تسعى دول أوروبية بقيادة بريطانيا وفرنسا لإقناع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالموافقة على مبادئ خطة ما بعد الحرب على غزة، على أمل أن يتمكن من الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة عامين، وفق صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

وذكرت أن مقترحات الدولتين، التي تدعمها ألمانيا وإيطاليا وتستند إلى 8 مبادئ، تتضمن: “نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة بتفويض من الأمم المتحدة، وألا يكون لحركة حماس (الفلسطينية) أي دور في أي حكم مستقبلي للقطاع، ونزع سلاحها، وانتقال كبار قادتها للعيش في المنفى”، وفق وصف الصحيفة.

وأوضحت “فاينانشيال تايمز”، أنه “حتى الآن لم يبد ترمب أي استعداد يذكر في استخدام نفوذ الولايات المتحدة على إسرائيل لحملها على إنهاء حربها على القطاع الفلسطيني المحاصر”.

وبدلاً من ذلك، ردد ترمب مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن حركة “حماس” هي المسؤولة عن عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وانضمت إدارة ترمب، التي تزايد رفضها لاحتمال التوصل إلى اتفاق سلام خلال الأسابيع الأخيرة، إلى إسرائيل في انتقاد قرار بريطانيا، وفرنسا وقوى غربية أخرى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ما يسلط الضوء على تعميق الخلافات بشأن غزة بين واشنطن وأوروبا.

لكن دبلوماسيين أوروبيين قالوا إن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تأمل في استخدام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لإقناع إدارة ترمب بإمكانية التوصل إلى توافق في الآراء بشأن رؤية ما بعد الحرب للقطاع.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الاثنين، إن فرنسا “مستعدة للمشاركة في بعثة دولية لتحقيق الاستقرار”.

لقاءات مع ممثلي وفود عرب

ومن المقرر أن يستضيف ترمب ممثلي وفود دول عربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة، الثلاثاء. ومن المتوقع أيضاً أن تعقد بريطانيا وفرنسا اجتماعاً بشأن خططهما لما بعد الحرب مع الولايات المتحدة ودول عربية، الأربعاء، بحسب شخص مطلع على الأمر.

وقال أشخاص مطلعين على الأمر، إن الأوروبيين ينظرون إلى المقترحات، التي تتشابه مع هدف عربي سابق، على أنها بديل لخطة يروج لها رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، تدعو إلى فرض “وصاية دولية” لحكم غزة ما بعد الحرب.

وكان بلير، الذي يعمل بصفة شخصية، حضر اجتماعاً في البيت الأبيض، الشهر الماضي، لمناقشة خطط ما بعد الحرب على غزة، إلى جانب جاريد كوشنر، صهر ترمب ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط خلال فترة ولايته الأولى.

لكن مسؤولين أوروبيين يساروهم قلق من أن اقتراح بلير سيؤدي إلى تهميش الفلسطينيين، ويعتمد إلى حد كبير على مخاوف إسرائيل، بحيث لا يمكن قبوله في المنطقة.

وقال دبلوماسي أوروبي إن المسعى في نيويورك هو إيجاد “توافق بين خطة بلير-كوشنر والخطة العربية”، ودعم حل الدولتين للأزمة.

وأضاف الدبلوماسي: “الآن، أصبح الجميع على استعداد لتقبل أنه من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، يجب أن يكون هناك اتفاق لليوم التالي. هناك بالتأكيد احتياج ملح أكثر في نيويورك هذا الأسبوع”.

وبموجب مجموعة المبادئ التي اقترحها الأوروبيون، ستدير القطاع لفترة مؤقتة لجنة فلسطينية، تؤيدها السلطة الفلسطينية التي تدير أجزاء محدودة من الضفة الغربية المحتلة. ومع ذلك، يمكن أن تشمل أيضاً “مكوناً دولياً”، بحسب الدبلوماسي.

كما تطالب المسؤولين الأوروبيين أيضاً بإصلاح السلطة الفلسطينية وتمكينها، معربين عن اعتقادهم بأن أي ترتيب لما بعد الحرب يجب أن يشمل كيانات فلسطينية لضمان شرعيته. 

“تحديات هائلة”

مع ذلك، تواجه الجهود الأوروبية تحديات هائلة، إذ يتمسك نتنياهو، الذي يحظى بدعم من ترمب، بتعهده بـ”تدمير حماس”، وأمر بشن هجوم جديد على مدينة غزة، رغم المعارضة داخل مؤسسته الأمنية.

ولفتت الصحيفة إلى توقف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار منذ أن شنت إسرائيل هجوماً استهدف قادة “حماس” في العاصمة القطرية الدوحة، بمن فيهم كبار مفاوضيها.

واستبعد نتنياهو، الذي يقود أكثر الحكومات اليمينية تطرفاً في تاريخ إسرائيل، بشكل متكرر العمل مع السلطة الفلسطينية، ويرفض حل الدولتين.

كما يطالب وزراء متطرفون في حكومة نتنياهو بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل بعد قرار دول غربية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وكان ترمب أعلن في فبراير الماضي، عن خطته لمرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة، قائلاً إنه ينبغي إخلاء القطاع من الفلسطينيين، وتحويله إلى ما وصفه بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”.

شاركها.