شكوك بوقوف النظام وراء إنشاء “مجلس عسكري” في السويداء
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بيانات تتحدث عن تشكيل “مجلس عسكري” لتوحيد الفصائل العسكرية المحلية في محافظة السويداء تحت قيادة واحدة، دون معلومات عن الجهات التي تقف خلف هذا التشكيل، أو الفصائل المنضوية تحته.
وقالت صفحة “السويداء ANS” عبر “فيس بوك”، إن الشخصيات القائمة على “المجلس” ادعت أمام الفصائل العسكرية في المحافظة أن الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، هو من طلب تشكيل المجلس، وأن تشكيله جاء بأوامر مباشرة منه.
ونقلت عن مكتب الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، أن الشيخ حكمت الهجري لا علم له بكل الدعوات التي وجهت باسمه من قبل القائمين على المجلس.
في حين قالت مصادر متقاطعة من السويداء ل، إنه لا وجود لأي مجلس عسكري على الأرض، إنما يقتصر نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي وحسب.
سليمان فخر، هو رئيس تحرير موقع “الراصد” المتخصص بتغطية أخبار محافظة السويداء، قال ل، إن أي مجلس عسكري حقيقي في بالسويداء يجب أن يكون مشكلًا من الفصائل المحلية المعروفة في المحافظة.
وقلل فخر من أهمية الإعلان عن تشكيل “المجلس”، معتبرًا أن لا فصائل ذات تأثير انضمت لـ”المجلس”، وأن التحركات في هذا الاتجاه مجرد “اجتهادات من أبناء المحافظة”.
تنظيم “غير مدروس”
ردًا على البيان الذي أعلن فيه تشكيل المجلس العسكري في السويداء، وورود اسم قرية الجنينة فيه، تنصلت الفعاليات الأهلية في قرية الجنينة من المجلس، وأعلنت موقفها عبر بيان نشره موقع “السويداء 24” المتخصص بتغطية أخبار المحافظة.
كما ورد اسم بلدة المزرعة في “المجلس العسكري”، وهي مسقط رأس الشيخ وحيد البلعوس، مؤسس حركة “رجال الكرامة”، وهو ما نفاه مصدر مقرب من ليث البلعوس، نجل الشيخ وحيد، ل.
فهد البلعوس، الابن الأكبر للشيخ الراحل وحيد البلعوس، قال ل، إن “مضافة الكرامة” (يقودها ليث البلعوس شقيق فهد) مع توحيد الجهود والتنظيم، لكن شرط أن يكون هذا التنظيم مدروسًا ولا يملك “خلفيات ونوايا سيئة”، ولا يضم أيضًا شخصيات تضر بمصلحة أبناء المحافظة تنعكس عليهم سلبًا وتصب في مصلحة النظام.
وأضاف، “التمسنا نوايا سيئة من إنشاء المجلس العسكري، إذ أعلن عنه عبر فيس بوك، وخرجت صفحة باسم مجلس القوى العسكرية في السويداء بشكل مفاجئ، دون معلومات عن الجهات التي تقف خلفها”.
ووفق البلعوس، فإن “المجلس” عبارة عن صفحة تدار عبر “فيس بوك” ولا أثر لها على أرض الواقع، كما لم يعلن بشكل واضح وصريح عن الجهات التي تقف خلف التشكيل، ما جعل أهالي المحافظة يعتبرونها حركة أمنية.
قائد “تجمع أحرار جبل العرب” سليمان عبد الباقي، نفى ل وجود “مجلس عسكري” على الأرض، معتبرًا أنها “معلومات خلبية”.
وبينما لم تعلّق بقية الفصائل العسكرية، والفعاليات على الحدث، حاولت التواصل مع قادة فصائل محلية للحصول على موقفهم من التشكيل الجديد، ولم تحصل على ردود حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
خطوات محيّرة
بدت التحركات الأمنية في محافظة السويداء غبر واضحة منذ منتصف نيسان الماضي، إذ سبق وأرسل النظام السوري تعزيزات عسكرية للمحافظة على شكل دفعات متتالية لم تعرف أسبابها حتى اليوم، وسط جهوزية الفصائل المحلية بالمحافظة.
ويعتقد الباحث السياسي المقيم في السويداء جمال الشوفي، أن التحركات الأمنية منذ نحو شهر في المحافظة بدت محيّرة لكل الأطياف، خصوصًا أن الغرض منها لا يزال مجهولًا.
الشوفي قال ل، إن التحركات المتتالية أدت لاستنفار السويداء بتركيبتها الأهلية والدينية والأمنية، والحراك السلمي القائم فيها منذ أكثر من نصف عام.
وأضاف الباحث أن المجموعات الأهلية المحلية استنفرت بوجه هذه التغييرات الطارئة على ساحة السويداء، لكن فيما يتعلق بتشكيل “مجلس عسكري” لم يظهر أي موقف معلن من قبل جهة معروفة سواء دينية أو عسكرية باتجاه هذا التشكيل.
ورجّح الشوفي أن يكون التشكيل المعلن عنه حديثًا ليس إلا “تلاعبًا بالمصطلحات” بهدف جر الحراك السلمي في السويداء إلى المنحى العسكري، لكن لا يزال هذا الطرح مرفوضًا بالمطلق لدى الجهات الفاعلة المحلية، مع تمسكها بحق الدفاع عن النفس، وفق الباحث.
وأضاف أنه من الصعب فعليًا عسكرة الحراك في السويداء، كونه مركّب على طبيعة مدنية، ومتمسك بهذه الطبيعة.
“مقاومة شعبية”
جميع المصادر التي تواصلت معها ومنها الباحث جمال الشوفي، ربطت ظهور “المجلس العسكري” بإعادة نشاط ما يعرف باسم “المقاومة الشعبية في السويداء”، وهي مجموعة عسكرية صغيرة موالية للنظام السوري.
الشوفي اعتبر أن الظهور المتزامن للتشكيلين العسكريين، يدلل على محاولة توجيه حراك السويداء نحو العسكرة، ويترك ظهور “المجلس العسكري” أمام شبهة لم تتمكن الجهات الفاعلة في المحافظة من التحقق منها.
وسبق لفصيل مسلح يحمل اسم “المقاومة الشعبية في السويداء” أن استهدف، في 23 من آذار 2022، سيارة مدنية على طريق دمشق- السويداء، ما أسفر عن مقتل طفل ووالده، ليعود بعدها بيوم ويقدم اعتذاره عما أسماه “خطأ”، ويسلّم عناصره المتورطين للأمن الجنائي، بحسب ما نقله “السويداء 24” حينها.
وفي منتصف نيسان 2022، أطلق فصيل “المقاومة الشعبية” سراح الطالب الجامعي ضياء أبو جهجاه، بعد أن احتجزه “عن طريق الخطأ”، في أثناء حملة بدأها ضد مروّجي وتجار المخدرات في المحافظة للمرة الثانية.
ومنذ منتصف نيسان الماضي، دفعت قوات النظام السوري بتعزيزات عسكرية نحو محافظة السويداء، بعد توتر استمر لأيام على خلفية احتجاز ضابط بقوات النظام كرد فعل على اعتقال طالب جامعي لانخراطه في الحراك السلمي المعارض في المحافظة.
وقال موقع “الراصد” حينها، إن خمس حافلات تحمل جنودًا، وثماني سيارات عليها رشاشات متوسطة من نوع “دوشكا”، وصلت للمدينة، سبقتها بساعات تعزيزات عسكرية مكونة من أربع حافلات متوسطة (فانات) وسيارتي دفع رباعي من نوع “هايلوكس”.
التعزيزات تبعتها أخرى قدمت إلى المحافظة خلال الأيام التالية في أعقاب التوتر الذي ساد المنطقة بعد احتجاز ضباط من قوات النظام من قبل مجموعات محلية.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي