تتكرر معاناة سكان مناطق جنوبي دمشق، على امتداد أوتوستراد درعا، وصولًا إلى مدينة الكسوة، في كل يوم جمعة، مع ندرة وجود وسائل نقل الركاب العامة، واضطرارهم لاستخدام سيارات النقل الخاصة مرتفعة التعرفة (الأجر).
رصدت هذه المعاناة، في كل من الكسوة والباردة وصحنايا وسبينة ونهر عيشة، التي تخدمها حافلات النقل الداخلي (زاجل، كوجك) بشكل رئيس، بالإضافة إلى سيارات الأجرة الخاصة، وعدد من “الميكروباصات” الذي تنتهي خطوطها في منطقة نهر عيشة، ومن ثم يستقل الركاب “باصات” النقل الداخلي نحو منطقة البرامكة وسط دمشق.
كما تواصلت مع عدد من الموطنين، ونقلت مطالبهم إلى الجهات المعنية للحصول على ردود، تبرر ندرة وسائل النقل على هذه الخطوط.
انتظار طويل وعبء مضاعف
“أضطر لدفع ما يقارب 30 ألف ليرة سورة كل يوم جمعة للوصول إلى مكان عملي، وهو ضعف ما أدفعه في الأيام العادية، فتكلفة الراكب الواحد في التاكسي 12 آلف ليرة سورية، وفي حال تأخر الوقت قبل حصول السائق على أربعة ركاب، يتقاسم الموجودون إيجار الراكب الناقص، للوصول إلى أماكن عملنا في الوقت المناسب”، بهذا عبّرت “مريم علي” (اسم مستعار) عن معاناتها من أزمة المواصلات.
“أم رأفت”، أربعينية وأم لطفلين، قالت ل، إنها لا تستطيع زيارة أهلها في منطقة الميدان، سوى في هذا اليوم، لذا تضطر للحضور مبكرًا مع ولديها للحصول على مقعدين في “سرفيس” أو “فان” قرر أن يخالف أنظمة السير، ونقل الركاب، وعليها إما الانتظار حتى انتهاء صلاة الجمعة، فربما يعمل أحد “الباصات” (الحافلات العامة) على الخط، وبهذه الحال تخسر الوقت، أو انتظار وسيلة تجرأ سائقها على المخالفة، فخيار “التاكسي” يشكل عبئًا ماليًا عليها.
في حين لا يأبه محمد، وهو فني تخدير متخصص بعمليات جراحة القلب، بنوع الوسيلة التي يمكن أن يستقلها، وقال ل، “المهم لدي أن أصل إلى المستشفى في الوقت المناسب لأقوم بتجهيز غرفة العمليات، سواء كانت سيارة أجرة أو نقل عام، عليّ أن أصل مبكرًا، وبحالة نفسية جيدة، أي وسائل النقل ستخدم هذه الغايات بالنسبة لي ستكون الأفضل”.
ولم تخصص لمدينة الكسوة حافلات للنقل الداخلي، إذ يضطر الأهالي في الأيام العادية لاستخدام “الميكروباصات” حتى نهاية الخط في كراج “نهر عيشة”، ومن ثم يستخدمون حافلات النقل الداخلي، سواء “زاجل” أو “كوجك”، ومع ذلك لا تختلف معاناة يوم الجمعة لديهم عن المناطق القريبة منها.
قالت آلاء، “أعمل يوم الجمعة بدوام إضافي ضمن الشركة التي أتبع لها، وفي كل أسبوع يكون رجائي الوحيد، أن أجد (سرفيس) لم ينتظر صاحبه انتهاء موعد صلاة الجمعة للبدء بالعمل، وغالبا ما يحالفني الحظ”.
لكن المشكلة الأساسية في كراج “نهر عيشة”، مع غياب حافلات النقل الداخلي و”اضطراري ركوب تاكسي أجرة حتى البرامكة”، أضافت آلاء.
سائقون يستغلون غياب الشرطة
سيارات “التاكسي” في كل من الباردة وصحنايا، ليست جميعها مرخصة كوسائل نقل عمومية، بل تعمل بشكل مخالف، وغالبًا ما تكون سيارات خاصة يتم استثمارها بتوصيل المواطنين، ويعد يوم الجمعة هو الأكثر مردودًا للسائقين، نتيجة غياب الوسائل العامة، قال “أبو محمد”، سائق سيارة أجرة (رفض نشر اسمه الصريح حتى لا تتم مخالفته).
وتابع أن الكثير من السائقين هنا، من أصحاب المعاش التقاعدي، ولم تعد أعمارهم تسمح لهم بعمل مجهد، “نلتقي يوميًا مع سياراتنا الخاصة، عند الموقف المخصص، وننتظر بحسب الدور”.
ويستغل “أبو عماد”، سائق “ميكروباص”، قلة عناصر شرطة المرور المنتشرة في دمشق يوم الجمعة وخاصة في الصباح، للوصول إلى منطقة “البرامكة”، بدلًا عن التوقف عند “نهر عيشة”، ويبرر ذلك، بأنه يحاول التخفيف عن الركاب وانتظارهم لباص النقل الداخلي، وبالمقابل يستفيد من الأجرة الإضافية للمسافة الزائدة، للتعويض عن نقص الركاب لهذا اليوم.
وبحسب رصد خلال الأسابيع الماضية، يبدو الحال مشابهًا بالنسبة لسائقي “الميكروباصات” على الخطوط المذكورة.
ويعمد السائقون لركن مركباتهم في مكان قريب من الموقف الرئيس لهذه المناطق، ومناداة الركاب بشكل مخفي، خاصة بعد فترة الظهيرة (موعد عودة الركاب من أعمالهم)، نتيجة وجود الضابطة المرورية في المكان والمراقبة.
حافلات محدودة ومراقبة صارمة للمخالفات
أوضح مدير النقل البري في فرع دمشق، حسين رقية، المسؤول عن حافلات “زاجل” التي تخدم خط صحنايا وأشرفية صحنايا، بالإضافة لخط نهر عيشة، أن يوم الجمعة يعد عطلة رسمية لسائقي الحافلات، ويكون العمل في هذا اليوم اختياريًا وليس إلزاميًا، مشيرًا إلى أن السائقين يستحقون هذا اليوم بعد عملهم طوال أيام الأسبوع.
وأضاف رقية أن هناك خطة لتأمين الحافلات خلال يوم الجمعة، إلا أن العدد المتوفر محدود، ويقتصر تشغيلها على الفترة التي تلي موعد صلاة الجمعة.
في حين يتم تشغيل أربع حافلات دون مواعيد محددة على خط منطقة “الباردة”، يوم الجمعة، لتخديم المواطنين، بحسب المسؤول في شركة “كوجك”، بسبب قلة عدد الركاب وعدم وجود ضغط كبير.
مدير عمليات فرع مرور دمشق، أنس الأطرش، كشف أن هناك لقاءات واجتماعات جارية مع وزارة النقل لبحث توسيع خدمات النقل لتشمل كافة المناطق خلال أيام الأسبوع، بما في ذلك يوم الجمعة، وأن تفاصيل الاتفاق سيتم الإعلان عنها قريبًا.
ونفى الأطرش إمكانية التهاون في تنفيذ المخالفات يوم الجمعة، مؤكدًا أن تطبيق المخالفات مستمر وبشكل نظامي كالمعتاد، ولا يسمح بتجاوز الإجراءات فقط في هذا اليوم.
وتابع ان كل “سرفيس” يلتزم بخط سير محدد، ولا يجوز للسائق تغييره أو العودة قبل الوصول إلى نهاية خطه، حتى ولو كان هناك ركاب على متن المركبة.
ولفت إلى أن عودة “السرفيس” في منتصف الطريق أو قبل إكمال الخط يعد مخالفة، لأن الالتزام بالخط يضمن إمكانية تأمين حاجة المواطنين الذين قد يستقلون المركبة في أي لحظة.
وفيما يتعلق بسيارات الأجرة، أشار الأطرش إلى أن عناصر المرور رصدوا حالات يقوم فيها سائق “التاكسي” باختيار الركاب بناءً على وجهتهم، وهو سلوك يعد مخالفة تُعرف بـ”انتقاء الركاب”.
وبيّن أن السائق لا يملك حق رفض توصيل مواطن لأن مساره مختلف، فـ”التاكسي” مركبة عامة مرخصة لخدمة الجمهور، والمواطن هو الذي يقرر الاتجاه الذي يرغب الذهاب إليه، لا السائق.
وأضاف مدير العمليات أن المخالفات قد تتضمن إجراءات مالية أو حجزًا للمركبة، وأن التعامل مع المخالفات يتم وفق الأطر القانونية المعتمدة، ونوع المخالفة.
مؤسسة النقل تدرس رفع تعرفة المواصلات بدمشق وريفها
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
