أعلن صندوق النقد الدولي الاتفاق مع سوريا على برنامج مكثف للتعاون خلال المرحلة المقبلة، وذلك في ختام زيارة فريق من موظفي الصندوق إلى دمشق خلال الفترة من 10 إلى 13 من تشرين الثاني.

وبحسب بيان نشره الصندوق اليوم الاثنين، 17 من تشرين الثاني، فإن الاقتصاد السوري يظهر بوادر تعافٍ، وتمكنت الحكومة السورية، رغم التحديات العديدة التي تواجهها، من اعتماد سياسة مالية ونقدية صارمة بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي.

ترأس البعثة رون فان رودن، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى سوريا، والتقى فريق الصندوق وزير المالية السوري محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، إضافة إلى مسؤولين حكوميين آخرين، في سلسلة اجتماعات وُصفت بالـ“الصريحة والبنّاءة”.

وبحسب البيان، فإن المناقشات تطرقت إلى إعداد موازنة عام 2026، وسط تأكيد من الصندوق على ضرورة “توسيع الحيّز المالي” لتلبية الاحتياجات الأساسية، وفي مقدمتها الإنفاق الاجتماعي للفئات الأكثر هشاشة.

وأشار البيان إلى أن الصندوق سيقدم دعمًا فنيًا في ثلاثة محاور أساسية:

  • تحسين إدارة المالية العامة والإيرادات.
  • وإنجاز القانون الضريبي الجديد.
  • ووضع استراتيجية لمعالجة الديون القديمة وتعزيز إدارة الدين العام.

وركز الصندوق على ضرورة صياغة نظام ضريبي “بسيط وسهل الإدارة”، محذرًا من الإعفاءات الواسعة والثغرات التي تتيح التهرب الضريبي، خاصة مع سعي الحكومة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الاقتصادية وإبرام مشاريع كبيرة مع القطاع الخاص.

ووصف وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، بيان صندوق النقد في منشور عبر حسابه في “فيسبوك” أنه يظهر إشادة بما تقوم به السلطات السورية من إصلاحات اقتصادية، ومالية “رشيدة مكنت من وضع الاقتصاد السوري على مسار التعافي الاقتصادي”.

وأضاف برنية أن البيان يرسم “خارطة طريق حول الإصلاحات التي يتعين استكمالها في الأشهر القادمة”.

إعادة تأهيل النظام المصرفي

وبالتوازي مع المسار المالي، ناقشت البعثة مع مصرف سوريا المركزي إعادة بناء إطار للسياسة النقدية يتيح الوصول إلى معدلات تضخم “منخفضة ومستقرة”، وفق ما ورد في البيان.

وتعهد الصندوق بتقديم مساعدة فنية في ثلاثة اتجاهات:

  • صياغة تشريعات جديدة للقطاع المالي.
  • إعادة تأهيل نظام المدفوعات والمصارف لضمان قدرتها على أداء دورها في الوساطة.
  • إعادة بناء القدرات داخل المصرف المركزي لتنفيذ السياسات النقدية والإشراف على النظام المالي.

ولفت البيان إلى أن “شحّ البيانات الاقتصادية الموثوقة” يبقى من أبرز العوائق أمام صياغة سياسات اقتصادية قابلة للتطبيق.

وستتركز المرحلة الأولى من الدعم الفني على تطوير الحسابات الوطنية، على أن يمتد لاحقًا ليشمل بيانات الأسعار، وميزان المدفوعات، والتمويل الحكومي، والإحصاءات المالية.

ويُعد هذا المسار شرطًا ضروريًا، بحسب الصندوق، لعودة مشاورات المادة الرابعة التي توقفت منذ 2009، والتي تمثّل القناة الأساسية لتقييم وضع الاقتصاد السوري من قبل المؤسسة الدولية.

وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء، وتتم في العادة على أساس سنوي.

ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد، وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريرًا يشكل أساسًا لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص.

وأكدت البعثة في بيانها التزام الصندوق بدعم “إعادة تأهيل الاقتصاد السوري والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية”، مشيرة إلى أن النقاشات تضمنت “خرائط طريق مفصلة” لإصلاح القطاع المالي، وتسهيل تنسيق الحكومة مع الشركاء الدوليين.

سعي لمنحة بمليار دولار

تسعى سوريا للحصول على منحة بمليار دولار من البنك الدولي، وذلك خلال مشاركتها لأول مرة منذ أكثر من عقد في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأمريكية واشنطن.

ويرأس الوفد السوري وزير المالية محمد برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، ما يعكس رغبة دولية متزايدة في إعادة دمج سوريا بالنظام المالي العالمي.

وعبر منشوراته في “لينكد إن”، قال وزير المالية السوري، في 18 من تشرين الأول الماضي، في اجتماع مع نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التمويل الإنمائي أكيهيكو نيشيو، إن سوريا تسعى للحصول على نحو مليار دولار من البنك الدولي على شكل منح (لم يحدد عددها) في السنوات الثلاث المقبلة.

وتركز النقاش بين الجانبين حول “مكونات المنح التي يمكن أن تحصل عليها سوريا في الفترة المقبلة، والشروط المرتبطة بذلك”، وهو ما عقب عليه برنية بالقول إن هناك “وضوحًا بالخيارات لدى سوريا”.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.