17 سبتمبر 2025Last Update :
صدى الإعلام – الكاتب: موفق مطر – انتصرت الشرعية الدولية للرؤية الفلسطينية بتبنيها “اعلان نيويورك” وليد المؤتمر الدولي لتطبيق حل الدولتين الذي برهن على إمكانية اختراق الحصار الاسرائيلي المشدد على بصيرة العالم السياسية، وحصرها في زاوية رؤية الصهيونية الدينية، المصاغة من مفاهيم الحروب الدينية، والاستعمار الاستيطاني، والعداء للآخر، والعنصرية.
كما عزز تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة إمكانية تحقيق السلام إذا تضافرت الرؤى العربية والدولية للسلام، مع رؤية القيادة الفلسطينية واستجمعت اراداتها، لحفر حق الشعب الفلسطيني الثابت على صخر خريطة العالم الجغرافية السياسية، وأثبت قرار الجمعية العامة حاجة شعوب ودول العالم للسلام وفق الرؤية الفلسطينية وارتكازا على مبادئ وقرارات قوانين الشرعية الدولية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية قاعدة انطلاق، للعمل من اجل تحقيق الاستقلال والحرية والسيادة والسلام للشعب الفلسطيني في دولة ديمقراطية عاصمتها القدس الشرقية ( مدينة السلام ) وملتقى الثقافات الحضارية الانسانية.
هذا الانجاز في مسار النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية الذي اتخذه الرئيس محمود عباس (ابو مازن) منهجا، جسد فيه أخلاقيات السياسة الفلسطينية وعقلانيتها، تكمن اهميته بأنه بات جزءا لا يتجزأ من قرارات الشرعية الدولية ومرجعياتها المتلاقية على مبدأ قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره حقا مشروعا للشعب الفلسطيني، يجسد فيه طموحاته وآماله في السلام على ارض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، والمجتمعة على مبدأ نبذ العنف والاحتلال والاستعمار الاستيطاني، والإرهاب والعنصرية باعتبارها جميعا جرائم حرب.
يجب على اسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال التخلص – الى حد التحرر منها – لبلوغ محطة السلام المنشود في المنطقة للجميع، فالتعايش تحت راية السلام، يتطلب ثقافة انسانية، تتطلع للمستقبل، تحمي طفولة لا ذنب لها بصراعات دموية، اصطنع اسبابها تجار الحروب، ثقافة نقية، مطهرة من التطرف والاستعلاء على الآخر، ثقافة تقدس الحياة والنفس الانسانية، ولا تعبث بها الى حد تقديم الموت عليها، وهذا ما نعنيه عندما نتحدث عن اخلاقيات السياسة الفلسطينية، ولولا هذا النهج لما اقتنع العالم بروايتنا ورؤيتنا، التي يجب تعزيز مكانتها لدى شرائح مجتمعنا السياسي، ليس لأن من شأن هذا التعزيز تحقيق اهداف سياسية أو ارسال رسالة بمحتوى يرضي العالم وحسب، بل لأن السياسة المرتكزة على قاعدة اخلاقية هي القابلة للانتصار والديمومة، على عكس سياسة المصالح الآنية، وفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية او الاقتصادية، أو عبر ادوات النفوذ، فهذه زائلة حتما مهما بلغت شدتها في ذروتها، ولنا في الدول الاستعمارية مثال حي، فشعوب هذه الدول قبل غيرها قد فرضت على حكوماتها تغيير نهجها ولو تدريجيا، في التعامل مع الشعوب الأخرى وحقوق افرادها ودولها، وهذا ما يجب فهمه بعمق، وقراءته بعقلية الباحث العلمي، حتى يمكننا وضع خطط تمكننا من رفع مستوى ارادة دول العالم في تبني روايتنا ورؤيتنا الفلسطينية الى مستوى الفعل، والعمل المنظم بين القوى الحية الفلسطينية والعالمية.
لكن ومن اجل تحقيق احسن النتائج، وحتى لا تبقى القرارات الدولية مجرد اخبار سعيدة، أو مجرد وثائق كتبت بالحبر على ورق، لا بد من نظم الخطط الفلسطينية بروح وطنية نقية من أي مصالح ذاتية أو فئوية، ننطلق بمخرجاتها لتعزيز ثقة العالم بشعبنا وبقدراته وبجدارته على تبوء دولته المستقلة مكانها الطبيعي في قلب خريطة العالم، فالشعوب الحرة تتعاطف وتتضامن، لكن مسؤوليتنا تتطلب ايصالها الى مرحلة الاعتقاد حتى اليقين بحقنا، فنضالنا يحتاج لسلاح العقل والحكمة والمعرفة، والطرق على بوابات ثقافات الشعوب التي ونحن منها نلتقي في بيت السلام، الذي ما كانت الشرعية الدولية إلا لرفع قواعده، ليكون بيتا لكل الشعوب.