طرابلس.. عاصمة الاشتباك المستمر: فوضى السلاح تُعيد رسم خريطة الحكم في ليبيا

وطن تعيش طرابلس، العاصمة الليبية، فصلاً جديدًا من فصول الفوضى المزمنة، حيث عادت الاشتباكات المسلحة لتنهش أطراف المدينة وقلبها، بعد أن تحوّلت من عاصمة سياسية إلى عاصمة للاشتباك المستمر، تُدار فيها التحالفات بالمليشيات لا بالمؤسسات.
الشرارة الأخيرة لانفجار الوضع كانت اغتيال عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة“، رئيس جهاز دعم الاستقرار، وأحد أبرز قادة الميليشيات في طرابلس. تقول الروايات إنه دُعي لاجتماع “أمني” لكنه خرج منه في صندوق، في عملية وُصفت بأنها تصفية مُمنهجة برعاية سياسية.
تصريحات عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، لم تترك مجالًا للشك، إذ أشار إلى أن العملية تمت لـ”فرض سلطة الدولة”، في إقرار غير مباشر بأنه وافق أو علم بتصفيته، ما فجّر غضب أنصاره وأشعل شوارع العاصمة.
الميليشيات تقاتلت، المدارس أغلقت، والمطارات علّقت رحلاتها. المشهد بات معروفًا ومكرّرًا، لكن الأخطر أن الأزمة تعمّقت أكثر بعد دعوة المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي إلى ضبط النفس، وسط تصاعد الاتهامات بينه وبين الدبيبة، واتهامات لحكومته بفقدان الشرعية.
في الخلفية، تتحدث الأمم المتحدة والسفارات الغربية عن ضرورة “وقف فوري لإطلاق النار”، لكن في طرابلس، كما يقول المواطنون: “من يملك الدبابة لا يقرأ البيانات”.
حكومة الدبيبة تواجه ضغطًا شعبيًا وسياسيًا غير مسبوق، فيما بدأ بعض وزرائه في تقديم استقالاتهم، ما قد يُمهّد لسقوطها رسميًا، أو على الأقل إعادة صياغة المشهد السياسي.
التحليلات الدولية تشير إلى أن ما يجري هو إعادة رسم للخارطة الأمنية والسياسية بالعاصمة، لكن مراقبين ليبيين يصفون الأمر بأنه “إعادة تدوير للفوضى”، حيث تُدار البلاد من فوهة الكلاشينكوف لا عبر صناديق الاقتراع.
ويبقى المواطن الليبي هو الضحية الأبرز في كل هذه المعارك، حيث أمنية الملايين باتت مجرد ليلة هادئة بلا صوت قذائف أو دخان اشتباك.