضمن الجزر التي تضم قاعدة عسكرية مشتركة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وقد وافق ترمب على الصفقة، على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها بعض مسؤولي إدارته. وفي المملكة المتحدة، حثّ حزب المحافظين المعارض حكومة حزب العمال على رفض الخطة.
مخاوف أمنية وضغوط صينية
وصرح كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل (حزب المحافظين)، بأن الموقع الذي اشترته بكين في عام 2018، يُشكّل “خطراً أمنياً” على الحكومة نظراً لقربه من ثلاثة مراكز بيانات قريبة من “كاناري وارف”، وميدان “سكوير مايل” في المدينة.
وقال، الأحد: “من المرجح جداً أن يستخدمه الصينيون لتنظيم أنشطة تجسس. نرى الحكومة الصينية تقمع المعارضين، وتدير مراكز شرطة سرية في المملكة المتحدة، بل وتضع مكافآت مالية على رؤوس المعارضين، وقد التقيت ببعضهم. لا ينبغي لنا أن نسمح بهذا”.
ورفض المجلس المحلي لمنطقة تاور هاملتس، الخطة في عام 2022 لأسباب أمنية، وبسبب تأثيرها المحتمل على السكان، كما قامت وزارة الإسكان بدورها بمراجعة الخطة.
وأُعيد إحياء المشروع بعد ضغوط شخصية من الرئيس الصيني شي جين بينج، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء كير ستارمر. كما أثار وزير الخارجية الصيني وانج يي القضية مع نظيره البريطاني ديفيد لامي خلال زيارة إلى لندن هذا العام.
ويعتقد بعض المسؤولين البريطانيين، أن الموافقة على فتح السفارة قد تُهدئ العلاقات البريطانية الصينية التي توترت منذ استيلاء الحكومة البريطانية على مصنع صلب مملوك للصين في شمال شرق إنجلترا.