صحيفة بريطانية: مسؤول بجيش لبنان سرب معلومات حساسة لحزب الله
أفادت مصادر استخباراتية في تصريحات لصحيفة “ذا تايمز” البريطانية، بأن قائداً بالجيش اللبناني سرّب أسراراً لجماعة “حزب الله” خلال فترة اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ما هدد استقرار الهدنة التي أنهت عاماً من المواجهات المسلحة المفتوحة بين الطرفين.
ونقلت الصحيفة عن مصدر قوله، إن رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في جنوب لبنان، سهيل بهيج حرب، سرّب معلومات حساسة إلى الجماعة من داخل غرفة مراقبة أمنية تديرها الولايات المتحدة وفرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، المكلفة بحفظ السلام في المنطقة.
وقالت “ذا تايمز”، إن “الانتهاك المزعوم يأتي في وقت حرج لاتفاقية الهدنة المؤقتة”، مشيرة إلى أن تحدي القوات الإسرائيلية للمهلة المحددة للانسحاب من الأراضي اللبنانية، إذ تم تمديدها حتى 18 فبراير المقبل.
وكشف تقرير استخباراتي دولي، اطلعت عليه “ذا تايمز”، أن حرب، كان واحداً من عشرات الضباط في الجيش اللبناني الذين سربوا معلومات إلى “حزب الله” وأعطوه تحذيرات مسبقة بشأن المداهمات والدوريات، ما سمح للجماعة بنقل الأسلحة لتفادي العثور عليها.
مخاوف من “حزب الله”
وجاء في الوثيقة الاستخباراتية، حسبما نقلت الصحيفة البريطانية، أن “حزب الله استخدم معلومات داخلية حساسة متعلقة بالجيش اللبناني، لإخفاء أنشطته عن الجهات الدولية المسؤولة عن الأمن الإقليمي”.
وأثارت هذه التسريبات مخاوف بشأن قدرة الجيش اللبناني على السيطرة الفعالة على المناطق الجبلية الجنوبية، حيث كانت الجماعة اللبنانية (حزب الله) لسنوات عدة القوة السياسية والعسكرية المهيمنة، حسبما ذكرت “ذا تايمز”.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية، إن الجيش اللبناني “يقوم بدوره”، وأنه صادر بعض مخزونات الأسلحة في المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، لكن التسريبات التي قام بها حرب وضباط آخرون، مكنت مقاتلي “حزب الله” وأسلحتهم من البقاء بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
ويُزعم أن حرب، حضر اجتماعات في غرفة العمليات الدولية بناءً على إصرار القائد البارز في “حزب الله”، وفيق صفا، الذي يرأس ما يُعرف بـ “لجنة التنسيق والارتباط”، وفق الصحيفة.
وقالت “ذا تايمز”، إن صفا، نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية في بيروت في أكتوبر الماضي، وهي الفترة التي كثفت فيها إسرائيل هجماتها وقتلت الأمين العام السابق للحزب، حسن نصر الله، ومعظم قيادات الحزب العليا، إلى جانب القضاء على آلاف المقاتلين وكميات كبيرة من الأسلحة.
صدمة بعد “هزيمة مدمرة”
من جانبه، قال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، للصحيفة إن “هناك أكثر من عضو في الجيش اللبناني يسربون المعلومات إلى حزب الله”، موضحاً أن إزالة الحزب بالكامل من جنوب الليطاني “ليست مستحيلة، ولكنها ستستغرق وقتاً، لأن (حزب الله) لا يزال في حالة إنكار ولم يستوعب بعد صدمة هزيمته العسكرية المدمرة”.
وأضاف خشان: “حقيقة أن كبار قادة الجيش يحافظون على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة لا تمنع التعاون بين بعض ضباط الجيش، حتى على أساس فردي، مع حزب الله”.
وأكد أن بقاء “حزب الله” لا يعتمد على وجوده العسكري في الجنوب بقدر ما يعتمد على المكاسب السياسية التي حققها داخل النظام اللبناني خلال العقود الثلاثة الماضية.
وتابع خشان: “عناصر حزب الله في جنوب الليطاني هم من السكان الشيعة المحليين، ولا أعتقد أن إسرائيل تستطيع إجبارهم على الانتقال شمال الليطاني”.
وحذر بعض الخبراء من أن التعاون المزعوم بين “حزب الله” والجيش اللبناني، لن يتم القضاء عليه دون إجراء تغييرات جذرية تشمل تطهير القيادات العليا، بحسب الصحيفة.
يشار إلى أن المواجهات العسكرية التي اندلعت عبر الحدود منذ 7 أكتوبر2023، أودت بحياة أكثر من 3 آلاف شخص في لبنان، و72 في إسرائيل، فضلاً عن نزوح عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود.
وشنت إسرائيل حملتها العسكرية ضد “حزب الله” في لبنان، رداً على الهجمات الصاروخية التي أطلقها الحزب دعماً لحركة “حماس” في غزة.
ومع ذلك، تصاعدت الحملة إلى ضربات جوية، وتفجيرات عبر أجهزة الاتصال المحمولة، واجتياح بري قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية وفرنسية في نوفمبر 2024.
ونصت شروط الاتفاق على حظر العمليات العسكرية للحزب جنوب نهر الليطاني، الذي يبعد 25 ميلاً عن الحدود مع إسرائيل، فيما كُلف الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” بمهمة السيطرة على معاقل الحزب وقواعده ومصادرة أي أسلحة يتم العثور عليها.
وفي المقابل، كان من المقرر أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان بحلول صباح الأحد، لكنها أكدت أنها ستبقى حتى يتم “تنفيذ الهدنة بالكامل من قبل لبنان”، محذرة من أنها ستطبق الاتفاقية “بقبضة حديدية”.
ووفقاً لمصادر طبية، قتلت نيران القوات الإسرائيلية 22 شخصاً في جنوب لبنان، الأحد، من بينهم جندي، أثناء محاولات السكان العودة إلى منازلهم في اليوم الذي كان من المفترض أن تكمل فيه إسرائيل انسحابها بموجب الاتفاق.