وأنا أتصفح كعادتي صحيفة الأهرام الغراء ليوم الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك، جذب انتباهي مقال للكاتب الصحفي الصديق العزيز الأستاذ علاء ثابت، والذي كتبه تحت عنوان “صلةً الأرحام ورسالة حنين”. 

الأستاذ الفاضل بمقاله الرائع أرجعنا إلى الماضي البعيد والعصر الذهبي للعلاقات الاجتماعية والحنين، فمن منا لا يحن إلى تلك الحقبة من الزمن التي كانت فيها العلاقات العائلية المتينة سمة من سمات الحياة، فذكر الكاتب عند دخوله الجامعة أنه كان يحن لبلدته واتصاله بأهله عن طريق السنترال، والشوق إلى العيد كى يذهب إلى أهله ويجتمع معهم.

مررنا جميعا بهذه التجربة، فرغم بعد المسافة عن الأهل، إلا أن القلوب كانت قريبة، كنا نفكر في الإجازات لزيارة الأحبة وقضاء أوقات ممتعة في السهر والسمر نتبادل أحاديث وطرائف. 

يا صديقي العزيز؛ رغم محاسن التكنولوجيا والتقدم العلمي والمعلوماتي، إلا أننا حرمنا من الحنان والعواطف والتقارب، أصبح الهاتف بين أيادينا أداة للتنافر وسببا للتباعد لا للم الشمل، ويقال العيد لمة لكن بفضل هذه الأجهزة أصبح العيد مجلس صمت وفرقة، حتى في الأحزان والأفراح قليلا ما نشارك فقط برسالة كتابية أو صوتية، فنقول “نشارككم الأحزان” أو “ألف مبروك”، هكذا حال الدنيا اليوم.

صدقني يا أستاذ علاء، كنا نعرف من يسكن في المنطقة لسابع جار كنا نشارك الجميع في السراء والضراء، كانت مصيبة أحدهم مصيبتنا جميعا، وأفراحهم أفراح الجميع، كنا نساعد بعضنا البعض دون مقابل، والآن يا صديقي أصبحت اللقاءات بين الإخوة والأقرباء “رنة موبايل”. 

رغم بساطة الحياة آنذاك لكن القلوب كانت صافية، والعلاقات حميمية دون مصالح، كنا نعيش ببساطة دون تعقيدات الحياة التي نواجهها اليوم، الناس بسطاء والحياة هادئة هنية، لا نعرف الحقد والكراهية ولا نركض وراء المال والمصالح الشخصية، لم يكن لدى الناس كراهية وتجاه بعضهم أو فضول يدفعه الحسد تجاه غني أو مستور أو مشهور، كان الحب مجانيا وطوعيا، والأخلاق تسمو وحدها بمكانة الفرد بين أبناء مجتمعه، فياليت الحياة تعود بنا عقودا نستعيد فيها الود والطمأنينة والسكينة والرضا، ونسعد بأعيادنا الخالية الآن من بهجة حقيقية.

شاركها.