– وسيم العدوي
بإجمالي مساهمات دولية تبلغ أكثر من 374 مليون يورو، يستمر صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا (SRTF) في تنفيذ مشاريعه بقطاعات المياه والكهرباء والصحة والتعليم والأمن الغذائي ورفع الأنقاض والخدمات البلدية والزراعة، ودعم سبل العيش بما في ذلك تمويل المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة في مختلف المناطق السورية.
صندوق “SRTF” أسسته مجموعة أصدقاء الشعب السوري في أيلول عام 2013، بمشاركة ثلاثة مانحين أساسيين هم ألمانيا والإمارات وأمريكا، وهو صندوق متعدد المانحين يهدف إلى تمويل مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، ويعمل على توجيه منح التمويل من المجتمع الدولي بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة.
أجرت حوارًا في دمشق مع المدير التنفيذي للصندوق، هاني خباز، الذي قال إن “أكثر من 16 مليون شخص استفادوا من المشاريع التي مولها الصندوق منذ عام 2014، وذلك من خلال أكثر من 135 مشروعًا تم تنفيذها في أكثر من 450 مجتمعًا (قرية أو مدينة) في محافظات حلب وإدلب وحماة والرقة ودير الزور والحسكة ودرعا والقنيطرة، عبر مراحل مختلفة خلال سنوات الثورة.
وتتمثل المساهمات المالية المستلمة من قبل الصندوق حسب الحجم حتى أيار الماضي بـ:
- ألمانيا 106.68 مليون يورو.
- الولايات المتحدة 63.45 مليون يورو
- اليابان 56.36 مليون يورو.
- الكويت 41.93 مليون يورو.
- الدنمارك 28.07 مليون يورو.
- فرنسا 25 مليون يورو.
- الإمارات العربية المتحدة 18.71 مليون يورو.
- مساهمات بمبالغ من 10.29 مليون يورو إلى 3.40 مليون يورو من قبل المملكة المتحدة وهولندا والسويد وفنلندا وإيطاليا.
كما انضمت تركيا والأردن إلى الصندوق كدول مضيفة لعملياته.
تحت إشراف بنك التنمية الألماني
أكد المدير التنفيذي لصندوق الائتمان أن كل ما تم تقديمه من قبل الدول أعضاء مجلس إدارة الصندوق هو منح دون مقابل.
وقال إن البنك المؤتمن الذي يراقب عمليات الصرف والمحاسبة والتدقيق وتطبيق معايير الشفافية والنزاهة في الصندوق هو بنك التنمية الألماني (KfW)، وهو ذات البنك الذي نفذ خطة “مارشال” بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة إعمار ألمانيا.
وعادة ما يتم انشاء الصناديق الائتمانية الدولية لإعادة الإعمار إما ضمن البنك الدولي أو الأمم المتحدة، وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تأسيس صندوق ائتمان لإعادة إعمار بشكل مستقل عن البنك الدولي والأمم المتحدة، بهدف الحرص منذ تأسيسه على عدم سيطرة النظام السابق على الصندوق أو الاستفادة منه بأي شكل كان، وفقًا لإرادة مؤسسيه.
مكتب في دمشق وتنسيق مع الحكومة السورية
باشر الصندوق بعد سقوط النظام السابق تكثيف عملياته ومشاريعه في مناطق جديدة لم يكن موجودًا فيها سابقًا بحمص وحماة والسويداء وطرطوس واللاذقية، إلى جانب باقي المحافظات التي أقام فيها مشاريع بالسنوات الماضية، وقال خباز إن الصندوق افتتح مكتبا تنفيذيًا بدمشق، وهو بصدد توسيع عمله بالمناطق الجنوبية والوسطى والساحلية.
صندوق الائتمان يعمل على إعادة إنعاش الاقتصاد السوري وليس تحقيق المنفعة المادية حسب خباز، وهناك تواصل على أعلى المستويات مع الحكومة السورية، وكل المشاريع التي يهتم الصندوق بإقامتها سيتم مواءمتها مع السياسات الحكومية، بعد معرفة أولويات العمل القصوى للتركيز عليها.
وتابع خباز أن هذه المرحلة لا تحتاج إلى التنافس في مجال المشاريع والتمويل لتقديم الخدمات وتأهيل البنى التحتية، بل إلى تحديد الأولويات والتكامل والتعاون مع جميع الجهات الحكومية والأممية.
برنامج الإقراض الميسر
برنامج الإقراض الدوار الميسر لدعم رواد الأعمال الذي بدأ الصندوق بتنفيذه منذ عام 2020 لدعم المشاريع متناهية الصغر والصغيرة حقق نجاحًا كبيرًا، بحسب المدير التنفيذي للصندوق.
وقال خباز، “فوجئنا بمدى الالتزام من المقترضين بالبرنامج والسداد، وتم تنفيذ عدة مراحل منه في المحافظات، وارتفعت ميزانية البرنامج من مليون إلى 15 مليون يورو، وحتى اليوم تم اعتماد حوالي 4500 قرض دوار أي عند سداد قرض يتم إقراض شخص آخر”.
وتتراوح قيمة القروض بين 500 و5000 دولار، وهناك شريحة صغيرة يتم العمل عليها حاليًا، تصل قيمة القروض الممنوحة لها إلى 60,000 دولار، لإقامة مشاريع في القطاع الزراعي والأمن الغذائي، مع إدخال بعض التقنيات الحديثة مثل شبكة الري الحديث بالتنقيط لمشروع زراعي.
وتصل فترات السداد لحوالي السنتين مع فترات سماح مناسبة، وفقًا لنوع المشروع وقيمة القرض.
وأوضح أن آلية الإقراض تقوم بتقديم خدمات غير مالية مثل التدريب وبناء قدرات المقترضين، حرصًا على مساعدتهم لضمان نجاح أعمالهم.
مواءمة العمليات مع المركزي السوري والمصارف
بدأ الصندوق بالتواصل مع البنوك التي تقدم هذا النوع من القروض لبحث إمكانيات التعاون، وعدم التعارض مع ما تقدمه من منتجات مالية وغير مالية، والاطلاع على الآليات والضوابط التي يضعها مصرف سوريا المركزي.
قال خباز إن المناطق المحررة خلال الثورة لم يكن فيها وجود للمركزي، ولم يكن استخدام الليرة السورية الزاميًا، أما حاليًا فهناك وضع مختلف ويجب استخدام العملة الوطنية، علمًا أن القروض التي تم منحها قبل التحرير كانت بالدولار ويجب أن تسدد كذلك، ومن هنا تبرز الحاجة للمواءمة مع المركزي السوري والمصارف.
تأهيل 7000 منزل في الرقة ودير الزور
نفذ الصندوق برنامجًا في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم “الدولة” في الرقة ودير الزور شمال شرقي سوريا عبر خمس مراحل، تم فيها إعادة تأهيل أكثر من 7000 منزل، ودعم تمويل مشاريع إنتاجية متناهية الصغر بإقراض ميسر وتأمين الخدمات الأساسية والأمن الغذائي ووصل المنازل بشبكات الكهرباء والمياه.
واستهدف البرنامج المجتمع المحلي والعائدين من المخيمات بما في ذلك مخيم “الهول”، وقال خباز، “لم يكن لدى الكثير من هذه العائلات معيل وغالبيتها مكونة من ربة منزل والأولاد وليس لديها مأوى، في ظل وجود نظرة سلبية من المجتمع لها”.
وقام الصندوق بتأمين مشاريع صغيرة مولدة للدخل للعائلات التي لديها ظرف اجتماعي أو فقدت أحد المعيلين، لدعم سبل العيش.
وذكر خباز أنه نظرًا لتحمل المرأة عبئًا كبيرًا خلال سنوات الثورة، تم التركيز على مساعدتها في الكتلة الكلية للقروض بنسبة 30% والشباب بـ20%.
الصندوق عمل على تقدير احتياجات هذه العائلات، فمن لديه حديقة صغيرة تم مساعدته بالزراعة، ومن ليس لديه مساحات واسعة من الأرض تم تقديم حلول بالزراعة المائية له لتحقيق مردود أعلى بأقصر مدة، وتم تقديم بعض الدواجن، وإصلاح مضخات محطات المياه المعطلة، وتنظيف وتأهيل قنوات الري لخدمة هذه المجتمعات.
دعم مزارعي القمح
أوضح خباز أن الصندوق دعم 15,000 مزارع قمح في محافظتي الرقة ودير الزور منذ عام 2018 وحتى الآن، بمساحة تزيد على 42,000 هكتار، من خلال مشروع متعدد المراحل، شمل مستلزمات الإنتاج والمعدات والدعم الفني ومراكز الميكنة، بتكلفة إجمالية بلغت 50 مليون دولار أمريكي.
وبحلول موسم الحصاد الماضي (2024)، أنتج المزارعون أكثر من 330 ألف طن متري من القمح، بقيمة سوقية تجاوزت 110 ملايين دولار أمريكي، عدا عن دخل الفلاحين من بيع القش ودخل الجمعيات الفلاحية مقابل الخدمات التي تقدمها مراكز الميكنة، كما تم تنفيذ مشروع مماثل في شمال حلب.
وقدم الصندوق للفلاحين أصنافًا سورية من بذور القمح الصلب، لضمان إنتاج محاصيل عالية الجودة ومستدامة في سوريا.
ويرى خباز أن عمل الصندوق على تدريب الكفاءات وتقديم الخدمة العامة أثمر بعد تحرير سوريا كاملة، حيث تستعين وزارة الاقتصاد والصناعة حاليًا بالطواقم والكوادر في مؤسسة الحبوب التابعة للحكومة المؤقتة سابقًا والذين عمل الصندوق على زيادة كفاءتهم وسويتهم وخبراتهم منذ عام 2014 وتم رفدهم بالاستشاريين وأنظمة المحاسبة والمشتريات والتعيينات والشؤون الادارية.
أمثلة أخرى على مشاريع للصندوق
أطلق الصندوق منذ نحو خمسة أشهر مشروعًا صغيرًا لتعزيز “إنتاجية ومرونة واستدامة تربية الماشية في المجتمعات الريفية بالسويداء”، بهدف تحسين ممارسات إدارة الثروة الحيوانية لدى مالكي الماشية والمزارعين، والممارسات البيطرية، وإنتاج السماد، مع ضمان ممارسات زراعية مستدامة، من خلال زيادة إنتاجية الثروة الحيوانية، وتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
وبلغت الميزانية الإجمالية للمشروع حوالي 159,000 يورو، ومن المتوقع أن يستفيد من المشروع 115 فردًا بشكل مباشر و250 فردًا بشكل غير مباشر على مدى تسعة أشهر
لأول مرة، وبعد سقوط النظام السابق، اعتمد صندوق إعادة إعمار سوريا مشروع “دعم الزراعة في المجتمعات الريفية بطرطوس”، ويهدف إلى تحسين سبل عيش المزارعين وقدرتهم على الصمود، مع إعطاء الأولوية للأسر التي يعيلها النساء والشباب.
وتبلغ ميزانية هذا المشروع حوالي 434,118 يورو، ومن المتوقع أن يستفيد منه بشكل مباشر 700 فرد و3500 فرد آخر من أسرهم بشكل غير مباشر على مدى ستة أشهر.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي