قد تمثّل طائرة J-20S الصينية من الجيل الخامس التهديد الأبرز للولايات المتحدة في حال وقوع أي صراع محتمل بين واشنطن وبكين، وذلك بسبب قدرتها على أداء مهام مختلفة في بيئات قتال شديدة التعقيد، مثل تعطيل عناصر الدعم الأميركية بما في ذلك طائرات الإنذار المبكر (AWACS)، بما يضمن تفوقها الجوي.
ومع تحول الانتباه العالمي نحو “الحرب الشبكية” القائمة على جمع المعلومات والتنسيق بين المنصات، تبرز طائرة J-20S ذات المقعدين كمنصة جوية متطورة قادرة على التحكم في أسراب من الطائرات المسيّرة، وإدارة القتال، والقيام بمهام الحرب الإلكترونية، وشن ضربات دقيقة على أهداف في البر والبحر، وفق مجلة The National Interest.
وأصبحت “الحرب الشبكية” محور العمليات العسكرية الحديثة، وهو مفهوم يشير إلى التنسيق بين عدة منصات بدءاً من أسراب الطائرات المسيّرة، مروراً باستخدام الطائرات والسفن الصديقة القريبة كنقاط استشعار لتعزيز الوعي الميداني. وتعمل جميع الجيوش الكبرى اليوم على تطوير قدراتها في هذا النوع من الحروب.
وتمثّل الطائرة J-20S، وهي نسخة معدّلة من المقاتلة الصينية الشبحية Chengdu J-20، تجسيداً كاملاً لاعتماد الجيش الصيني نهج الحرب الجوية الشبكية. وتُعد أول مقاتلة ثنائية المقعد من الجيل الخامس تدخل الخدمة التشغيلية في العالم، طوّرتها شركة Chengdu Aerospace Corporation (CAC) لصالح سلاح الجو الصيني، وتشكل خطوة متقدمة ومؤثرة في قدرات الصين الجوية.
ما الذي يميز المقاتلة ثنائية المقعد J-20S؟
بدأت الشائعات بشأن تطوير نسخة ثنائية المقعد من طائرة J-20 في عام 2018، قبل أن يتم رصد أول النماذج أواخر عام 2021 أثناء اختبارات السير على المدرج في منشآت شركة Chengdu.
ونفّذت الطائرة أولى رحلاتها في نوفمبر 2021، وبُني منها ما لا يقل عن 6 نسخ تجريبية حتى مطلع 2025، شملت تحسينات على النظام الكهروضوئي وطلاءً جديداً لامتصاص الموجات الرادارية.
وتم الكشف عن الطائرة علناً لأول مرة في معرض تشوهاي الجوي 2024، وبحلول يوليو 2025، ظهرت طائرات J-20S تحمل علامات وحدات تشغيلية مثل اللواء الجوي 172 التابع للقوات الجوية الصينية، ما يشير إلى انتقالها من مرحلة الاختبار إلى الخدمة الفعلية.
وتتماشى هذه الخطوة السريعة مع مساعي الصين نحو تطوير قدرات “الجيل الخامس بلس”، التي تركز على دمج المسيّرات وتوسيع الأدوار القتالية المتعددة.
وتحتفظ طائرة J-20S ببنية التخفي الأساسية لنسختها أحادية المقعد J-20، لكنها خضعت لتعديلات تسمح بتشغيلها بواسطة طيار ومساعد أنظمة الأسلحة (WSO).
وتتميز طائرة J-20S بتصميم قمرة قيادة مزدوجة، حيث يجلس الطيار في المقدمة، بينما يكون ضابط أنظمة الأسلحة في الخلف، للتعامل مع دمج أجهزة الاستشعار، والحرب الإلكترونية، وإعطاء الأوامر لمنصات أخرى دون إرهاق الطيار، ما يسمح باتخاذ القرارات في الوقت الفعلي في بيئات معقدة، مثل إدارة أسراب من الطائرات المسيرة.
هيكل الطائرة
أعادت شركة Chengdu تصميم مقدمة الهيكل لإضافة المقعد الثاني، وزادت حجم الزعانف الخلفية لتحسين الثبات، كما أعادت تشكيل المقدمة لاستيعاب رادار مصفوفة المسح الإلكتروني النشط (AESA) مطوّر، يُرجَّح أنه يعتمد على تقنية نيتريد الجاليوم (GaN) لزيادة الكفاءة والطاقة. كما زُوّدت الطائرة بطلاء رمادي داكن ماصّ للموجات الرادارية لتعزيز خاصية التخفي.
ويوفر نظام استهداف كهروضوئي متطور (EOTS) مُثبت أسفل مقدمة الطائرة تغطية شاملة، تُشبه نظام الاستهداف المباشر (DAS) في طائرة F-35، للكشف السلبي وتتبع التهديدات.
وتدعم مجموعة إلكترونيات الطيران وعياً ظرفياً عالياً، يمكّن الطائرة J-20S من العمل كطائرة حربية إلكترونية مصغرة في ساحة المعركة.
وتعمل هذه الطائرة بمحركين توربينيين من طراز Shenyang WS-10C، مع إمكانية تطويرها إلى طراز WS-15 الأقوى لتحقيق القدرة على الطيران الفائق خلال العمليات.
تعتمد الطائرة حالياً على محركي Shenyang WS-10C، مع خطط لاستبدالهما بمحركات WS-15 الأحدث لتحقيق القدرة على الطيران الفائق خلال العمليات.
إدارة القتال
صُمّمت الطائرة J-20S لتحقيق التفوق الجوي وخوض اشتباكات خارج مدى الرؤية (BVR)، إضافة إلى تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف برية وبحرية.
ومن المقعد الخلفي لقمرة القيادة، يمكن للطيار الثاني التحكم بطائرات مسيّرة ضمن مفهوم “الجناح المخلص” (Loyal Wingman)، لمهام مثل الاستطلاع والتشويش وشن الضربات، مما يضاعف القوة في المجال الجوي المتنازع عليه.
وصُممت الطائرة كذلك لعميات التشويش، وتوفير معالجة بيانات تكتيكية، ومركز قيادة للأصول الشبكية، بما في ذلك المقاتلات الأخرى والطائرات المسيّرة ومنصات الإنذار المبكر والتحكم.
وتتكامل الطائرة مع أنظمة سلاح الجو الصيني في سيناريوهات ساحة المعركة الفوضوية، حيث يمكنها اختراق دفاعات العدو دون أن تُكتشف، بدعم من طائرات الحرب الإلكترونية مثل J-16D وأسراب الطائرات المسيّرة.
وتشمل أسلحة الطائرة حجرات داخلية لما يصل إلى 6 صواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز PL-15 وPL-21، وصواريخ قصيرة المدى من طراز PL-10، وذخائر موجهة بدقة، مع نقاط تعليق خارجية لما يسمى بتكوينات “وضع الوحش” التي تحمل ما يصل إلى 12 صاروخاً لمهام غير خفية.
ويشهد الإنتاج توسعاً ملحوظاً، وتشير التقديرات إلى أن 12 طائرة أو أكثر قد تدخل الخدمة في وقت لاحق من العام الجاري، مُكملة بذلك أسطول J-20 الأوسع.