صيادلة يأخذون دور الأطباء في التشخيص والعلاج برأس العين
– رأس العين
يلجأ معظم السكان في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج.
هذه الحالة منتشرة في معظم أرجاء سوريا، دافعها الأول “كشفية” الطبيب المرتفعة، لكن المختلف في رأس العين هو قلة الكوادر الطبية، وغياب عديد من التخصصات، وضيق البقعة الجغرافية، فالمنطقة محصورة بين الحدود التركية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
ملجأ المرضى
تعاني السيدة ماجدة (30 عامًا) من مرض الشقيقة منذ سبع سنوات، ويتسبب هذا المرض في آلام متكررة وشديدة في رأسها، وقالت ل، إنها لم تجد طبيبًا يساعدها على تقييم حالتها، ما جعل الألم يتفاقم معها.
وأضافت أن أختها نصحتها ذات يوم بالذهاب إلى صيدلية معروفة في رأس العين لشرح حالتها المرضية، والحصول على علاج يناسبها ويخفف الألم المستمر، فذهبت وحصلت على دواء من الصيدلية خفف ألمها، وتداوم على أخذه منذ سنوات.
من جانبه، فراس الحسن قال ل، إن لديه آلامًا في المعدة، وذهب عدة مرات إلى المستشفى “الوطني” في رأس العين، لكن الازدحام داخل المستشفى منعه من الحصول على موعد عند الطبيب.
وأوضح أن الألم في معدته اشتد، ما أجبره على الذهاب إلى الصيدلاني، الذي بدوره وصف له بعض الأدوية وركّب له مصلًا وريديًا، مضيفًا أنه شعر بالتحسن بعد أخذ الأدوية مع عدم زوال الألم بشكل نهائي.
“الصيدلاني مُجبر”
صيدلاني في رأس العين، طلب عدم ذكر اسمه، قال ل، إن الصيادلة يدركون أن خدماتهم محدودة، ولا يغني وجودهم عن زيارة الطبيب في الحالات المعقدة أو الخطيرة، لكنهم يحاولون قدر الإمكان مساعدة المرضى، وتقديم النصائح الطبية لهم.
وأوضح أن نقص الكوادر الطبية والاختصاصيين لم يترك للسكان خيارًا سوى اللجوء إلى الصيدليات لعلاج المرض.
وأضاف أن الصيدليات في رأس العين تعتبر في الوقت الحالي بمثابة مراكز صحية تعالج المرضى، في ظل ضعف الخدمات الطبية في المنطقة، حيث يتم فيها تقديم الأدوية الوريدية وغيرها.
وذكر أنه يعلم أن هذا الأمر مخالف للقانون، وأن الصيدليات تعمل فقط على تقديم الأدوية عبر وصفة طبية للمرضى، لكن في حال قدوم مريض لم يتلقَ العلاج، سيضطر الصيدلاني إلى التدخل لتحسين حالته المرضية.
ولفت الصيدلاني إلى ضرورة دعم قطاع الصحة العام، وتوفير الأطباء في رأس العين، خاصة الاختصاصيين لمعالجة الأمراض المزمنة.
مخاطر على المرضى
اللجوء إلى الصيدليات للحصول على العلاج دونه مخاطر متعددة، بما في ذلك عدم التشخيص الصحيح، وعدم منح الدواء المناسب، ما قد يؤدي إلى تأخير في العلاج وتفاقم المشكلة الصحية، وقد يعطي الصيدلاني جرعة غير صحيحة أو غير مناسبة للحالة المرضية.
الطبيب محمد الفاض من رأس العين، قال ل، إن هناك نسبة كبيرة من المرضى يتجهون إلى الصيدليات قبل زيارة الطبيب.
وأوضح أن الصيدلاني حاليًا يتولى دور الطبيب في تشخيص الحالات دون أن تكون لديه دراية بالتشخيص السريري الذي يقوم به الطبيب، ودون معرفة الأمراض التي يعاني منها المريض.
وأضاف أنه شاهد حالات تسمم ناتجة عن اختلاط دوائي سببه توصيف الصيدلاني للأدوية، مشيرًا إلى أهمية وجود رقابة طبية ووعي مجتمعي لتجنب المخاطر الصحية الناتجة عن العلاج العشوائي، والتي قد تؤثر على حياة المريض.
وذكر الطبيب أن الصيدلاني يسعى لتقديم أكثر من وصفة طبية للمريض، وعند عدم قدرته على علاجه يُحيله إلى الطبيب، ما يؤدي إلى تدهور حالة المريض صحيًا وتعرضه لتداخل الأدوية، بالإضافة إلى تكبده تكاليف مالية أكبر بسبب الأدوية غير الضرورية.
وأشار إلى أن الخطر الأكبر يكمن في حالة عدم حيازة البائع في الصيدلية على شهادة اختصاص، فأغلب الموجودين في الصيدليات هم ممرضون، حيث يمكن أن يتسبب الخطأ في تعريض حياة المريض للخطر في حالة جهل الصيدلاني بالتركيبة الكيماوية.
وفي تصريح سابق لمدير الصحة في مدينة رأس العين، راكان الجلود، قال فيه ل، إن السبب الرئيس لتدهور الخدمات الصحية في المنطقة هو نقص الكوادر الطبية والأطباء، إلى جانب ضعف الدعم المادي المقدم لهم.
وأضاف أن المستشفى “الوطني” في رأس العين يشهد نقصًا حادًا في الكوادر الطبية، ما يؤثر سلبًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
وأشار الجلود إلى أن مدينة رأس العين تعاني أيضًا نقصًا في الكوادر والممرضين والفنيين، إذ إن معظم الأطباء السابقين كانوا من خارج رأس العين، جراء هجرة عدد كبير من الأطباء من أبناء المدينة للخارج للبحث عن حياة أفضل.
ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم، بحسب الجلود، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.
ويعيش في رأس العين نحو 115 ألف نسمة، ويعتمد معظم السكان على قطاع رئيس كمصدر دخل وهو الزراعة، يليه تربية الماشية.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي