طلبة يشتكون سوء خدمات السكن الجامعي بالمزة

“حمامات تشبه السجون”، “أصبحتُ في سنة التخرج ولم أشهد أي خدمات جيدة”، “تصيبني نوبة كلى كل فترة بسبب المياه الملوثة”، بهذه العبارات عبر طلاب مقيمون بالسكن الجامعي في المزة بدمشق عن معاناتهم اليومية.
يعاني الطلاب من سوء خدمات السكن الجامعي بشكل مستمر وعلى كافة الصعد، بدءًا من عدم تأهيل الوحدات والغرف من ناحية الأسرّة والكهرباء والتدفئة، مرورًا بحمامات ومطابخ لا تصلح للاستخدامالبشري.
ريم، طالبة تربية سنة رابعة تقيم في الوحدة 14، قالت ل، إنها لجأت للسكن الجامعي لعدم قدرتها على تحمل تكاليف استئجار منزل كونها من محافظة أخرى.
تسكن ريم مع سبع طالبات في غرفة لا تتسع لأربعة أشخاص.
تشكو الطالبة من تقنين الكهرباء التي لا تأتي حتى منتصف الليل، معبرة عن ذلك بقولها، “أنا كطالبة لدي محاضرات صباحًا، ما فائدة قدوم الكهرباء بعد الساعة 12 ليلًا، وكيف يمكنني الدراسة في مكان تنعدم فيه الخدمات؟”.
سوء خدمات
يواجه طلاب السكن الجامعي في المزة معاناة في استخدام الحمامات، فهناك وحدات خرجت حماماتها عن الخدمة، كالوحدة الأولى للشباب، بسبب سوء الصرف الصحي.
وهناك طلاب لجؤوا لإغلاق بعض الحمامات حفاظًا على نظافتها، لتقتصر البقية على حمامات بعضها بلا أبواب وشبابيك، وأخرى لا تأتي بها المياه الساخنة للاستحمام إلا مرة واحدة في الأسبوع، ما جعلهم ينتظرون دورهم ضمن “طابور لاستخدام حمام مهجور”، بحسب تعبيرهم.

حمامات الوحدة 14 في المدينة الجامعية في المزة – 12 شباط 2025 (/أنس الخولي)
هذه الحال لا تنطبق على جميع الوحدات، بحسب إفادة بعض الطلاب، فهناك الوحدة السابعة للبنات ووحدة العرب والأجانب، إذ تشهدان تحسنًا في الخدمات من ناحية الحمامات والنظافة والكهرباء، فالأخيرة لا تنقطع عنها الكهرباء، أما الوحدة السابعة فتصلها الكهرباء من الساعة 8 صباحًا وحتى 10 ليلًا.
الطالبة نسيبة اللباد، تدرس في قسم علم الاجتماع، وتسكن في الوحدة 14، قالت ل، إنها منذ أربع سنوات تعيش في السكن، وكل يوم تواجه مشكلات في الخدمات، إذ تعرضت سابقًا لسوء تعامل من قبل مشرفات الوحدة، إضافة إلى سوء نظافة مياه الشرب، فخزانات المياه مليئة بالحشرات والديدان.
وأما المصاعد الكهربائية فهي خارجة عن الخدمة منذ سنوات، فهناك طلاب يعيشون في الطابق السابع والثامن، يواجهون صعوبة يومية بالصعود لطابقهم، وبحسب تعبيرها، “لا تسألني عن الخدمات الجيدة فأنا لم أرها”.
الطالب عقبة زيموعة، يدرس بقسم الهندسة المدنية ويسكن بالوحدة 12، عبر عن معاناته لعدم قدرته على الدراسة لعدم وجود كهرباء فهي لا تأتي إلا ساعة واحد في الظهر.
ويتعرض كل فترة لنوبة كلى بسبب المياه الكلسية وغير النظيفة، وعندما جاء للسكن مع زملائه تم تسليمهم غرفة غير مخدمة إطلاقًا، فلا يوجد فيها سوى “الحيطان”، ليضطروا إلى جلب جميع مستلزمات الغرفة من معدات المطبخ والأسرّة على نفقتهم الشخصية.
وقال عقبة ل، “شباك غرفتنا مكسور وطلبنا من الإدارة تشغيل شوفاجات التدفئة ولم يتجاوب معنا أحد، ولم نر سوى وعود”.


أسرة في إحدى الغرف بالوحدة 12 للشباب- 12 شباط 2025 (/أنس الخولي)
وعود وخطط
المدير العام لهيئة المدينة الجامعية والأستاذ في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق، عماد الأيوبي، أوضح ل أنه تلقى العديد من شكاوي الطلبة، وأجرى جولة للوحدات السكنية ليعاين حال الخدمات.
وقال إنه توجه مباشرة لإعادة تأهيل أكبر قدر من الحمامات كحلول إسعافية، وبالنسبة للحمامات المقفولة، طلب من ورشات العمل فتحها ليستخدمها جميع الطلبة، “فهي ليست حكرًا على أحد”.
وأضاف أنه بالنسبة للكهرباء، هناك محاولات لتحسينها كخطوة أولى عبر تأمين مادة المازوت للمولدات، إضافة إلى تأمين “حراقات” لتوفير مياه ساخنة، وسيتحسن حال الكهرباء بشكل أفضل قبل بداية شهر رمضان المقبل.
وأوضح أنه يتم العمل على خطط إسعافية وبعيدة المدى لتأمين الخدمات قدر الإمكان من خلال التواصل مع منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، لإعادة تأهيل أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية.
وفيما يخص الخطط بعية المدى، سيتم إعادة تأهيل كامل الوحدات وبناء وحدات جديدة لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب، أما عن الكهرباء فسيتم تركيب أعمدة إنارة من الطاقة الشمسية لكامل المدينة الجامعية، وبالتالي ستتوفر الكهرباء على مدار 24 ساعة.
تراجع الطاقة الاستيعابية
تتراجع الطاقة الاستيعابية لغرف السكن الجامعي كل سنة، بسبب خروج بعضها عن الخدمة، إضافة إلى وجود طلاب غير مستحقين للغرف، يعيشون فيها بمفردهم أو يأتون بأشخاص من طرفهم عبر إيصالات وهمية، إضافة إلى وجود بعض الموظفين المقيمين، وسابقًا كان هناك غرف لموظفي اتحاد الطلبة.
لذلك يتم جرد كامل الغرف، بحسب الدكتور عماد الأيوبي، لإعادة إحصاء طاقة استيعاب كل غرفة بطريقة عادلة للطلاب، إضافة إلى إعادة تأهيل الغرف الخارجة عن الخدمة.
ويعد السكن الجامعي في دمشق كمعظم مؤسسات الدولة التي تعاني واقعًا مترديًا تفاقم خلال السنوات الماضية، وهو ما يعود لعدة أسباب كالإهمال والسرقات والفساد الإداري والمالي، ما ينعكس على الخدمات التي تقدمها للمواطنين.
السكن الجامعي
أُسس السكن الجامعي بدمشق في ستينيات القرن الماضي، ويأتي أغلبية الطلاب المقيمين فيه من محافظات آخرى، ويلجؤون للمدينة الجامعية لعدم وجود مسكن لهم، إضافة إلى غلاء الإيجارات.
تضم المدينة الجامعية ثلاثة تجمعات (المزة، كليات الهمك، كلية الزراعة)، وبلغ عدد الوحدات السكنية للعام 2011-2012 بحسب إحصائية نشرها الموقع الإلكتروني لجامعة دمشق 27 وحدة، منها 13 وحدة سكنية في تجمع المزة، ووحدتان للدراسات عليا، وأخريان للعلوم السياسية.
ويضم تجمع “الهمك” أربع وحدات، وهناك وحدتان في تجمع برزة، وأخريان خارج الخدمة بسبب أعمال الترميم والصيانة.
اقرأ أيضًا:جامعيو دمشق تحت ضغط المصاريف الشخصية والنقل وشراء المحاضرات
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي