قرر الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، تحويل المزيد من موارده إلى الدول الأشد فقراً؛ لمساعدتها على إدارة التخفيضات في المساعدات الخارجية، محذراً من اتساع التفاوت في الخدمات الصحية عالمياً.
وأعلن المدير التنفيذي للصندوق بيتر ساندز، تحقيق ما سماه “إنجاز استثنائي” يتمثل في إنقاذ حياة 70 مليون شخص منذ تأسيس الصندوق عام 2002.
وفي أقل من ربع قرن، خفضت شراكة الصندوق العالمي مع القيادات الدولة والمجتمعات المحلية المتضررة والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، معدل الوفيات المجمعة الناجمة عن الإيدز والسل والملاريا بنسبة 63% وخفضت معدل الإصابة مجتمعة بنسبة 42%.
وقال ساندز، في تصريحات للصحافيين في لندن، قبيل صدور تقرير نتائج الصندوق العالمي لعام 2025، الأربعاء: “وهذا يدل على أنه من خلال الأدوات المناسبة والشراكات القوية والاستثمار المستدام، يمكننا تغيير مسار الصحة العالمية نحو الأفضل”.
وأضاف: “لكن في البيئة الجيوسياسية سريعة التغير اليوم، لا يوجد مجال للرضا عن الذات، ويجب على مجتمع الصحة العالمي أن يتحرك بشكل أسرع للحد من التشرذم، والقضاء على الازدواجية، وتسهيل عمل البلدان معنا”.
وأكد ساندز التزام الصندوق بالتغيير الجريء وتعظيم كل دولار، والاستجابة للاحتياجات المتغيرة للبلدان، وتسريع التحول إلى النظم الصحية التي تقودها البلاد المتضررة والممولة وطنياً.
ويحاول الصندوق، وهو إحدى أكبر المبادرات الصحية العالمية، جمع 18 مليار دولار لجهوده في الفترة من 2027 إلى 2029، لكنه يواجه تحديات صعبة في التمويل، مع تراجع العديد من الحكومات المانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، عن تقديم المساعدات.
ونبه بالفعل بعض الدول إلى أن منحها الحالية للفترة من 2025 إلى 2026 قد تُخفّض نتيجة لذلك.
وأوضح ساندز: “نوجّه مواردنا بشكل أكبر إلى الدول الأشد فقراً. نحن قلقون تحديداً بشأن الأماكن التي لا يوجد فيها بديل حقيقي”، مشيراً إلى دول مثل السودان الذي يعاني من أزمة إنسانية بعد عامين ونصف العام منذ اندلاع الحرب الأهلية.
وأضاف أن بعض الدول ذات الدخل المنخفض أحرزت تقدماً كبيراً في التصدي للأمراض المعدية في السنوات الماضية، كما يحاول العديد منها الآن حشد التمويل المحلي لمواجهة التخفيضات الدولية.
وأشار ساندز إلى أن البعض لا يملك هذا الخيار، موضحاً أن “هناك بعض المناطق في العالم التي تعاني من مزيج شرس من الفقر، والصراع، وتغير المناخ، والمرض، وفكرة أن نترك تلك المناطق من العالم تعتمد على قدراتها الخاصة، فكرة بغيضة من الناحية الأخلاقية”.
ولفت إلى أن أعداداً قياسية من الناس تمكنوا في عام 2023 من الحصول على أدوات للوقاية أو العلاج من الأمراض الثلاثة القاتلة، وحذّر من أن التقدّم المستقبلي مهدّد إذا جفّت مصادر التمويل؛ إذ اضطر الصندوق العالمي، هذا العام، إلى تحذير الدول من أنها قد تواجه اقتطاعاً بمتوسط 11% من منحها الحالية؛ نظراً لعدم وضوح ما إذا كان المانحون سيوفون بكامل التعهدات التي قطعوها للعمل في الفترة 2024–2026.
وأشار إلى أن الفجوة التمويلية تبلغ حالياً نحو 1.4 مليار دولار.
كان الصندوق رحب في 4 سبتمبر، بالتزام الولايات المتحدة بتوسيع نطاق الحصول على عقار “ليناكابافير”، وهو دواء مبتكر للوقاية من فيروس الإيدز، في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وفي يوليو الماضي، أعلن الصندوق عن اتفاقية مع شركة “جلياد” لتأمين الوصول إلى “ليناكاكافير”، وأعربت الولايات المتحدة عن اهتمامها بالعمل مع الصندوق كشريك رئيسي للتخطيط المشترك لنشر الدواء بكفاءة في البلدان التي تعاني من عبء كبير في مواجهة الفيروس.