كشفت صحيفة “تليجراف”، السبت، أن الجيش البريطاني يصنّع طائرات مسيرة هجومية باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد صينية الصنع، في خطوة أثارت انتقادات حادة من خبراء أمنيين اعتبروا أن لندن “تسلم الصين مفاتيح الباب الخلفي لنظامها الدفاعي”.
ذكرت الصحيفة أن الجيش البريطاني يستخدم طابعات ثلاثية الأبعاد صينية الصنع في تصنيع الأسلحة، على الرغم من المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، مشيرةً إلى أن الجنود استخدموا هذه التكنولوجيا في صناعة طائرات انتحارية لتنفيذ مهام هجومية.
ويرغب ضباط في تدريب “فصائل كاملة” على استخدام هذه الطابعات، بما يمنحهم “إمداداً غير محدود تقريباً” من الأسلحة، غير أن خبراء أمنيين حذروا، السبت، من أن بريطانيا قد “تسلم الصين مفاتيح الباب الخلفي لأنظمتها الأمنية”، متهمين الحكومة باستخدام معدات صينية لتوفير التكاليف رغم المخاطر الأمنية.
ويرى خبراء أن قادة وزارة الدفاع “لم يتعلموا الدروس” بعد أن تم حظر شركة “هواوي” الصينية من شبكة الجيل الخامس في بريطانيا لـ”أسباب أمنية”.
وتأتي هذه التطورات في ظل تدقيق متزايد في علاقة بريطانيا مع الصين، بعد توقف قضية تجسس بارزة عُزي فشلها إلى رفض الحكومة تصنيف الصين كتهديد للأمن القومي البريطاني، الأمر الذي أثار خلافاً داخل البرلمان.
وأعلنت بريطانيا، الأسبوع الماضي، أنها خفّضت تعاونها العلمي مع الصين منذ “فضيحة التجسس”، مع سعي الوزراء إلى التركيز على مجالات “غير مثيرة للجدل” لا تنطوي على مخاطر أمنية.
طابعات ثلاثية الأبعاد
وذكرت “تيلجراف” أن جنوداً بريطانيين استخدموا طابعات ثلاثية الأبعاد محمولة من إنتاج شركة Bambu Labs خلال تدريبات عسكرية في كينيا مطلع العام، وصنعوا باستخدامها طائرات مسيّرة انتحارية (FPV)، ونشروها في مهمات هجومية.
وقال المقدم ستيفن واتس، قائد سرية في الجيش البريطاني، إن هذه الأسلحة “أثبتت فعاليتها”، مضيفاً أنه يود “امتلاك عشرات، إن لم يكن مئات، من طائرات FPV المصنعة ذاتياً، ما سيجعل القوة شديدة الفتك”.
وأضاف واتس لمجلة Soldier التابعة للجيش: “تخيل لو كان لدينا فصائل كاملة مدرّبة على استخدام هذه الأسلحة، ومزودة بإمداد شبه لا نهائي منها.. هذا سيضاعف القوة القتالية للجيش مرات عدة.. استخدمنا منصاتنا المصنعة ذاتياً بشكل محدود، لكنها قوية، حيث تطير بسرعة 190 ميلاً في الساعة لمدة 3 دقائق ونصف، ما يسمح لها بقطع 15 ميلاً، ويجعل اعتراضها صعباً للغاية”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة الصينية صنّفت الطباعة ثلاثية الأبعاد كـ”صناعة استراتيجية” تحصل على دعم حكومي واسع.
وبموجب قانون الاستخبارات الوطنية الصيني لعام 2017، يمكن إلزام الشركات بمشاركة البيانات مع الحكومة، بما في ذلك ملفات التشغيل والسجلات الزمنية.
تعزيز نفوذ الحزب الشيوعي
وقال لوك دي بولفورد، المدير التنفيذي للتحالف البرلماني الدولي حول الصين، إنه “ليس هناك شركات خاصة حقيقية في الصين، خصوصاً في الصناعات الاستراتيجية المدعومة”، معتبراً أن بكين تهدف عبر ذلك إلى تعزيز نفوذ الحزب الشيوعي الصيني في الداخل والخارج.
ووصف روبرت كلارك، الخبير الدفاعي، قرار استخدام شركة صينية لطباعة الأسلحة بأنه “مشين”، و”مخجل”، معتبراً أن وزارة الدفاع “لا تتعلم من الأخطاء”، وأضاف: “قد نكون نسلمهم مفاتيح الباب الخلفي لأنظمتنا الأمنية”.
وأشار كلارك إلى وجود “عجز قدره 2.5 مليار جنيه إسترليني” في ميزانية وزارة الدفاع العام المقبل، مضيفاً: “إنهم يفعلون الأمور بأقل تكلفة، ويفضلون اللجوء إلى الصين بدل الاستثمار في شركات بريطانية أو غربية أكثر أمناً”، وحذّر من أن هذا النهج “سيعود ليطارد الجيش والحكومة”.
وأعرب إد أرنولد، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة هو أقدم مركز أبحاث دفاعي وأمني في البلاد، عن قلقه من استخدام التكنولوجيا الصينية، مشيراً إلى تعاون الصين وروسيا وكوريا الشمالية في نقل التكنولوجيا،
وتابع: “الصينيون يستخرجون البيانات على الأرجح، ويسلمونها إلى الروس”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الصناعة أن الطباعة ثلاثية الأبعاد أصبحت “موضوعاً ساخناً” في المجال الدفاعي، خصوصاً بعد نجاح أوكرانيا في تصنيع طائرات مسيّرة على خطوط الجبهة.
وأردف: “الطباعة رخيصة وسريعة ويمكن إجراؤها في أي مكان، ولكن ما لا يدركه كثيرون أن كل طابعة ثلاثية الأبعاد تحتوي على كمبيوتر صغير وقوي، ولم تُعقد نقاشات عامة حول تداعيات ذلك أمنياً”.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية إن “حماية الأمن القومي هي أساس كل ما نقوم به.. لدينا إجراءات صارمة لحماية جميع المعلومات الحساسة، ولا يوجد دليل على أن طابعات Bambu Labs تخزن معلومات يمكن تمريرها إلى السلطات الصينية.. الطابعات غير متصلة بشبكة الدفاع، ولا تُستخدم لإنتاج مواد حساسة”.
وأشار مسؤولون في الوزارة إلى أنهم يتعاملون بجدية مع أي ادعاءات، ويبحثون جميع التهديدات المحتملة للأمن القومي.
