عامان على حرب السودان.. ملايين النازحين وأطفال بلا مدارس

يكمل السودان، الثلاثاء، عامه الثاني تحت وطأة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي خلفت آلاف الضحايا من المدنيين وموجة نزوح كبيرة وخسائر اقتصادية، في ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها “أكبر أزمة إنسانية في العالم”.
وتسببت الحرب في السودان، والتي اندلعت في 15 أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، في نزوح ولجوء ما بين 12 إلى 13 مليون شخص، بينما يعاني حوالي 25 مليون آخرين من انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 8.5 مليون شخص يواجهون مستويات طارئة أو كارثية تقترب من المجاعة.
وقال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم في مقابلة خاصة مع “الشرق”، إن حصيلة الخسائر في القطاع الصحي تتجاوز 11 مليون دولار، لافتاً إلى تأثر المستشفيات في ولاية الخرطوم بشكل كبير وتعرضها لتدمير ممنهج وهو ما يؤخر عودتها مجدداً بشكل سريع.
وأضاف الوزير بأن الإمداد الدوائي يشهد حالة من التحسن نتيجة التدخلات من قبل الدولة والقطاع الخاص، كاشفاً عن استيراد ما قيمته 230 مليون دولار خلال العام الماضي.
ويشهد السودان أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ أكد فيليبو جراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن “ثلث سكان السودان نازحون. وامتدت عواقب هذا الصراع المروع والعبثي إلى ما وراء حدود السودان”.
وفي المجمل، نزح أكثر من 12 مليون شخص داخلياً بينما عبر نحو 3.8 مليون لاجئ الحدود، وتتوقع الأمم المتحدة ارتفاع هذا العدد بنحو مليون شخص في عام 2025.
أما شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان، فقد وصف الوضع المأساوي في السودان بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، بكل المقاييس، إذ يواجه نحو 25 مليون شخص – أي نصف السكان – جوعاً شديداً، ويعاني ما يقرب من خمسة ملايين طفل وأُم من سوء التغذية الحاد.
وحذر هيوز من أن “عشرات الآلاف من الأشخاص في السودان سيموتون خلال العام الثالث من الحرب، ما لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي وغيره من الوكالات من الوصول إلى المحتاجين والحصول على الموارد اللازمة لهم”. وناشد المجتمع الدولي ضمان الوصول الإنساني والتمويل اللازمين لتجنب كارثة إنسانية أكبر.
أطفال السودان في دائرة الخطر
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن “الموت تهديد مستمر” يخيّم على حياة أطفال السودان. ففي محيط مدينة الفاشر وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون القصف المستمر ونقص حاد في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.
وذكرت اليونيسف أن 15 مليون طفل في السودان في حاجة إلى مساعدات إنسانية بعد عامين على الحرب، مشيرة إلى أن نحو 17 مليون طفل سوداني خارج المدارس، و70% من المرافق الصحية في مناطق النزاع متوقفة عن العمل.
وكشفت أن أكثر من 7 ملايين طفل نزحوا من ديارهم، و3.2 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أكدت أن الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في السودان ارتفعت بنسبة 1000% منذ اندلاع الحرب.
ونقلت إيفا هندز، رئيسة قسم المناصرة والتواصل في يونيسف السودان، شهادة مؤلمة عن الواقع المرير الذي يعيشه أطفال الفاشر ومعسكر زمزم الذي تفشت فيه المجاعة. وقالت: “هذا مكان يمثل فيه الموت تهديداً مستمراً للأطفال، سواءً كان ذلك بسبب القتال الدائر حولهم أو بسبب انهيار الخدمات التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة”.
كما وصفت أرجنتينا ماتافيل بيتشين، القائمة بأعمال ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، الوضع بأنه “يفطر القلب”، مشيرة إلى أن من بين 12 مليون نازح، هناك حوالي 2.7 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب، بمن فيهن 300 ألف امرأة حامل يواجهن خطر الانتهاكات الوحشية والولادة في ظروف غير إنسانية.
وقالت لموقع أخبار الأمم المتحدة: “بعض النساء ينتهي بهن المطاف بالولادة على قارعة الطريق عندما يفررن من بيوتهن بعد سماع القصف والقنابل… وعندما تتم الولادة دون وجود عناية ماهرة، قد يُصاب الطفل حديث الولادة بمرض الكزاز”.
وحذرت بيتشين من التأثير الممتد للأجيال القادمة، حيث يؤدي سوء التغذية بين النساء الحوامل إلى ولادة أطفال ضعفاء، تقل فرص بقائهم على قيد الحياة وقدرتهم على التعلم.
كما أشارت إلى انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث يواجه ما يقدر بنحو 6.7 مليون شخص خطر هذا العنف، وتكون النساء والفتيات النازحات هن الأكثر عرضة للخطر.
دعم بريطاني
وقالت بريطانيا الثلاثاء إنها ستقدم 120 مليون جنيه إسترليني (158 مليون دولار) مساعدات إضافية للشعب السوداني، الذي قالت إنه يواجه أسوأ أزمة إنسانية مسجلة، وذلك خلال استضافتها مؤتمراً مع حلول الذكرى السنوية الثانية للحرب.
وبدلا من التوسط مباشرة في النزاع، قالت بريطانيا إن مؤتمر لندن سيكون فرصة لتعزيز الاستجابة الدولية للأزمة، على الرغم من انتقاد السودان عدم دعوة حكومته إلى المحادثات.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن الحرب مستمرة منذ فترة طويلة للغاية “ومع ذلك، لا يزال معظم العالم يصرف النظر عنها”.
وأضاف في بيان “علينا التحرك الآن لمنع الأزمة من أن تتحول إلى كارثة شاملة، وضمان وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها”، مشيرا إلى أن المتقاتلين أظهروا “استخفافا مروعا” بالمدنيين السودانيين.