سفارة اليمن بدمشق.. اختبار لتأثير إيران والتقارب مع العرب
قال وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني، إن حكومة النظام السوري لا تعترف بجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) دبلوماسيًا، رغم تسليمهم السفارة اليمنية في سوريا لسنوات عدة.
وخلال مقابلة مصورة مع قناة “العربية الحدث” السعودية، في 11 من أيار، أن الأشخاص المحسوبين على “الحوثيين” بالسفارة اليمنية في دمشق، لم يحصلوا على أي اعتراف دبلوماسي من النظام.
ويأتي هذا التصريح بعد أشهر من إعلان من قبل الحكومة الشرعية عن تسليم سفارة اليمن في دمشق لها عوضًا عن الممثل السابق التابع لـ “الحوثيين”.
وقال وزير الخارجية اليمني السابق أحمد عوض بن مبارك، في تشرين الأول 2023، لموقع “اندبندنت عربية“، إنه تبلغ “رسميًا من وزير الخارجية السوري أنهم أخرجوا الحوثيين من مبنى السفارة اليمنية في دمشق”.
ولم يعلق النظام السوري على قرار طرد البعثة الدبلوماسية “للحوثيين” في دمشق حتى اللحظة.
المعلومات السابقة لا يبدو أنها قد أفضت إلى تسلم الحكومة الشرعية للسفارة وتعيين سفير أو دبلوماسي يمثلها في دمشق، إذ قال الوزير الزنداني إن بلاده حريصة على مواصلة الجهود لتعيين من يمثلها في العاصمة السورية، دون أن يستبعد تعيين سفير أو ممثل بأي مستوى في ظل اتفاق مع دمشق.
ويرجع تغير الموقف السوري من الحكومتين اليمنيتين إلى بداية ملامح عودة علاقة النظام السوري مع السعودية، إذ تدعم الرياض الحكومة اليمنية المعترف بها أمميًا، بينما تدعم طهران، حليفة النظام السوري أيضًا، جماعة “الحوثيين” في اليمن.
تأثير إيران
كان اللقاء الأول من نوعه منذ 2011، بين وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، مع وزير الخارجية اليمني السابق، أحمد بن مبارك، في أيلول 2023، رغم عدم اعتراف دمشق بهذه الحكومة، وتعيين سفير لجماعة “الحوثيين”، المدعومة إيرانيًا في ذلك الوقت.
ومنذ ذلك الحين لم تعلن حكومة النظام السوري عن أي تغيير في مسار العلاقات الدبلوماسية مع اليمن، بينما يتوقع وزير الخارجية اليمني شايع الزنداني أن النظام أخلى السفارة من ممثلي “الحوثيين”.
وحول موقف النظام غير الواضح من الأطراف اليمنية، يرى الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” نادر الخليل، أن موقف دمشق الحالي يتماشى مع السياسة الإيرانية إلى حد كبير، ما يعكس آلياته للبحث عن تحالفات إقليمية واضحة.
الخليل قال ل، إن الموقف السوري لا يحمل بالضرورة نوايا إيجابية نحو الحكومة اليمنية الشرعية، بل هو نتيجة لتأثير النفوذ الإيراني على دمشق.
وأضاف أنه لا التقاء واضح للمصالح بين دمشق وصنعاء في الساحة العربية، باستثناء أن كلًا من النظام السوري وجماعة “الحوثي” في اليمن مدعومان من إيران، ما يجعلهما “حليفين في إطار حلف إقليمي تقوده طهران”.
وتعتبر إيران هذا التنسيق تعزيزًا لنفوذها الإقليمي، ومواجهة السياسات السعودية في المنطقة، إذ تسعى لاستخدام حلفائها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والسياسية، وفق الباحث.
دمشق وصنعاء بينهما الرياض
كان اليمن من بين الدول التي اعترضت على عودة أي علاقات مع النظام قبل إعادة الأخير للجامعة العربية، إذ سبق ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريرًا، أشارت فيه إلى أن خمسة أعضاء على الأقل في جامعة الدول العربية، من بينهم اليمن، رفضوا عودة النظام إلى الجامعة.
أيضًا كانت صنعاء ضمن الدول العربية التي قاطعت النظام السوري دبلوماسيًا، بعد عام 2011، فيما زادت حالة القطيعة بين البلدين عقب تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن في آذار 2015، بعد وقوف النظام مع “الحوثيين”، وإقامته علاقة دبلوماسية مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيون)، التي عينت سفيرًا لليمن بدمشق، في آذار 2016.
وتواصلت مع وزارة الخارجية اليمنية للحصول على تعليق حول التغير الجذري في وجهة نظرها من النظام السوري، لكنها لم تحصل على رد حتى لحظة تحرير هذا الخبر.
ومع عودة عجلة العلاقات بين النظام والسعودية للدوران مجددًا مطلع العام الماضي، بدأت علاقة دمشق باليمن تتغير، لكن الباحث نادر الخليل قلل من أهمية علاقة النظام بالرياض، وتأثيرها على صنعاء.
الخليل اعتبر أن النظام يحاول إظهار نفسه على أنه يمتلك هامشًا للتحرك خارج سيطرة إيران، ويحاول الإفلات مع القبضة الايرانية بما يتماشى مع التطلعات الخليجية والعربية التي بدأت الانفتاح السياسي المحسوب على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”، وما وضعته عليه من دفتر شروط للتقدم تجاهه.
واستثنى الباحث ملف “الحوثيين” من محاولات النظام التماشي مع السعودية فيما يتعلق بالشأن اليمني، رغم التقارب النسبي بين دمشق والرياض مؤخرًا، إذ اعتبر أن الموقف السوري تجاه اليمن يظل متأثرًا “بشكل كبير” بالسياسة الإيرانية.
واعتبر الخليل أن اعتماد النظام على الدعم الإيراني، عسكريًا أو اقتصاديًا، يجعله أقل مرونة في اتخاذ مواقف تتعارض مع مصالح طهران، من ضمنها تلك التي تخص اليمن.
وأضاف أن التصريحات اليمنية الأحدث تعكس استمرار تماشي دمشق مع السياسة الإيرانية بدلًا من السعودية، على الرغم من أي تحسن طفيف في العلاقات مع الرياض.
تقلبات دبلوماسية
سبق أن عينت جماعة “الحوثي” القيادي في حزب “البعث اليمني” (جناح سوريا)، نايف أحمد القانص، سفيرًا لها بدمشق، رغم أن الحكومة الشرعية اليمنية كانت حاضرة على الساحة.
وفي تشرين الثاني 2020، أعلنت جماعة “الحوثيين” تعيين الإعلامي عبد الله علي صبري سفيرًا لها في دمشق خلفًا للقانص، لترد الحكومة اليمنية بإعلانها بدء ملاحقة ثلاثة من قيادات من الجماعة تتهمهم بـ”انتحال صفات دبلوماسية في إيران وسوريا”، منهم السفيران السابقان، وفق ما نشرته قناة “بلقيس” اليمنية.
وقالت الخارجية اليمنية في بيان حينها، إن “السلطة القضائية شرعت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإصدار مذكرات اعتقال قهرية ضد الثلاثة المذكورين عبر (الإنتربول)”.
وفي تشرين الأول 2023، أعلن وزير الخارجية اليمني السابق، أحمد عوض بن مبارك، عن تسليم حكومة النظام السوري سفارتها في دمشق، عوضًا عن الممثل السابق التابع لـ “الحوثيين”، وهو ما لم تجر ترجمته بتعيين دبلوماسي من الحكومة الشرعية حتى تاريخه.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي