دعت وزارة الخارجية السوريين المقيمين في السودان والراغبين بالعودة للبلاد إلى تسجيل بياناتهم عبر رابط إلكتروني خصصته لهذا الغرض، في إطار ما وصفته بمتابعة أوضاع المواطنين هناك.
وقالت الوزارة، في 11 من كانون الأول الحالي، إن الخطوة تهدف إلى حصر بيانات الراغبين بالعودة.
ويمهد الأمر لدراسة إمكانية تنظيم عملية إجلاء استثنائية، وفق الإمكانات المتاحة والظروف الحالية.
مخاوف جديدة
ورغم الإعلان، لم تقدم الوزارة أي معلومات إضافية حول آلية العودة أو المراحل المتوقعة لعملية الإجلاء.
ولم تذكر المواعيد المحتملة لانطلاقها، واكتفت بنشر رابط يتضمن استمارة لجمع البيانات الشخصية.
استمرار غياب التفاصيل ترك كثيرًا من السوريين في حالة من الحيرة والانتظار المفتوح.
ويعيش السوريون في السودان منذ أشهر حالة من التخوف بسبب الغرامات المالية المترتبة على مخالفة الإقامة، حيث تراكمت على أعداد كبيرة منهم وصعبت تحركاتهم.
إلا أن صدور عفو من السلطات السودانية مؤخرًا عن هذه الغرامات، وبدء سريان مهلة مدتها 50 يومًا لتصحيح الأوضاع القانونية، أعاد الأمل لكثيرين بإمكان تسوية أوضاعهم تمهيدًا للعودة.
لكن، ومع مرور الأيام الأولى من المهلة، لا يزال السوريون يواجهون ضبابية بشأن ما إذا كانت عملية إجلاء ستنظم بالفعل، وكيف، ومتى.
سوريون تواصلت معهم قالوا إنهم يشعرون أن الوقت يمر بلا وضوح.
واعتبروا أن غياب إعلان رسمي يحدد الإجراءات، أو يشرح آلية التنسيق بين الحكومتين، يتركهم في دائرة من الانتظار القلق.
ويتخوف السوريون من انتهاء المهلة السودانية دون تسوية الأوضاع، ما قد يضعهم مجددًا أمام مشاكل قانونية وإدارية.
وطالبوا بأن تكون الإجراءات واضحة ومعلنة، وما الخطوات المطلوبة منهم خلال الفترة المحدودة المتبقية.
خيارات صعبة
ومع بقاء ما يقارب 35 يومًا من مهلة الإعفاء التي منحتها السلطات السودانية للسوريين لتسوية أوضاعهم، يعبر مقيمون في بورتسودان عن تصاعد القلق بسبب غياب أي خطوات عملية تتعلق بعملية الإجلاء.
أحمد بالطة، أحد السوريين المقيمين في بورتسودان، أوضح ل أن المهلة تتآكل يومًا بعد يوم.
بينما لم يحصل السوريون حتى الآن على أي إجابة واضحة من وزارة الخارجية والمغتربين حول موعد أو آلية العودة.
وأضاف أن السوريين يقدرون جهود السلطات، إلا أن الوقت المتاح ضيق، في حين أن كثيرين لا يستطيعون الانتظار طويلاً بلا وضوح.
وبحسب أحمد، فإن كثيرًا من السوريين يفتقرون حتى للحد الأدنى من القدرة المالية للعودة.
فقبل التفكير برحلة الطيران، يتطلب السفر إجراء تسوية سفر داخل السودان، بكلفة تقارب 700 ألف جنيه سوداني (نحو 200 دولار)، وهو مبلغ يفوق قدرة شرائح واسعة منهم.
الإجلاء مرتبط بالاتفاق مع الخارجية السورية، ولا ضمان لتمديد المهلة السودانية، وفقًا لأحمد.
وأوضح أن المخاطر التي يواجهها السوريون بعد انتهاء مهلة الإعفاء كبيرة، فقد يواجه من لم يسو وضعه الحبس، وإعادة فرض الغرامات القديمة وأخرى جديدة.
ورغم إعلان الخارجية عن حصر عدد الراغبين بالعودة، يرى أحمد أن الإجراء غير كاف في ظل ضيق الوقت.
عد صامت
في حال أرسلت الحكومة السورية طائرة بعد عشرة أيام فقط، قد لا تكون المدة كافية لإنجاز تسوية السفر لجميع الراغبين بالعودة، نظرًا للإجراءات المطلوبة.
وأضاف أن عددًا كبيرًا من السوريين، بينهم شباب ونساء وأطفال، يعيشون بين خيارين صعبين، انتظار غير مضمون، أو مواجهة عواقب قانونية ومالية صارمة بعد انتهاء المهلة.
وطالب الحكومة السورية بإرسال طائرة عاجلة وحل المشكلات التي تواجه السوريين قبل انتهاء المدة.
كما دعا إلى التنسيق مع الحكومة السودانية لتمديد المهلة إن لزم الأمر، حتى يتمكن كل من يرغب بالعودة من ترتيب أوضاعه.
أما عبد الله قلعجي، سوري يعيش في بورتسودان منذ عام 2023، فتحدث عن نوع مختلف من المخاوف، يرتبط بما يسميه الفراغ بين الإعلان والواقع.
وقال إن ما يقلق السوريين اليوم ليس فقط الإجراءات أو التكاليف، بل شعورهم بأنهم يتحركون في مساحة “بلا خارطة”.
ويصف عبد الله يوميات السوريين هناك بأنها أصبحت محكومة بـ”عد تنازلي صامت”، فكل يوم يمر دون وضوح رسمي يعمق الإحساس بأن الوقت قد ينفد قبل أن يتخذ أي قرار فعلي.
وأشار إلى أن عائلات كاملة باتت تعيش في حالة استعداد دائم، تنتظر أي معلومة أو تطور.
وتزداد المخاوف من أن يؤدي التأخير إلى تعقيدات يصعب تجاوزها لاحقًا، خاصة لمن لديهم أطفال أو كبار في السن.
إعفاء من الغرامات
كانت وزارة الداخلية السودانية أعلنت في 3 من كانون الأول الحالي، بدء تنفيذ قرار إعفاء أفراد الجالية السورية من جميع المخالفات.
وبحسب وسائل إعلام سودانية، فإن الداخلية السودانية أعفت أفراد الجالية السورية من جميع مخالفات وغرامات الإقامة.
واعتبرت أن الخطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء الإجرائية عن السوريين المقيمين في البلاد.
ودخل القرار حيز التنفيذ في 25 تشرين الثاني الماضي، ويستمر لمدة 50 يومًا، بما يتيح للسوريين تسوية أوضاعهم القانونية دون دفع الغرامات المتراكمة.
وشمل إعفاء السوريين الذين دخلوا السودان أو أقاموا فيه قبل 15 نيسان 2023، وهو تاريخ اندلاع الحرب في البلاد.
ووفق ما أعلنته سفارة السودان في دمشق، فقد أقر الإعفاء رسميًا، مع توجيه الجهات المختصة في السودان لتطبيق القرار وتسهيل إجراءاته خلال المدة المحددة.
السودان يعفي السوريين من مخالفات الإقامة
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
