دعا أكبر اتحاد نقابي في بريطانيا، حكومة حزب العمال إلى إعادة النظر في الانضمام إلى الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، مما أعاد فتح النقاش حول ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، في ظلّ معاناة الحزب من ضعف النمو وتزايد الضغوط من قاعدته الشعبية التقليدية، حسبما أوردت مجلة “بوليتيكو” في نسختها الأوروبية.

وفي مقابلة مع صحيفة “الجارديان” البريطانية، قال بول نواك، الأمين العام لاتحاد نقابات العمال TUC، إنه “على حزب العمال السعي إلى إقامة أوثق علاقة اقتصادية ممكنة مع الاتحاد الأوروبي لتخفيف الاحتكاكات التجارية ودعم دخل الأسر”.

وأضاف نواك: “يتعين على الحكومة بذل كل ما في وسعها لبناء أوثق علاقة عمل إيجابية ممكنة مع أوروبا اقتصادياً وسياسياً.. بما في ذلك الاتحاد الجمركي”.

وكانت بريطانيا قد غادرت الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” في عام 2016، وخرجت رسمياً من التكتل في يناير 2020 في عهد رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون.

وظلت بريطانيا ملتزمة بقواعد التجارة الأوروبية خلال فترة انتقالية قبل أن تغادر الاتحاد الجمركي بالكامل في 1 يناير 2021، عندما دخلت اتفاقية التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حيز التنفيذ.

خط أحمر

وأعادت هذه الخطوة لبريطانيا القدرة على إبرام اتفاقيات تجارية مستقلة، لكنها فرضت في الوقت نفسه، إجراءات تفتيش جمركية، ومتطلبات قواعد المنشأ، وعوائق جديدة أمام المصدرين.

وقد استبعد رئيس الوزراء كير ستارمر حتى الآن، إعادة الانضمام إلى الاتحاد الجمركي الأوروبي، واصفاً ذلك بأنه خط أحمر، بينما وعد في الوقت نفسه بإعادة ضبط العلاقات مع بروكسل على نطاق أوسع.

وقال ستارمر أمام أعضاء البرلمان في وقت سابق من الشهر الجاري: “نحن بصدد تعزيز علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي على عدة جبهات، بما في ذلك التجارة والاقتصاد”، مضيفاً: “لدينا خطوط حمراء واضحة فيما يتعلق بالسوق الموحدة والاتحاد الجمركي”.

وفي مقابلة سابقة مع “بوليتيكو”، أكد وزير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، نيك توماس سيموندز، أن “الاستراتيجية التي أتبعها أنا والحكومة مبنية على تفويضنا من الانتخابات العامة لعام 2024، وهو أننا لن نعود إلى حرية التنقل، ولن نعود إلى الاتحاد الجمركي أو السوق الموحدة”.

وأضاف توماس سيموندز، أن هذا النهج لا يزال “نهجاً استشرافياً وعملياً للغاية” و”متجذراً في التحديات التي تواجهها بريطانيا في منتصف العقد الحالي”. وأشار إلى أن بريطانيا ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، خارج الاتحاد الجمركي، قد وقّعت اتفاقيات تجارية مع الهند والولايات المتحدة، مما يُظهر “مزايا حرية التفاوض التي تتمتع بها بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي”.

قضايا عالقة

ويأتي هذا فيما يسعى كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إلى إحراز تقدم في العديد من المجالات، بما في ذلك برنامج تنقل الشباب وتخفيف القيود المفروضة على صادرات الأغذية والمشروبات.

وقال توماس سيموندز، في هذا الصدد: “أعتقد أنه إذا نظرنا إلى توازن الحزمة وما أتحدث عنه فيما يتعلق بهدف اتفاقية الأغذية والمشروبات، فسنجد جدولاً زمنياً عاماً لهذه الحزمة بأكملها”. وعندما سُئل عما إذا كان ذلك ممكناً في النصف الأول من عام 2026، بدا الوزير البريطاني متفائلاً، وأضاف: “أعتقد أن رسالتنا إلى فريقينا ستكون هي المضي قدماً في العمل”.

ومن بين القضايا الأخرى العالقة، مسألة انضمام بريطانيا المحتمل إلى برنامج دفاعي أوروبي رئيسي يُعرف باسم “سيف” SAFE، وذلك بسبب خلاف حول المبلغ الذي ستدفعه لندن مقابل الحصول على قروض مقابل الأسلحة. ويهدف البرنامج إلى إعادة تسليح أوروبا بسرعة أكبر لمواجهة تهديدات روسيا المحتملة.

وبعد أشهر من المفاوضات، لا يزال الخلاف المالي المال قائماً. وتريد بروكسل ما بين 4.5 و6.5 مليار يورو مقابل مشاركة بريطانيا، وفق ما نقلت “بوليتيكو” عن دبلوماسيين أوروبيين.

ووصف بيتر ريكيتس، الدبلوماسي البريطاني المخضرم، ورئيس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان، هذا المطلب بأنه “لا يُصدق”.

مطالب مالية أوروبية

وشهدت المراحل الأولى من المحادثات ما وصفه رئيس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان البريطاني، بأنه “مطالب أوروبية متزايدة بالحصول على أموال بريطانية”.

وتريد بروكسل من لندن، الدفع مقابل اتفاق الأغذية الزراعية المرتقب. وتريد أموالاً لبرنامج “إيراسموس” Erasmus الطلابي، وتمويلاً لاتفاق تجارة الكهرباء، ومساهمة مالية للانضمام إلى برنامج “سيف” SAFE لإعادة التسلّح.

والأسبوع الماضي، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على ضرورة أن تسهم بريطانيا في “صناديق التماسك” الأوروبية، وهي مبالغ تُخصص لتقليص الفوارق الاقتصادية بين الدول الأعضاء.

وإلى حد ما، كانت بريطانيا مستعدة لتحمل تكلفة تحسين وصولها إلى الأسواق الأوروبية. فقد أقر وزير شؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نك توماس سيموندز، بأن بريطانيا ستضطر إلى دفع مساهمات تغطي “تكلفة الإدارة” والمشاركة في البرامج التي تقوم على تجميع الموارد، شرط إجراء “تحليل دقيق لقيمة المال”.

لكنه كان واضحاً في الوقت نفسه، بأن بريطانيا “لن تقدم مساهمة عامة في ميزانية الاتحاد الأوروبي” ضمن عملية إعادة ضبط العلاقات.

شاركها.