شروط تكبّل التفاهم بين “قسد” ودمشق
تتوارد الأنباء عبر مصادر رسمية في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حول موافقة مبدئية على الاندماج مع الجيش السوري الجديد الذي تتجه القيادة السورية الجديدة لتشكيله بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
قائد “قسد”، مظلوم عبدي، أبدى مرارًا استعداده الانخراط في اندماج عسكري مع المعارضة السورية، إذ قال في 20 من كانون الأول الماضي، لصحيفة “التايمز” البريطانية، إن قواته المكونة من 100 ألف عنصر مستعدة لحل نفسها، والانضمام إلى جيش سوريا الجديد.
من جانبه قال قائد “إدارة العمليات العسكرية” أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، إنه موافق على دمج جميع الفصائل العسكرية في سوريا تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، لكنه اشترط أن يكون هذا الاندماج على شكل أفراد لا مجموعات.
وقال خلال لقاء مع قناة “العربية” السعودية، إن “قسد” ستنضم لوزارة الدفاع السورية، لافتًا إلى أن إدارة العمليات العسكرية تتفاوض لـ”حل أزمة شمال شرقي سوريا”.
مقاتلون محليون لا أجانب
التصريحات بين “قسد” والإدارة السورية الجديدة تشير إلى المقاتلين الأجانب في “قسد” ممن ينتمون لأحزاب كردية مسلحة مدرجة على “لوائح إرهاب” دولية مثل “حزب العمال الكردستاني” (PKK) واشترط إقصائهم لاتخاذ خطوات تجاه الاندماج.
وفي 19 من كانون الأول، قال مظلوم عبدي في حديث لوكالة “رويترز“، إن المقاتلين الكرد الذين جاؤوا إلى سوريا من أنحاء الشرق الأوسط لدعم قواته سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار مع تركيا.
ويعد انسحاب المقاتلين الكرد غير السوريين أحد المطالب الرئيسية لتركيا المجاورة، التي تعتبر “قسد”، المهيمنة في شمال شرقي سوريا، تهديدًا لأمنها القومي، وتدعم حملة عسكرية جديدة ضدها.
وأضاف عبدي أنه على الرغم من وصول مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” إلى سوريا، لا يعني أن لقواته (قسد) روابط تنظيمية مع الجماعة.
وأشاد بالمقاتلين غير السوريين الذين ساعدوا “قسد”، المدعومة أمريكيًا، في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدى العقد الماضي، لافتًا إلى أن قتال التنظيم هو سبب قدومهم.
من جانبه اشترط أحمد الشرع وجود قواعد أساسية لحل المشكلة القائمة شمال شرقي سوريا وهي:
- ألا يكون هناك تقسيم في سوريا بأي شكل من الأشكال، حتى لو كانت بشكل فيدرالي.
- مغادرة المسلحين الأجانب الذين يتسببون بمشكلات لدول مجاورة.
- ينبغي أن يكون السلاح محصورًا بيد الدولة فقط.
ماذا تريد “قسد”
ما تريده “قسد” ليس حالة سرية بالكامل، إذ أعلنت “الإدارة الذاتية” وهي مظلتها السياسية، في “العقد الاجتماعي”، الذي كشفت عنه نهاية العام الماضي، عن شروطها لإقامة علاقات مع ما أسمتها “جمهورية سوريا الديمقراطية”.
وذكر “العقد الاجتماعي” في “المادة 120” إلى أن “شكل العلاقة في جمهورية سوريا الديمقراطية يحدد فيما بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرقي سوريا مع المركز، (دمشق)، والمناطق الأخرى على جميع المستويات وفق دستور ديمقراطي توافقي”.
ولفتت إلى أن هذا الأمر قابل للتعديل في حال تم التوافق على “دستور ديمقراطي” في سوريا.
واشترطت أيضًا أن يكون لـ”الإدارة الذاتية”مركز خاص، وعلم خاص يرفع إلى جانب علم “جمهورية سوريا الديمقراطية”.
الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا، سامر الأحمد، قال ل إن “الإدارة الذاتية” تفاوض لإبقاء مناطق شمال شرقي سوريا تحت سيطرتها وتحت شكل الإدارة المدنية والحوكمية والبلدية، والأمنية (الشرطية والاستخباراتية والعسكرية) بالتالي تتطلع لإبقاء “قسد” تحت ادارتها.
وشبه الباحث ما تريده “الإدارة الذاتية” بالنموذج القائم شمالي العراق (كردستان العراق)، كما تريد الحصول على 50% من الثروات ومثلها من إيرادات المعابر في المنطقة الشرقية، والحفاظ على كل شيء كما هو، مقابل رفع العلم السوري في مناطق سيطرتها.
واستبعد الباحث إتمام أي اتفاق من هذا النوع، معتبرًا أن الشرع رافض لبقاء أي سلاح خارج وزارة الدفاع، كما لن تسمح تركيا بإبقاء قوات “قسد” العسكرية على حدودها.
ووفق الأحمد، رفض أحمد الشرع أن يدخل “الائتلاف المعارض” و”هيئة التفاوض” بشكل مؤسساتي للمساهمة في عملية انتقال السلطة، واشترط دخولها على شكل أفراد، وهو ما ذكره الشرع في مقابلته مع قناة “العربية” السعودية.
الباحث قال إن الشرع رفض المؤسسات المعارضة التي تعتبر قريبة له نسبيًا، وبالتالي فـ”بالطبع لن يوافق على اندماج قسد كمؤسسة”.
مبادرة “الإدارة الذاتية”
في 16 من كانون الأول الحالي، أطلقت “الإدارة الذاتية” مبادرة للحوار مع “القيادة العامة” وتضمنت جملة من الشروط:
- الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية وحمايتها من الهجمات التي تشنها تركيا والفصائل المدعومة من قبلها.
- وقف العمليات العسكرية في كامل الأراضي السورية للبدء بحوار وطني شامل وبنّاء.
- اتخاذ موقف التسامح والابتعاد عن خطاب الكراهية والتخوين بين السوريين، والحفاظ على التنوع في سوريا على أساس ديمقراطي عادل.
- عقد اجتماع طارئ تشارك فيه القوى السياسية السورية في دمشق لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية.
- المشاركة الفعالة للمرأة في العملية السياسية.
- توزيع الثروات والموارد الاقتصادية بشكل عادل بين كل المناطق السورية، باعتبارها ملكًا لجميع أبناء الشعب السوري.
- ضمان عودة السكان الأصليين والمهجرين قسرًا إلى مناطقهم، والحفاظ على إرثهم الثقافي وإنهاء سياسات التغيير الديموغرافي.
- التأكيد على استمرار محاربة الإرهاب، لضمان عدم عودة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بالتعاون المشترك بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات التحالف الدولي.
- إنهاء حالة الاحتلال، وترك القرار للشعب السوري لرسم مستقبله وتطبيق مبدأ حسن الجوار.
ولم تعلن الإدارة في دمشق موقفًا واضحًا من طرح “الإدارة الذاتية” في حين لا تزال الأخيرة تخوض معارك مع فصائل “الجيش الوطني السوري” شرقي محافظة حلب، أسفرت عن فقدانها لمدن كانت تسيطر عليها على مدار السنوات الماضية.
شرطان رئيسيان
الشروط التي طرحها الشرع حول خروج المقاتلين الأجانب، والموافقة على سوريا موحدة، يدرجها الباحث سامر الأحمد بـ”شروط ما قبل بدء المفاوضات” إذ اعتبر أن أي تغيير لن يطرأ على مجريات الأحداث، قبل أن توافق “الإدارة الذاتية” عليهما.
ولم يستبعد الأحمد أن تحضر “الإدارة الذاتية” مؤتمر الحوار الوطني كأفراد، في حال وافقت على الشرطين اللذين طرحهما الشرع مسبقًا.
ولفت إلى أن عددًا من قادة “قوات سوريا الديموقراطية” و”المجالس العسكرية” التابعة لها يمكن ينضموا لوزارة الدفاع كأفراد، ومن الممكن أن يكونوا ضباطًا في الوزارة، لكن كأفراد مجددًا، وليس ككيانات.
واعتبر أن دمج المكونات العسكرية كمجموعات يعتبر خطيرًا على شكل الدولة، وهو المنطلق الذي يبحث فيه الشرع، وفق الباحث، إذ يشكل اندماج الميليشيات بالجيش على شكل مجموعات ما يشبه “دولة ميليشيات” كما هو الوضع في الحالة الليبية، والعراقية.
ويمكن النظر اليوم إلى وزارة الدفاع العراقية التي تضم داخلها قوات “البيشمركة” التي تعتر مستقلة من حيث القيادة، وسبق أن واجهت الجيش العراقي، كما تضم “الحشد الشعبي” الموالي لإيران، ولا يدين بالولاء للعراق.
ولفت الباحث إلى أنه من غير المعقول ضم فصائل مسلحة لوزارة الدفاع في حال كانت الحكومة تريد بناء دولة وطنية، إذ لا يمكن دمج “الجبهة الشامية” أو “السلطان مراد” أو “قسد” على سبيل المثال لا الحصر، بشكلها التنظيمي، ووضع الجيش أمام تهديد انقسام عسكري لاحقًا في حال نشب خلاف بين القادة.
على طريق حل الفصائل
وكانت “القيادة العامة” في سوريا، أعلنت رسميًا تعيين مرهف أبو قصرة، وزيرًا للدفاع في حكومة دمشق المؤقتة، وذلك بعدما أعلنت الاتفاق على حل جميع الفصائل العسكرية ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع، في 24 من كانونا لأول.
وذكرت “إدارة العمليات”، حينها، أن اجتماع قادة الفصائل الثورية مع قائد الإدارة الجديدة، أحمد الشرع، أسفر عن هذا الاتفاق.
وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة اجتماعات عقدها الشرع مع الفصائل العسكرية لمناقشة شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة.
الشرع أعلن في مؤتمر صحفي سابق مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن أنه خلال أيام ستشكل وزارة الدفاع، وسيعلن عن لجنة من قيادات عسكرية جديدة لرسم هيكلية جديدة للجيش القادم، وبدء حل الفصائل نفسها تباعًا والانخراط في الجيش، مع التشديد على عدم السماح بوجود سلاح خارج يد الدولة.
وأضاف أن هناك توافقًا مع غالبية الفصائل على أن تكون هناك قيادة موحدة، وتشكيل وزارة دفاع بعد انتهاء العمل العسكري.
وعلى مدار الأيام الماضية التي أعقبت سقوط النظام السابق، أكدت الوفود الدبلوماسية التي زارت دمشق على ضرورة حفظ الأمن، والحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، في ظل الدعوة إلى مشاركة كافة أطياف المجتمع السوري في المرحلة الانتقالية للبلاد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي