قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بوسطن للاستشارات BCG الأميركية إن انخراط شركته في إعداد خطط ما بعد حرب غزة، والتي شملت تقدير تكاليف تهجير سكان القطاع كان “مدمراً للغاية” لسمعة المجموعة، وتبرأ من المشروع، فيما أنهت مؤسسة “أنقذوا الأطفال” الخيرية البريطانية، التي تعمل في غزة، شراكتها مع المجموعة والتي دامت لأكثر من عقدين.

وسعى الرئيس التنفيذي للمجموعة كريستوفر شوايتزر للحد من تأثير الكشف عن انخراط الشركة في إعداد نماذج لتقدير تكاليف تهجير سكان قطاع غزة، والانخراط بشكل كبير في التخطيط لوضع نظام توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، والذي أدى لإنشاء “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تعمل تحت حراسة الجيش الإسرائيلي وبدعم متعاقدين أمنيين أميركيين، وقتلت إسرائيل في إطاره أكثر من 600 فلسطيني خلال محاولتهم الحصول على المساعدات.

وقال كريستوف شوايتزر إن هذا العمل كان “محظوراً بشكل كامل وإن الشركة تتبرأ منه تماماً”. واعتبر شوايتزر أن انخراط الشركة في هذه المشاريع كان “مخيباً للآمال بشكل عميق”، معتبراً أنه نتج عن “سلوك فردي متعمد، تم تسهيله من خلال استثناءات غير مبررة في الإجراءات، وتجاهل إشارات تحذيرية، وسوء تقدير في منح الثقة”، وفق ما نقلت “فاينانشيال تايمز”.

وتعهّد في رسالة وجهها إلى موظفي الشركة بإطلاق “جهد تصحيحي على مستوى الشركة بأكملها”. وأضاف: “بالنسبة لكثيرين حول العالم، وخاصة من هم من أصول فلسطينية، كانت هذه القضية مؤلمة للغاية ومحبطة بشكل عميق”.

وقال شوايتزر: “نشعر بذلك أيضاً. ونأسف بشدة لأننا خذلنا، ليس فقط معاييرنا الداخلية، بل أيضاً الثقة التي منحها لنا موظفونا، وعملاؤنا، والمجتمعات التي نخدمها حول العالم”.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة بوسطن للاستشارات إن الشريك المتورط في هذا المشروع “تجاهل التعليمات الواضحة، ومضى في المشروع على أي حال، وكون فريقاً صغيراً، بعيداً عن أعين الشركة، ونفذ أعماله بعيداً عن أنظمة بوسطن للاستشارات وموافقتها”.

وجاءت الرسالة وسط انتقادات دولية للمجموعة الاستشارية، ومخاوف من عملائها.

تكاليف تهجير الفلسطينيين

وكانت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية ذكرت في تحقيق السبت، إن مجموعة بوسطن للاستشارات، وضعت نماذج لتكاليف “تهجير الفلسطينيين من غزة”، ووقعت عقداً بعدة ملايين من الدولارات للمساعدة في تنفيذ مشروع حمل اسم “أرورا”، لتهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، قبل أن تنسحب من المشروع وتفصل اثنين من كبار الشركاء، بعد الكشف عن عملها على خطط بشأن مستقبل غزة بعد الحرب الإسرائيلية.

وذكرت الصحيفة البريطانية، أنها أجرت تحقيقاً كشف عن أن شركة الاستشارات الأميركية، ساهمت في تأسيس “مؤسسة غزة الإنسانية”، ودعمت شركة أمنية مرتبطة بها، ولكنها تخلت عن المشروع، وقامت بطرد اثنين من الشركاء في الشركة، الشهر الماضي.

وقال عدة أشخاص مطلعين للصحيفة، إن دور شركة الاستشارات المعروفة اختصاراً بـ BCG كان أكبر بكثير مما أعلنته، إذ أشاروا إلى أنه امتد لنحو 7 أشهر، بعقد بلغت قيمته 4 ملايين دولار.

 وأوضحت المصادر، أن أكثر من 10 أشخاص من الشركة انخرطوا بشكل مباشر في المشروع الذي حمل الاسم الكودي “أرورا” Aurora (الشفق القطبي)، بين  أكتوبر 2024 إلى نهاية مايو الماضي.

وزعمت شركة الاستشارات متعددة الجنسيات أن مسؤوليها التنفيذيين “تعرضوا للتضليل” بشأن طبيعة ما كان يحدث في المشروع.

أنقذوا الأطفال تقطع علاقتها بمجموعة بوسطن للاستشارات

وأبلغت إنجر آشينج الرئيسة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” الخيرية البريطانية موظفيها بأنها تشعر بـ”الفزع والانزعاج الشديد”، بعد علمها بأن شركة بوسطن للاستشارات قامت بوضع نماذج لتكاليف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

وأعلنت المنظمة أنها علّقت شراكتها مع بوسطن للاستشارات في 13 يونيو، أي بعد وقت قصير من اعتراف الشركة للمرة الأولى بتورطها في العمل مع “مؤسسة غزة الإنسانية”.

وفي رسالة وجهتها إلى موظفي المنظمة، قالت الرئيسة التنفيذية إنجر آشينج إنها “تحركت بسرعة للاجتماع مع قيادة بوسطن للاستشارات للمطالبة بتفسير”، فور انتشار التقارير عن تورط الشركة في التخطيط لإنشاء “مؤسسة غزة الإنسانية”.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” أول من كشف عن دور BCG في يونيو الماضي.

وأضافت آشينج: “في أعقاب ذلك، علقنا جميع الأعمال الجارية مع  بوسطن للاستشارات، في انتظار نتائج التحقيق الخارجي الذي تجريه الشركة”.

كما أشارت إلى أن منظمة أنقذوا الأطفال “تنتظر رداً رسمياً” بعد أن تواصلت مع مجموعة بوسطن للاستشارات، نهاية الأسبوع الماضي.

وتصف صفحة مخصصة على موقع شركة الاستشارات شراكتها مع Save the Children بأنها “علاقة فخر طويلة الأمد” تعود إلى عام 2006، وتشمل العمل سوياً على مجموعة من “المسائل الاستراتيجية والتشغيلية والتنظيمية”.

وتضمن عمل مجموعة بوسطن للاستشارات مع المنظمة دعماً بدون مقابل، وآخر منخفض التكلفة.

تحذير من أي نظام عسكري لتوزيع المساعدات في غزة

وقالت بوسطن للاستشارات في بيان: “نقدر علاقتنا طويلة الأمد مع Save the Children، ونأمل في مواصلة دعم عملهم الإنساني القيّم في المستقبل”.

وأكدت منظمة Save the Children أنها “حذّرت مراراً وبشكل علني من أن أي نظام توزيع مساعدات ذو طابع عسكري، مثل الذي أُنشئ في إطار مؤسسة غزة الإنسانية، سيؤدي إلى عواقب كارثية”.

وأضافت: “نواصل المطالبة بأن يكون إيصال المساعدات إلى غزة محكوماً بالمبادئ الإنسانية، وخالياً من أي تدخل سياسي. منظمة أنقذوا الأطفال لا تزال تعمل في غزة، كما فعلت منذ عقود، وهي على أتم الاستعداد لتقديم الدعم المنقذ للحياة”.

شاركها.