اعتبر الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أن اعتراف الحكومة السورية باستقلال جمهورية كوسوفو المعلنة من جانب واحد، هو أمر متوقع، نتيجة وقوعها تحت النفوذ التركي.

وجاءت تصريحات الرئيس الصربي، في حديث له مع الصحفيين خلال زيارة إلى أوزبكستان، في الأيام الماضية، نقلتها وكالة الأنباء الروسية (ريا نوفوستي)، الخميس 30 من تشرين الأول.

وقال فوتشيتش، “لقد اتضح لنا الآن مدى أهمية نهج الرئيس السابق بشار الأسد، المحب للحرية خلال قيادته لسوريا، فمن الواضح أنه عندما يصل إلى السلطة شخص يخضع لنفوذ تركيا الهائل، فإن هذا الاعتراف هو أمر متوقع”، بحسب تعبيره.

وأشار الرئيس الصربي، إلى أن وزير خارجيته، ماركو ديوريتش، كان موجودًا في الرياض يوم الثلاثاء، عندما تم إعلان اعتراف سوريا باستقلال كوسوفو، لافتًا أن ما حدث يشبه تمامًا ما حدث قبل عام، إذ لم يمنع حضور الوزير الصربي في أنطاليا التركية، السودان من الاعتراف بكوسوفو. وقال فوتشيتش إنه يرى “نمطا متشابهًا” في هذه الأحداث.

سوريا تعترف بـ “كوسوفو” دولة مستقلة

في 29 من تشرين الأول، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، اعتراف سوريا بجمهورية كوسوفو دولة مستقلة وذات سيادة.

وقالت إن ذلك جاء في إطار السياسة السورية الرامية إلى توسيع جسور التعاون والانفتاح مع مختلف دول العالم، وبما يخدم المصالح المشتركة.

وجاء ذلك، في بيان صادر عن الوزارة أن اعتراف سوريا بكوسوفو، أعلن خلال اجتماع ثلاثي عقد في العاصمة السعودية الرياض، وضم ممثلين عن سوريا والسعودية وكوسوفو، جرى خلاله بحث سبل تعزيز العلاقات والتفاهم المشترك وفتح آفاق التعاون الثنائي.

وقالت الخارجية، إن هذا القرار يأتي “انطلاقًا من إيمان سوريا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وحرصها على تعزيز مبادئ السلام والاستقرار في منطقة البلقان والعالم”، مؤكدة أن الخطوة تأتي ضمن سياسة “الانفتاح وتوسيع جسور التعاون” مع مختلف دول العالم.

وأعربت الوزارة عن “تقديرها العميق لجهود المملكة العربية السعودية ودورها البناء في تقريب وجهات النظر ودعم الحوار والتفاهم”، مشيرة إلى أن الرياض أسهمت في تهيئة الظروف المناسبة لاتخاذ هذا القرار. كما أعلنت دمشق تطلعها إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع بريشتينا في أقرب وقت، وتطوير التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وكانت الرئاسة السورية استخدمت في بياناتها الرسمية توصيف “رئيسة جمهورية كوسوفو” عند الإشارة إلى فيوسا عثماني، خلال لقائها بالرئيس الشرع في أنطاليا.

وهو لقاء جرى برعاية تركية في 11 من نيسان الماضي، وتواجد خلاله العلمان السوري والكوسوفي، وشكل أول تواصل رفيع المستوى بين الجانبين منذ إعلان كوسوفو استقلالها عام 2008.

الأسد رفض الاعتراف بكوسوفو

امتنعت سوريا خلال عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، عن الاعتراف باستقلال كوسوفو، متمسكة بموقفها الداعم لوحدة الأراضي الصربية، ومعارضة لأي تقسيمات على أسس دينية أو قومية، سواء في البلقان أو في الشرق الأوسط.

وأكد الأسد المخلوع، خلال لقاء مع وزير الخارجية الصربي آنذاك، فوك يريميتش، عام 2009 في دمشق، أن بلاده “ترفض الاعتراف بكوسوفو” وتدعو إلى حلٍّ سياسي للأزمة في المنطقة.

كما دعم الموقف السوري الجهود الدبلوماسية الصربية الرامية إلى الحفاظ على سيادة بلغراد ووحدة أراضيها، في وقت كانت فيه سوريا تترأس منظمة المؤتمر الإسلامي وتعمل على منع تمرير قرار كانت السعودية تسعى من خلاله لحث الدول الإسلامية على الاعتراف بكوسوفو.

ارتبط هذا التوجه السوري، بحسب محللين من كوسوفو، بتحالفات سياسية وثيقة مع روسيا وصربيا، وانسجم مع رؤية النظام السوري السابق الرافضة لمبدأ الانفصال، خشية انعكاسه على القضايا السورية المشابهة، مثل المسألة الكردية.

لماذا انفصلت كوسوفو؟

ضُمّت كوسوفو إلى مملكة يوغسلافيا بعد الحرب العالمية الأولى، لتخضع منذ ذلك الحين لسيطرة الصرب رغم مطالبة سكانها الألبان بالانضمام إلى ألبانيا، باعتبارهم جزءًا تاريخيًا منها.

واجه الألبان منذ تلك المرحلة سياسات تمييزية شملت ترحيل الآلاف ومنع تدريس اللغة الألبانية، بينما استمر الصرب بالسيطرة رغم كونهم أقلية.

تصاعدت التوترات بين الألبان والصرب خلال القرن العشرين، وبلغت ذروتها في حرب كوسوفو بين عامي 1998 و1999، حين اندلعت المعارك بين “جيش تحرير كوسوفو” المدعوم من “الناتو” والقوات اليوغسلافية والصربية، بعد اتهام الأخيرة بارتكاب مجازر وتطهير عرقي ضد المدنيين الألبان، ما تسبب بأزمة إنسانية ونزوح جماعي.

فشلت المفاوضات الدولية، فأطلق “الناتو” في آذار 1999 حملة قصف استمرت 78 يومًا، أجبرت بلغراد على الانسحاب بموجب معاهدة “كومانوفو”، التي نصت على استبدال القوات الصربية بأخرى دولية وعودة اللاجئين.

خلّفت الحرب نحو 13 ألف قتيل، معظمهم من الألبان، وهُجّر قرابة مليون شخص. خضعت كوسوفو بعد الحرب لإدارة الأمم المتحدة، واستمرت التوترات بين الألبان والصرب رغم انتشار قوات حفظ السلام.

وفي شباط 2008، أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا، واعترفت بها 110 دول، منها الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية، بينما رفضت صربيا وروسيا الاعتراف بها.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.