قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأحد، إن سوريا لا يمكن أن تمضي في اتفاق أمني مع إسرائيل بينما تحتل أجزاءً جديدة من البلاد بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد قبل عام، وذلك مع تزايد جهود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتوسط بين البلدين.

وشدد الشيباني، خلال جلسة حوارية في منتدى الدوحة، على ضرورة عودة الأوضاع على الخريطة إلى “ما كانت عليه قبل من الثامن من ديسمبر 2024”.

وأكد وزير الخارجية السوري “وجوب اعتماد مقاربة ثنائية عادلة تأخذ بعين الاعتبار الهواجس الأمنية لكل من سوريا وإسرائيل”، وأوضح أن “العملية الأمنية ثنائية وتكاملية، ولا يمكن أن تكون من طرف واحد”.

وذكر الشيباني أن الجانب الإسرائيلي كان منذ اليوم الأول الجانب المقلق للاستقرار في سوريا، مشيراً إلى ما وصفه بأنه “محاولة إسرائيلية دائمة لزعزعة الاستقرار”، وطالب تل أبيب بالكف عن التدخل في الشؤون السورية و”المراهنة على تحريك بعض الفئات من المجتمع السوري”.

وأكد الشيباني في معرض حديثه على التزام سوريا باتفاق 1974 وبالوساطة الأميركية، أن دمشق “نجحت في كسب الكثير من الداعمين لمقاربة سوريا تجاه إسرائيل، أبرزها الولايات المتحدة التي تدعم إبرام اتفاق عسكري مع إسرائيل”.

وأثارت الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا تعليقات صارمة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي حذر، الأسبوع الماضي، من عرقلة تطور سوريا، بعد أيام من توغل جنود الجيش الإسرائيلي في بلدة بيت جن، جنوبي سوريا.

وينص اتفاق 1974 بين إسرائيل وسوريا على إنشاء منطقة عازلة، فضلاً عن منطقتين متساويتين من القوات والأسلحة المحدودة للطرفين على جانبي المنطقة، ويدعو إلى إنشاء قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك تحت اسم “يوندوف” (UNDOF) بموجب قرار مجلس الأمن رقم 350 (1974).

لكن إسرائيل توغلت في جنوب سوريا، وتنتهك بانتظام قرى وبلدات في المنطقة العازلة، كما نشرت قوات ومعدات عسكرية بما في ذلك قمة جبل الشيخ.

واعتمدت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، قراراً يعتبر استمرار احتلال إسرائيل وضمّها لهضبة الجولان “غير قانوني”، ويطالب بانسحابها إلى خط 4 يونيو 1967، كما طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب تل أبيب إلى تجنب أي خطوات من شأنها عرقلة مسار تطور سوريا.

“مسافة واحدة من الجميع”

وأوضح وزير الخارجية السوري أن سوريا تريد إعادة بناء نفسها، دون أن تكون ضمن أي اصطفاف، وأضاف: “ضمن هذه المعايير، نعتقد أننا نجحنا حتى الآن”.

وقال إن “بناء بلد عانى من الحرب 14 عاماً يحتاج لكل الأصدقاء، ولا يحتاج إلى أن نختار أو نريد أو ما لا نريد، أو الاصطفافات التقليدية، التي قد تعرقل مرحلة البناء (..) حكومة البناء تحتاج إلى استقرار أمني في الداخل، وربط مع الأمن الإقليمي”.

وأبرز الشيباني أن سوريا تتمتع اليوم بعلاقات متنوعة ومتعددة، وتطمح لأن تكون تجربة ملهمة وفريدة في المنطقة، معبراً عن اعتقاده أن دمشق ستنجح في هذا المسعى بسبب وجود إرادة دولية لإنجاح التجربة.

وبشأن الوضع الداخلي الراهن، قال المسؤول السوري: “بعد تحرير سوريا، تفاجأنا بحجم التدهور الموجود في المؤسسات السورية وإرث السياسة الخارجية، من علاقات سيئة مع دول الجوار، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة”.

وتابع: “أعدنا ثقة الشعب السوري بنفسه والتي ساهم النظام السابق بإضعافها (..) الشعب السوري اليوم ينظر إلى نفسه بثقة كبيرة في كافة المجالات”، مشيراً إلى “الإرث الثقيل الذي ورث من النظام السابق”.

وأشار إلى أن الحكومة السورية غير راضية عن الوضع الحالي، وأن الشعب السوري يستحق الأفضل، وأضاف: “ما حققناه خلال سنة يحتاج إلى الكثير من العمل لاحقاً”.

سوريا 2026

وأشار وزير الخارجية السوري إلى أن الحكومة السورية ستركز في العام 2026 والأعوام القادمة على الجانب الخدمي والاقتصادي، وأوضح أن القطاعات الأساسية انتعشت بالفعل بشراكات سعودية وقطرية وأميركية، وأن هناك رغبة كبيرة اليوم بالاستثمار في سوريا.

وأضاف أن بعض الأمور التي تحسنت في سوريا شملت “الطاقة والمواصلات والأمن والحرية السياسية والحقوق والمشاركة السياسية والانتماء”.

وتابع قائلاً: “لا زال لدينا تحديات كبيرة جداً في سوريا، وكل وزارة لديها خطة تطويرية في قطاعها”، واعتبر أنه بالمقارنة مع الماضي فقد “كان يُنظر إلى سوريا كمصدر للتهديد، أما اليوم فينظر لها كنموذج للإلهام والنجاح”.

كما شدد على أن الأعوام القادمة “سيكون فيها الكثير من الحماسة والانطلاقة نحو المستقبل”.

شاركها.