ينطلق منتدى “حوار شانجريلا” للشؤون الأمنية في سنغافورة، الجمعة، بمشاركة عدد من قادة العالم والدبلوماسيين وكبار المسؤولين العسكريين، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن ماكرون سيلقي الكلمة الافتتاحية، مساء الجمعة، خلال المنتدى الذي يستمر حتى الأول من يونيو، وأن من المتوقع أن تتناول كلمته تنامي نفوذ الصين، وتأثير الغزو الروسي لأوكرانيا، والتوترات المتزايدة في منطقة آسيا، بالإضافة إلى الضغوط التي تفرضها الرسوم الجمركية الكبيرة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حلفاء واشنطن في آسيا.

وهذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها هيجسيث منتدى “حوار شانجريلا”، الذي يستضيفه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وسط تصاعد حدة الخطاب بين بكين وواشنطن، بسبب تهديد إدارة ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة على الصين، إلى جانب شكوك إقليمية بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان، التي تواجه أيضاً احتمال فرض رسوم أميركية بنسبة 32%.

وتتمتع تايوان بحكم ذاتي ديمقراطي وتعتبرها بكين جزءاً من أراضيها وتطالب بالسيادة عليها، ولم يستبعد الرئيس شي جين بينج خيار “استخدام القوة” لاستعادة السيطرة عليها. وتواصل الصين إرسال طائرات وسفن وبالونات تجسس حول تايوان في إطار حملة مضايقات يومية، وفي الوقت الراهن، توجد حاملة طائرات صينية قبالة جنوب شرق الجزيرة.

اتلصين في شانجريلا

ورغم أن الصين عادةً ما ترسل وزير دفاعها إلى المنتدى، أعلنت أنها سترسل وفداً أدنى مستوى هذا العام، دون توضيح الأسباب.

وأعلنت وزارة الدفاع الصينية، الخميس، أن وفداً من جامعة الدفاع الوطني التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني سيشارك في المنتدى.

وخلال مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم الوزارة، تشانغ شياو قانغ، إن الوفد سيجري أيضاً زيارة للمؤسسات العسكرية والمدنية السنغافورية ذات الصلة.

ورداً على سؤال بشأن جدول أعمال الاجتماعات الثنائية للوفد الصيني والاجتماعات المحتملة لأعضاء الوفد مع نظرائهم الأميركيين خلال حوار شانجريلا، قال تشانغ إن التفاصيل المتعلقة بهذا الشأن سيتم الكشف عنها في توقيتها المناسب.

وأوضح أن الصين تولي اهتماما لعلاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة وتظل منفتحة على التواصل معها على جميع المستويات.

وصرح تشانغ للصحافيين قائلا: “نأمل أن يحترم الجانب الأميركي بجدية المصالح الأساسية للصين وشواغلها الرئيسية، وأن يسعى إلى التوافق مع الصين، وأن يعزز تنمية صحية ومستقرة للعلاقات العسكرية الثنائية”.

واشنطن تسعى لطمأنة الحلفاء

وقال هيجسيث للصحافيين قبل مغادرته إلى سنغافورة إن سياسات واشنطن تهدف إلى إثناء الصين عن غزو تايوان، مضيفاً: “نحن لا نسعى وراء صراع مع أحد، بما في ذلك الصين الشيوعية، لكننا سنبقى أقوياء لحماية مصالحنا، وهذا جزء كبير من هدف هذه الزيارة”.

وزيارة هيجسيث إلى سنغافورة هي الثانية له للمنطقة منذ توليه منصب وزير الدفاع، بعد زيارة أجراها في مارس إلى الفلبين، التي شهدت توترات مع الصين بسبب النزاعات في بحر الصين الجنوبي.

والزيارة، التي شملت أيضاً اليابان، وفرت قدراً من الطمأنة لحلفاء قلقين من سياسة خارجية أميركية باتت “أكثر انتقائية وأقل التزاماً”، بحسب “أسوشيتد برس”.

وتسعى واشنطن إلى تعزيز مفهوم “منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ”، من خلال تسيير سفن حربية بانتظام في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، الذي تطالب بكين بالسيادة عليه بالكامل تقريباً.

وقال مسؤولون أميركيون، الخميس، إن هيجسيث، سيحاول إقناع كبار مسؤولي الدفاع الآسيويين، بأن واشنطن شريك موثوق به للمنطقة أكثر من الصين، في وقت تدور فيه تساؤلات بشأن التزام إدارة الرئيس دونالد ترمب تجاه آسيا.

وذكر مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى، أن هيجسيث “سيقدم للحلفاء الآسيويين أسباباً مقنعة تجعل الولايات المتحدة شريكاً أفضل من الحزب الشيوعي الصيني”.

تركيز أوروبي على الاقتصاد

أما الاتحاد الأوروبي، فاعتمد نهجاً أكثر تركيزاً على الاقتصاد، إلا أن عدة دول أوروبية، مثل فرنسا، شاركت في مناورات لضمان حرية الملاحة، إذ أرسلت باريس مجموعة قتالية لحاملة طائرات في مهمة استمرت 5 أشهر عبر المنطقة، انتهت في أبريل.

فيما ترى فرنسا في استراتيجيتها للمحيطين الهندي والهادئ ضرورة الحفاظ على نظام عالمي قائم على القوانين، في مواجهة “تنامي قوة الصين ومطالباتها الإقلمية”، ومنافستها العالمية مع الولايات المتحدة.

وترتبط فرنسا أيضاً بعلاقات قوية مع المنطقة في ظل وجود أكثر من 1.6 مليون فرنسي يعيشون في أراضٍ تابعة لها هناك.

وخلال لقاء مع رئيس وزراء سنغافورة لورانس وونج، الجمعة، أكد ماكرون أن هناك مكاناً في المنطقة لأكثر من قوتين عظميين، قائلاً: “نحن لا نريد أن نكون تابعين لا للصين ولا للولايات المتحدة”. 

وأضاف ماكرون: “نريد التعاون مع الطرفين بما يخدم النمو والازدهار والاستقرار لشعوبنا ولنظام عالمي متوازن. وهذا بالضبط هو موقف كثير من دول وشعوب هذه المنطقة”.

وأكد وونج على وجهة النظر هذه، موضحاً أن سنغافورة والمنطقة لا تسعيان إلى تحالفات حصرية، بل إلى شراكات شاملة ومربحة للجميع.

تداعيات حرب أوكرانيا

ومن المتوقع أن يشدد ماكرون في كلمته لاحقاً على أن الحرب في أوكرانيا لها تداعيات عالمية، وأن روسيا تسعى “لزعزعة استقرار” آسيا، على ما أفادت الرئاسة الفرنسية.

وعلى الرغم من أن دولاً ديمقراطية في المنطقة؛ مثل: أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان تدعم أوكرانيا، فإن الصين أظهرت دعماً متزايداً لروسيا، كما أرسلت كوريا الشمالية جنوداً للقتال إلى جانب موسكو.

ويُعقد المؤتمر في وقت لا تزال تدور فيه الحرب في ميانمار، متسببةً في أزمة إنسانية تفاقمت جراء زلزال مدمر ضرب البلاد في مارس.

ويأتي المؤتمر في أعقاب اندلاع مواجهات مسلحة هذا الأسبوع على الحدود التايلاندية-الكمبودية، أدت إلى سقوط جندي كمبودي، قبل أن تعلن تايلاند احتواء الوضع سريعاً.

شاركها.