لم تكن ضاحية حرستا، شمال شرق دمشق، مجرد تجمع سكني عادي، فمنذ إنشائها خُصصت أساسًا كسكن لضباط وصف ضباط النظام السوري البائد، حيث تولت الدولة إعمارها ومنحت ساكنيها حق التملك بالتقسيط وبأسعار رمزية تكاد تقتصر على سعر التكلفة، ولأعوام طويلة، تمتع سكانها بامتيازات خدمية أبرزها الكهرباء المستقرة، حتى في أحلك فترات الحرب والحصار، حينما كانت معظم أحياء العاصمة وريفها تغرق في ظلام التقنين القاسي.

 

انهيار الامتيازات بعد رحيل المحافظ المحسوب على النفوذ

يقول مصدر خاص من داخل ضاحية حرستا لوكالة ستيب نيوز إن الوضع بدأ يتغير تدريجيًا بعد عام 2016، حيث شهدت فترة تولي علاء إبراهيم لمنصب محافظ ريف دمشق تحسنًا ملحوظًا في التغذية الكهربائية، فلم تكن ساعات القطع تتجاوز ست ساعات يوميًا.

وكان إبراهيم معروفًا بقربه من رجل الأعمال النافذ رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، واستمر على رأس المحافظة حتى عام 2019 قبل أن يُقال بتهم فساد مالي وإداري.

 

مع إقالة إبراهيم، تبددت الامتيازات سريعًا، ويضيف المصدر: “بعد عزله، صار الوضع مثل باقي مناطق دمشق تقريبًا، الكهرباء تنقطع أربع ساعات مقابل ساعة واحدة من التغذية، أحيانًا أكثر قليلًا أو أقل قليلًا، لكنها لم تعد مميزة أبدًا”.

 

خطوط محصنة للمناطق “النافذة”

رغم تسوية وضع الضاحية عامةً مع بقية دمشق وريفها، بقيت بعض جيوب النفوذ محافظة على امتيازاتها، ففي إحدى المناطق، حيث أقامت عائلة محمد رحمون رئيس فرع المخابرات الجوية سابقًا ووزير الداخلية لاحقًا بقيت الكهرباء مستقرة نسبيًا.

كذلك الحال في جزيرة “ب4″، المعروفة بكثافة سكانها من الطائفة العلوية، حيث تعتمد خطوط الكهرباء فيها على تغذية مستقلة مرتبطة بالقطع العسكرية القريبة.

 

أما معامل الرخام القريبة من طريق السلمية، والتي كانت تقع تحت سيطرة ماهر الأسد أو مقربين منه، فقد ظلت هي الأخرى بمنأى عن ساعات القطع الطويلة، نظرًا لطبيعة عملها المرتبط بالمشاريع الاستثمارية الكبرى.

 

تغيير جذري وشكاوى غير منطقية

بعد سقوط النظام البائد، عادت ضاحية حرستا لتفقد كل امتيازاتها السابقة وتعامل معاملة باقي مناطق دمشق، حيث تصلها الكهرباء ساعة واحدة مقابل 5 ساعات قطع، كما ان المياه وباقي الخدمات شحّت أسوةً بمحيطها والوضع العام في البلاد، إلا انّ ذلك أثار استياء فئة من قاطنيها الذي بدأوا يتذمرون من هذا الوضع الجديد.

وفي النهاية، بات وضع ضاحية حرستا جزءًا من مشهد كهرباء دمشق الكئيب، مع اختلاف طفيف بين حي وآخر، لكنه اختلاف لا يبدل الجوهر.

ويقول المصدر المحلي إن أسعار الإيجارات تبدأ حاليًا من مليون ونصف ليرة سورية صعودًا، إضافة إلى أسعار “الأمبيرات” الكهربائية التي تفوق معظم مناطق ريف دمشق، متسائلاً هل يحق للمتذمرين المطالبة بامتيازاتهم السابقة أم العدالة المعيشية حق وواجب بهذه المرحلة؟

ضاحية حرستا.. من الامتياز العسكري إلى واقع دمشق المرهق

اقرأ أيضاً|| معركة قانونية يخوضها المهجرون العائدون إلى دمشق لحماية أملاكهم بمواجهة مخططات “المصالح” من العهد البائد

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.