صدمات وتحديات تعليمية.. آثار الحرب تلاحق أطفال سوريا

“من الحرب إلى أزمات متلاحقة، أطفالنا لم يعيشوا حياة طبيعية أبدًا، تخيل أن يحمل طفل صغير عبء مصاريف عائلته وأغراض مدرسته بنفسه”، قالت مفيدة أسعد (40 عامًا) ل، وهي أم لطفلين تقيم بمدينة جبلة في اللاذقية، وتعمل في مجال الخياطة، بعدما بُترت ساق زوجها في الزلزال الذي ضرب سوريا عام 2023.
وأضافت، “اعتاد طفلاي حسن (12 عامًا) ومحمد (13 عامًا) على ممارسة الأعمال الحرة في الصيف من أجل تأمين مستلزمات المدرسة، ومحمد يعمل حاليًا في فرن للمعجنات لإعالة الأسرة على مدار العام”.
ووفقًا لتقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في 25 من آذار الماضي، فإن أكثر من 75% من أطفال سوريا البالغ عددهم 10.5 مليون طفل قد وُلِدوا خلال الحرب التي استمرت 14 عامًا، فعاشوا طفولتهم بأكملها في ظل التهجير والعنف والدمار.
في حين يعيش 9 من كل 10 أشخاص تحت خط الفقر، والعديد من الأسر يضطرها اليأس وضيق اليد إلى اللجوء إلى تدابير مثل عمالة الأطفال وتزويج القاصرات.
وتنتشر عمالة الأطفال في مناطق متفرقة من سوريا، رصدت بعضها في دمشق، منها بيع الخبز على أطراف الطرقات، ومسح السيارات على إشارات المرور.
الحرب دمرت حياة الأطفال
قالت المديرة التنفيذية لـ”يونيسف”، كاثرين راسل، إن سنوات الحرب والعنف دمرت حياة أطفال سوريا، وعانى الكثيرون من صعوبات العيش طيلة سنوات حياتهم.
وشددت على الحاجة لمساعدة أطفال سوريا بشكل عاجل لضمان أن يتمكن كل طفل في سوريا، من استعادة طفولته والوصول إلى تعليم وعيش حياة خالية من العنف والخوف.
“نشأ أطفالي في المخيمات السورية في لبنان، لم نستطيع إرسالهم للمدرسة، بسبب حالتنا المادية الصعبة، والعنصرية ضد السوريين هناك”، قالت سوزان التركماني (38 عامًا) ل.
سوزان أم لأربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و11 عامًا، ورغم عملها وزوجها في بيع الحلويات، قررت تعليم أطفالها الكتابة والقراءة، إذ تخصص يوميًا ساعة ونصفًا لأطفالها.
وبعد سقوط النظام الأسد في 8 من كانون الأول عام 2024، تأمل سوزان بعد عودتها إلى سوريا بأن يلتحق أطفالها في المدارس، من أجل أن يحصلوا على مستقبل أفضل من مستقبلها وزوجها.
في 20 من تشرين الأول 2024، نشر فريق “منسقو استجابة سوريا” بيانًا حول الواقع التعليمي في شمال غربي سوريا، أشار إلى تدمير مئات المدارس وإخراجها عن الخدمة، بسبب الهجمات العسكرية من روسيا والنظام السوري السابق.
آثار نفسية
“أشعر بالعجز في كل مرة تختبئ ابنتي خلفي عندما تسمع صوتًا قويًا، ربما يكون صادرًا عن ألعاب نارية أو إغلاق قوي للأبواب، ابنتي تعاني من فوبيا الانفجارات، إذا لم يكن عمرها يتجاوز 5 سنوات عندما كانت تسمع قصف النظام السابق على مدينة داريا”.
تروي آلاء شربا (33 عامًا) من منطقة صحنايا، ل، معاناة ابنتها مع اضطراب ما بعد الصدمة، التي تسبب بها صوت انفجار البراميل في مدينتي داريا والمعضمية، ولاحقًا صوت الهجمات الإسرائيلية على سوريا.
وأضافت، “أطفالنا بحاجة إلى برامج دعم نفسي مجانية مقدمة من الحكومة، تعويضًا لما عايشوه خلال سنوات الحرب من مشاهد قاسية وأصوات مدافع، وفقر مدقع، هؤلاء الأطفال سيكبرون مع أزمات طفولة تضر بصحتهم النفسية مع التقدم في السن”.
وفي تقرير سابق نشرته منظمة “يونيسف”، في 15 من آذار 2022، أظهر أن ثلث الأطفال في سوريا يعانوا من علامات الضيق النفسي بما في ذلك القلق والحزن والتعب أو اضطرابات النوم المتكررة.
أخطار تلاحق أطفال سوريا
بحسب التقرير الذي نشرته “يونيسف”، في 25 من آذار، لا يزال 5 ملايين طفل على الأقل معرضين لخطر بقايا الحرب التي تنفجر بسبب وجود قرابة 300 ألف من البقايا القابلة للانفجار في جميع أنحاء البلاد.
- أكثر من 40% من أصل حوالي 20 ألف مدرسة في البلاد لا تزال مغلقة، ما يترك أكثر من 2.4 مليون طفل خارج الفصول الدراسية وأكثر من مليون في خطر ترك الدراسة.
- يعاني أكثر من 500 ألف طفل دون الخامسة من سوء التغذية المهدّد للحياة، وهناك مليونا طفل غيرهم على حافة سوء التغذية.
- تظل القدرة التشغيلية لتوفير المياه النظيفة عبر 14 محافظة في البلاد دون 50%، وتنخفض إلى 23% عندما لا تتوفر الكهرباء. كما يتم تصريف 70% من مجمل مياه الصرف الصحي في البيئة دون معالجة، ويجتمع هذان العاملان ليصنعا مزيجًا خطيراً على الأطفال.
دعوة للتركيز على الأطفال
دعت “يونيسف” قادة العالم خلال مؤتمر “بروكسل”، في 17 آذار عام 2025، إلى تبني نهج يركز على الأطفال في عملية التعافي وإعادة الإعمار.
وأشارت إلى أن هيجب أن تكون حقوق وعافية الأطفال في صميم جهود إعادة البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ويتضمن ذلك:
- حماية الأطفال بشكل فوري وتوفير الخدمات الأساسية، بما فيها المدارس والمستشفيات والبنى التحتية للمياه.
- الاستثمار في التعليم، وضمان أن يحصل كل طفل على تعليم آمن وجيّد وشامل للجميع.
- توسيع الوصول الإنساني لتقديم الدعم المنقذ للحياة للأطفال المحتاجين.
- الدعم الدولي المستمر نحو التعافي الشامل وإعادة بناء الأنظمة الأساسية، من الرعاية الصحية إلى المياه والصرف الصحي، بُغية تحقيق الاستقرار في هذا الوضع الهش.
وقالت المديرة التنفيذية لـ”يونيسف”، كاثرين راسل، “في هذه اللحظة نستشعر الأمل وعظم المسؤولية. الآن أوان العمل بحزم لإعادة البناء، ولحماية كل طفل والاستثمار في مستقبله في كل مجتمع محلي من مجتمعات البلاد”.
وأكدت “يونيسف” التزامها بالعمل مع الشركاء نحو التعافي وإعادة الإعمار عبر دعم الإصلاح المنهجي، وتطوير المؤسسات، وتوفير الخدمات الاجتماعية المستدامة والقابلة للتوسع، وفي الوقت نفسه، عبر تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لضمان ألا يتخلف أي طفل عن الركب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي