حذّر ائتلاف من مجموعات تجارية، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من أن الرسوم التي أعلنها مؤخراً بقيمة 100 ألف دولار على طلبات تأشيرة H-1B، تهدد بإلحاق ضرر بالاقتصاد الأميركي، وحضوا الإدارة الأميركية على تجنب التغييرات في برنامج العمالة الماهرة، والتي تفرض أعباءً إضافية على الشركات، وفق “بلومبرغ”، بينما أقام تحالف يضم مقدمي رعاية صحية وجماعات دينية وأساتذة جامعات وغيرهم دعوى قضائية فيدرالية، الجمعة، لوقف الرسوم الجديدة على التأشيرة.

وفي رسالة أُرسلت، الجمعة، إلى ترمب، قالت نحو 12 مؤسسة صناعية تمثل صانعي رقائق إلكترونية، وشركات برمجيات وتجار تجزئة، إن الرسوم الجديدة تهدد بـ”تقويض احتياطي المواهب بالغ الأهمية من العمال المهرة الأجانب، وترك الوظائف الحيوية شاغرة”.

وكتبت المجموعات: “نطلب من الإدارة العمل مع (شركاء قطاع) الصناعة على الإصلاحات الضرورية لبرنامج تأشيرة H-1B دون زيادة التحديات الكبيرة التي يواجهها أرباب العمل الأميركيون في توظيف وتدريب والاحتفاظ بأفضل المواهب”.

وحرصت الرسالة التي أُرسلت بعد أسبوعين من إعلان الرئيس زيادة رسوم تأشيرة H-1B، على الإشادة بجهود ترمب لجلب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة. 

وكان من بين الموقعين على الرسالة، تحالف برمجيات الأعمال، واتحاد صناعة أشباه الموصلات SEMI، والاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، ورابطة البرمجيات الترفيهية، ومجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات، وفق النسخة التي اطلعت عليها “بلومبرغ”.

وشركة إنتل، وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC، وشركة سامسونج للإلكترونيات، وشركة “أبلايد ماتيريالز” Applied Materials، وشركة KLA أعضاء في مجلس إدارة SEMI.

في المقابل، دافع متحدث باسم البيت الأبيض عن سياسة تأشيرة H-1B الجديدة، قائلاً إنها ستساعد الشركات الأميركية على الوصول إلى أفضل المواهب مع الحد من تداعيات “الممارسات الاحتيالية من قبل أطراف سيئة النية”.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، في بيان، إن “انتشار إساءة استخدام التأشيرات لا يضر العمال الأميركيين فحسب، بل يضر الشركات” التي تحتاج إلى توظيف مواهب من الدرجة الأولى.

“انتقاد نادر” لسياسة ترمب

وتمثل اعتراضات المجموعات التجارية “انتقاد نادراً” من دوائر الأعمال التجارية للسياسة الأميركية في ظل الإدارة الجديدة، بحسب “بلومبرغ”.

وكان ترمب أعلن عن تغييرات H-1B في البيت الأبيض الشهر الماضي، وفرض رسوم 100 ألف دولار كوسيلة للحد من التجاوزات في برنامج العمالة الماهرة مع دفع الشركات الأميركية إلى اللجوء أكثر إلى المواهب المحلية لشغل الوظائف.

وتهدد التكاليف المرتفعة الناجمة عن رسوم تأشيرة H-1B الجديدة، بضرب مجموعة واسعة من الصناعات، تشمل التكنولوجيا والرعاية الصحية والتمويل.

وطيلة سنوات اعتمدت شركات تشمل مايكروسوفت، وأمازون، و”وول مارت” على برنامج العمال المهرة لتعزيز صفوفها، لكن تغييرات البرنامج تعرض مخزون المواهب لديها للخطر.

وكتبت المجموعات أن القطاعات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والهندسة الطبية الحيوية ستحتاج إلى قوى عاملة عالية المهارة للحفاظ على وتيرة نموها في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن تغييرات H-1B تخاطر بالإضرار بالتقدم المحرز في تلك القطاعات الرئيسية. 

واعتبرت المجموعات التجارية، أن “النهج الجديد لتأشيرات H-1B، بصيغته الحالية، سيضر بأهداف الإدارة لضمان استمرار ريادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتنشيط نمو التصنيع، ودفع الطاقة المطورة في الولايات المتحدة”.

ويشارك ممثلون من شركة “وول مارت”، وشركة تارجت، وشركة ماسيز في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة NRF ومجلس إدارته.

وتُعد شركة “وول مارت” من بين المستخدمين الرئيسيين لتأشيرات H-1B في الولايات المتحدة، إلى جانب عمالقة التكنولوجيا والشركات الاستشارية. وبعد أن أعلن ترمب زيادة رسوم إلى 100 ألف دولار، حثت العديد من الشركات الكبرى الموظفين الحاصلين على التأشيرة على عدم مغادرة الولايات المتحدة.

وأكدت المجموعات أن كل من الصناعات الممثلة “مستعدة للعمل مع الإدارة” لتغيير برنامج H-1B، بحسب الرسالة التي أرسلت نسخ منها إلى وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، ووزير التجارة، هوارد لوتنيك، ووزير الخارجية، ماركو روبيو.

أول دعوى قضائية 

فيما يبدو أنه أول تحد حقيقي للرسوم الجديدة، رفع تحالف يضم مقدمي رعاية صحية وجماعات دينية وأساتذة جامعات وغيرهم دعوى قضائية فيدرالية، الجمعة، لوقف الخطة، قائلين إنها “أغرقت أرباب العمل والعمال والوكالات الفيدرالية في حالة من الفوضى”، وفق وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.

وقالت الدعوى، التي رُفعت أمام المحكمة الجزئية الأميركية في سان فرانسيسكو، إن برنامج H-1B هو مسار بالغ الأهمية حاسم لتوظيف العاملين في مجال الرعاية الصحية والمعلمين، لافتة إلى أنه يدفع الابتكار والنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، ويسمح لأرباب العمل بإيجاد شواغر وظائف في المجالات المتخصصة.

وقالت مؤسسة “الديمقراطية إلى الأمام” Democracy Forward، ومركز “العمل من أجل العدالة” Justice Action Center في بيان مشترك: “من دون إغاثة، ستفقد المستشفيات الطواقم الطبية، وستفقد الكنائس القساوسة، وستفقد الفصول الدراسية المعلمين، وستواجه الصناعات في جميع أنحاء البلاد خطر فقدان المبتكرين الرئيسيين”. 

وأضاف البيان: “تطلب الدعوى من المحكمة وقف الأمر على الفور واستعادة القدرة على التنبؤ لأصحاب العمل والعمال”.

ووفقاً للدعوى القضائية، فإن نحو ثلث العاملين في برنامج H-1B هم من الممرضات والمدرسين والأطباء والعلماء والقساوسة.

وبالنسبة للمستشفيات، يعتبر برنامج H-1B بالغ الأهمية لتوظيف الأطباء في المناطق الريفية التي تعاني من نقص العاملين في مجال الرعاية الصحية. 

وأشارت إدارة ترمب، في 22 سبتمبر الماضي، إلى أن الأطباء مؤهلون للحصول على إعفاءات من الرسوم الجديدة.

ويقول منتقدون، إن البرنامج هو خط إمداد للعمال الأجانب الذين غالباً ما يكونون على استعداد للعمل مقابل 60 ألف دولار سنوياً، وهو أقل بكثير من الرواتب التي تزيد عن 100 ألف دولار التي يتقاضاها عادةً العاملين في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

وكان الرئيس ترمب وقّع إعلاناً في 19 سبتمبر الماضي، يقضي بفرض الرسوم الجديدة، قائلاً إن برنامج تأشيرة H-1B “تم استغلاله عمداً لاستبدال العمال الأميركيين بعمالة أقل أجراً وأقل مهارة بدلاً من أن تكون مكملة له”. 

وتأسس برنامج تأشيرة H-1B من قبل الكونجرس لجذب العمال ذوي المهارات العالية، لشغل الوظائف التي تجد شركات التكنولوجيا صعوبة في شغلها. 

شاركها.