غادر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس، كوريا الجنوبية متوجهاً إلى الولايات المتحدة منهياً جولة آسيوية مطولة بدأها الأحد، وشملت ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية، أبرم خلالها صفقات نووية، واتفاقات معادن نادرة، واختتمها بلقاء قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينج، بدا أنه أنهى التوترات التجارية مع الصين.

وصعد ترمب على متن طائرته الرئاسية في مطار جيمهاي بمدينة بوسان، بعد لقاء استمر ساعة و40 دقيقة في قاعة الاستقبال بالمطار، مع شي جين بينج، والذي كان أبرز أحداث الجولة، ووصفه ترمب بأنه كان “لقاءً مذهلاً”، أعلن عقبه خفض التعريفات الجمركية على الصين، وانتهاء عوائق تصدير المعادن الصينية النادرة.

وغادر ترمب في 12:55 بالتوقيت المحلي لكوريا الجنوبية، على أن يصل الولايات المتحدة نحو 3 عصراً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة ما يعين أن الرحلة ستستغرق (16 ساعة و10 دقائق)، وينتظر أن يشارك في احتفالات الهالوين بالبيت الأبيض في الخامسة والنصف.

وفيما يلي أبرز أحداث الجولة التي استمرت 5 أيام، وبدأت برحلة طيران امتدت يوماً كاملاً، واستقل ترمب فيها الطائرة الأكبر بين طائرتين تشكلان أسطول “إير فورس وان”.

رحلة 23 ساعة بالطائرة وتوقف في ألمانيا وقطر

استغرقت رحلة ترمب من الولايات المتحدة إلى ماليزيا نحو 23 ساعة، إذا بدأها السبت، ووصل ماليزيا الأحد، وتوقفت طائرته للتزود بالوقود في قاعدة رامستين الأميركية بألمانيا، قبل أن تتوقف مجدداً في قاعدة العديد بالدوحة، حيث استقبل ترمب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على متن طائرته الرئاسية.

ورحب ترمب بأمير قطر، قائلاً إنه “أحد أعظم القادة في العالم”، مضيفاً أن “ما أنجزناه أمر مذهل، السلام في الشرق الأوسط”.

وأضاف ترمب: “نشكر دولة قطر، ولدينا شرق أوسط آمن الآن، ونريد أن يبقى كذلك”.

الوصول إلى ماليزيا

وفي ماليزيا، شهد ترمب توقيع “اتفاق كوالالمبور للسلام” بين كمبوديا وتايلندا لينهي البلدان نزاعاً حدودياً دامياً.

وجرى توقيع الاتفاق بعد وقت قصير من وصول ترمب إلى كوالالمبور لحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” في العاصمة الماليزية.

وألقى ترمب كلمة أمام مسؤولي البلدين، معتبراً أن هذا الاتفاق “مثير للغاية، لأننا أنجزنا شيئاً قال الكثيرون إنه مستحيل التحقيق”. وأضاف ترمب خلال توقيع الاتفاق أن هذه الخطوة “ستنقذ ملايين الأرواح”، مضيفاً: “أوقفنا 8 حروب خلال 8 أشهر”.

وقال ترمب لزعماء رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، الأحد، إن “الولايات المتحدة تقف معكم بنسبة 100%”، وستكون “شريكاً قوياً للمنطقة، ولأجيال عدة”.

كما وقع ترمب سلسلة من الاتفاقات للتجارة والمعادن مع 4 شركاء من جنوب شرق آسيا، الأحد، في مسعى لمعالجة الاختلالات التجارية وتنويع سلاسل التوريد، وسط توجه الصين لتشديد لقيود تصدير المواد الأرضية النادرة.

وأبرم ترمب اتفاقات تجارية متبادلة مع نظيريه الماليزي والكمبودي، بالإضافة إلى اتفاقية تجارية إطارية مع تايلندا تتعلق بمعالجة الحواجز الجمركية، وغير الجمركية.

والتقى ترمب مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، وعقدا “اجتماعاً إيجابياً”، اتفقا بعده على إطلاق محادثات تجارية، بعد أشهر من التوترات بين البلدين.

وقال ترمب إنه يتفاهم بشكل “جيد جداً” مع لولا، مشيراً إلى استعداده للتراجع عن الرسوم الجمركية التي فرضها على البرازيل في الأشهر الأخيرة، على خلفية الخلاف حول محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو.

استقبال حافل باليابان

وفي اليابان، حظي ترمب باستقبال حافل حيث التقى رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة ساناي تاكايتشي التي أثنت عليه مرات عدة خلال الزيارة، وهو ما بادله ترمب بثناء حار على رئيسة الوزارء المنتمية لليمين.

ووقّع ترمب وتاكايتشي، الثلاثاء، اتفاق تنفيذ لما وصف بـ”العصر الذهبي” للتحالف بين البلدين، وكان النص الموقع لا يتجاوز صفحة واحدة، كما وقعا اتفاقاً إطارياً لتأمين إمدادات المعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة.

كما وقعا اتفاقيات أخرى تشمل التعاون في تطوير مشاريع الغاز الطبيعي المسال بولاية ألاسكا ووقف استيراد الغاز الروسي المسال، إضافة إلى اتفاق يتعلق بواردات اليابان من فول الصويا الأميركي.

وزار ترمب حاملة الطائرات جورج واشنطن USS George Washington بالقاعدة البحرية في يوكوسوكا بوسط اليابان، وأكد خلالها أن التحالف مع اليابان أقوى من أي وقت مضى.

وقال ترمب إن “القوة الأميركية تزأر من جديد والولايات المتحدة يتم احترامها بمستويات لم نشهدها من قبل”. 

وتابع: “أوقفت الغزو على حدودنا الجنوبية، والآن لدينا أكثر حدود أماناً في تاريخنا”، وواصل حديثه عن “غزو” المهاجرين غير الشرعيين، وقال إن معدلات الجريمة انخفضت في المدن التي نشر فيها الحرس الوطني، وتابع: “لدينا مدن آمنة الآن”.

وأعلن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك عن التزام عدد من الشركات اليابانية باستثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 490 مليار دولار، في قطاعات التطوير النووي، وخدمات الهندسة والبناء، وأشباه الموصلات، والبنى التحتية للذكاء الاصطناعي.

وقال لوتنيك في مقر إقامة السفير في طوكيو: “هذه الصفقات مدفوعة بمبادرة الاستثمار الاستراتيجي اليابانية، التي وُلدت من خلال سياسة التعريفات الجمركية واتفاقية التجارة التاريخية مع اليابان.. لذا، كان هذا هو السبب الرئيسي وراء تمكننا من إبرام جميع هذه الصفقات اليوم”.

كما اتفقت اليابان والولايات المتحدة على اتفاق إطار مبدئي لبناء مفاعلات الطاقة النووية من الجيل الجديد مثل AP1000 ومفاعلات صغيرة SMRs، في خطوة تهدف إلى تمكين طوكيو من العودة إلى أسواق تصدير التكنولوجيا النووية.

كوريا الجنوبية.. تاج ووسام ذهبيين

ووصل ترمب الأربعاء، إلى كوريا الجنوبية، آخر محطات جولته الآسيوية، التي عقد فيها أبرز اجتماعاته مع الرئيس الصيني شي جين بينج.

ووصف ترمب جولته الآسيوية التي بدأت الأحد، من ماليزيا، بأنها كانت “رائعة حتى الآن”، وذكر أنه يتوقع تخفيض التعريفات الجمركية على الصين والمرتبطة بتهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.

وطلب الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج، الأربعاء، من ترمب السماح لكوريا الجنوبية بالحصول على وقود لتشغيل الغواصات النووية، مشدداً على أنه “سيعمل على زيادة الإنفاق العسكري لبلاده من أجل تخفيف العبء عن الولايات المتحدة”، فيما قال ترمب إنه “ملتزم بعملية السلام في شبه الجزيرة الكورية”.

وقدم الرئيس الكوري الجنوبي نسخة طبق الأصل من تاج ذهبي وميدالية ذهبية معروضة في متحف جيونججو الوطني إلى الرئيس ترمب.

وتمثل الميدالية وسام موجونجوا الأعلى في كوريا الجنوبية، وهو أرفع وسام في البلاد. ويعد ترمب أول رئيس أميركي يحصل على هذا التكريم.

وقال ترمب الخميس، إنه منح كوريا الجنوبية الموافقة على بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية، وهي خطوة كبيرة من شأنها أن تفتح الباب أمام سول لدخول ناد صغير من الدول التي تمتلك مثل هذه الغواصات.

اللقاء مع شي

وفي قاعة استقبال بمطار جيمهاي الدولي، عقد ترمب لقاءً مع شي جين بينج استمر 100 دقيقة، ووصفه بأنه كان “ممتازاً”، وأنجز فيه الكثير من الأمور.

واستمرّت القمة لمدة أقصر قليلاً مقارنةً بالقمم السابقة رفيعة المستوى بين زعيمي البلدين على هامش الفعاليات متعددة الأطراف. فقد كانت اللقاءات السابقة التي عُقدت على هامش قمم مثل “أبيك” و”مجموعة العشرين” تدوم أكثر من ساعتين، ووصل بعضها إلى 4 ساعات.

وبدأ اللقاء بمصافحة، قبل جلسة مفتوحة أمام وسائل الإعلام، تبادل فيها الزعيمان الثناء، إذ وصف ترمب شي بأنه قائد عظيم لبلد عظيم، وقال شي إن التنمية في الصين تسير جنباً إلى جنب مع رؤية ترمب لجعل أميركا عظيمة مجدداً، وأضاف: “قلت علناً إن الصين والولايات المتحدة يجب أن يكونا شريكين وصديقين، وهذا هو ما يحتاجه العالم”.

وبعد مغادرته، على متن إير فورس وان، أعلن ترمب أنه سيتم خفض الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين من 57% إلى 47، كاشفاً عن التوصل إلى اتفاق بشأن المعادن النادرة.

وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، إن الاجتماع مع شي كان رائعاً، وإنه جرى خلاله اتخاذ الكثير من القرارات المهمة، مشيراً إلى أنه يعتزم زيارة الصين في أبريل المقبل على أن يقوم نظيره الصيني بزيارة الولايات المتحدة في وقت لاحق لهذا التاريخ.

شاركها.