عباس يُحضّر وريثه.. نائب رئيس على مقاس إسرائيل؟

وطن في توقيت لا يقلّ خطورة عن القرار ذاته، أقرّ المجلس المركزي الفلسطيني خطوة مفصلية بإعلانه استحداث منصب “نائب رئيس السلطة”، في وقت تغيب فيه الوحدة الوطنية، ويشتد العدوان على غزة، وتحتدم ضغوط الخارج.
القرار الذي بدا إداريًا في مظهره، سرعان ما ظهر كمناورة سياسية عميقة لتهيئة المرحلة “ما بعد محمود عباس”. فرئيس السلطة الذي تجاوز الثمانين عامًا، يبدو في سباق مع الزمن لترتيب “الوريث المضمون”، ضمن معادلة ترضي واشنطن وتل أبيب وتهمّش المقاومة وكل من يرفع شعارها.
الجبهة الديمقراطية انسحبت، الجبهة الشعبية قاطعت، المبادرة الوطنية رفضت. ومع ذلك، مرّ القرار بأغلبية شكلية، مما يُفقده الغطاء التوافقي، ويُحول ما يُفترض أنه خطوة إصلاحية إلى محطة تفكيك جديدة للمشهد الفلسطيني.
المفارقة أن القرار يُمنح لعباس وحده صلاحية ترشيح النائب، وعزله، وقبول استقالته، ما يعني أنه سيكون نائبًا بصلاحيات رمزية، يُشبه “رئيسًا تحت التجريب”، أو “بيدقًا سياسيًا” يُعدّ بهدوء للجلوس على كرسي الحكم بلا سند شعبي.
تصريحات قادة من الجبهة الديمقراطية كشفت أن الضغوط أمريكية وإسرائيلية، وأن الهدف هو قيادة فلسطينية تتماشى مع خطّة إعادة إعمار غزة وفق التصور الغربي: بلا سلاح، بلا مقاومة، بلا حماس.
القرار، الذي جاء في عز الحرب، يُعتبره محللون محاولة لفرض “واقع سياسي جديد”، يُقصي مشروع المقاومة، ويُحاكي مشروعًا وظيفيًا يُعيد إنتاج السلطة بصيغة أكثر مرونة للمرحلة القادمة، لا سيما في ظل التغيّرات الإقليمية.
وإذا كان محمود عباس قد وصف العمليات ضد الاحتلال سابقًا بأنها “أفعال غير مسؤولة”، فكيف سيكون موقف وريثه؟
وهل نشهد قريبًا مشهد “رئيس فلسطيني جديد” يُصافح بايدن ونتنياهو قبل أن يُصافح أبناء شعبه؟
أم يُشرف على إعمار غزة… بشروط العدو؟
السلطة تُعيد ترتيب أوراقها، لكن السؤال: لصالح من؟