قال القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، إن المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، أبلغه بعد لقاء الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن اللقاء بين الرئيسين كان إيجابيًا، وتمّ النقاش مع ترامب حول مناطق شمال شرقي سوريا و”قسد”.
وفي مقابلة أجراها مظلوم عبدي مع وكالة “ميزوبوتاميا” نُشرت على جزأين، في 23 و24 من تشرين الثاني، قال عبدي، إن الوفد السوري أظهر للرئيس ترامب وجود إرادة لحل قضية شمال شرقي سوريا، وأن العلاقة مع “قسد” جيدة، وأن الرئيس ترامب أراد حل القضية بالحوار ودون حرب.
وبحسب عبدي، قدمت تركيا بعض الاعتراضات في أثناء الاجتماع الذي حضره وزير خارجيتها هاكان فيدان في البيت الأبيض بحضور وزراء خارجية أمريكا وسوريا، إلا أن “المفهوم العام هو أنه لم تكن لهجتهم حادة هذه المرة، لم يستخدموا لغة التهديد، لقد أعربوا عن رغبتهم في إيجاد حل”.
وأضاف عبدي أن الأمور الإيجابية التي يتم مناقشتها في المفاوضات لا تطبق على أرض الواقع، وبما أن ملف القوات الأمنية قد أُدرج على جدول الأعمال في الاجتماع الأخير بين الطرفين في دمشق، يأمل قائد “قسد” في أن تُتخذ بعض الخطوات العملية لحل القضايا العالقة بشكل مفصل.
وأوضح عبدي أن “قسد” تناقش إمكانية عقد اجتماع ثلاثي من جديد، بينها وبين مسؤولين من دمشق ومن أمريكا، سواء في دمشق، أو ربما خارجها، أو في مكان ثالث، لاتخاذ خطوات جديدة.
وكان من المفترض أن يلتقي عبدي والشرع قبل سفر الرئيس السوري إلى واشنطن، لكن أُجِّل اللقاء، بحسب عبدي.
مناقشة الدستور أولوية
قال القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، إن القضايا الرئيسة بالنسبة لقواته هي مسألة المشاركة مع الحكومة، وإحداها تغيير الدستور.
وأضاف، “نحن نعمل أيضًا على ذلك، ويجب أن يكون هناك وضوح هنا ويجب اتخاذ خطوات، ويجب أن يذهب الوفد الكردي أيضًا إلى دمشق ويضمن قضية وحقوق الكرد إلى جانب المكونات الأخرى في الدستور السوري، لأنه جزء من اتفاق 10 آذار”.
وبحسب عبدي، تتعارض أحكام الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس الشرع في 13 من آذار الماضي مع اتفاقية 10 آذار، وأثار عبدي هذه القضية مع الرئيس الشرع خلال اجتماعهما بدمشق.
ولتحل هذه الأمور يجب تعديل بعض أحكام الإعلان الدستوري الحالي بما يتوافق مع اتفاقية 10 آذار، وأحدها هو انضمام جميع المكونات إلى الحكومة، ويجب حل القضايا المتعلقة بالقضية الكردية، بحسب عبدي.
وأضاف عبدي أنه يجب وضع دستور سوري أساسي، وقد يستغرق الأمر سنتين أو ثلاث سنوات، إلا أنه يجب على جميع الأطراف الانضمام إلى اللجنة التي تُعِدّه، وهذا لم يتم بعد، و”نريد أن ينضم ممثلو جميع المكونات إلى هذه اللجنة حتى نتمكن من وضع دستور مناسب لسوريا”، تابع عبدي.
وفيما يتعلق بالمستقبل السياسي، شدّد عبدي على أن هدف “الإدارة الذاتية” هو سوريا لامركزية، حيث يحق للشعوب المحلية انتخاب ممثليها في الشؤون العسكرية والإدارية والأمنية.
وشرح أن هذه اللامركزية لا تعني تفتيت الدولة أو إضعافها، بل تعزيزها، مع الحفاظ على مكتسبات الشعوب “التي قدمت تضحيات كبيرة خلال الثورة”، بما في ذلك الكرد من “روج آفا” ودير الزور والرقة.
عراقيل تنفيذ اتفاق 10 آذار
أكد عبدي أن “الإدارة الذاتية” و”قسد” هما الطرف الأكثر جاهزية من حيث المقترحات والتصورات التفاوضية، وقال إن انسحاب الحكومة السورية من اجتماع باريس قبل نحو شهرين كان مؤشرًا واضحًا على مكمن الخلل.
وأوضح أن القوى الدولية المنخرطة في الملف، من الولايات المتحدة إلى فرنسا وبريطانيا، على علمٍ كامل بمجريات التفاوض، إذ تتلقى بشكل مباشر نسخًا من الوثائق والمقترحات التي تُعدها “الإدارة الذاتية”.
وأشار عبدي إلى أن “لا أحد يقول لنا إننا نماطل”، لأن جميع الأطراف تدرك أن الإعاقة تأتي من الطرف الآخر الذي يواصل توسيع فجوة الخلاف.
وكشف عبدي أن “الإدارة الذاتية” كانت قد أرسلت بالفعل مقترحات مكتوبة حول كل الملفات العالقة: من شكل الانضمام العسكري لـ”قسد” إلى الجيش السوري، وأسماء القادة المقترحين لتولي المسؤوليات، إلى الأفكار المتعلقة بالمسائل الإدارية، مرورًا بحماية منطقة دير الزور، وضبط الحدود والمعابر.
إلا أن كل هذه الأوراق “لم تتلقَّ أي رد حتى الآن”، بحسب عبدي، مؤكدًا أنه طرح هذا السؤال مباشرة على مسؤولين في دمشق وينتظر جوابًا أو تحديد موعد لاستكمال النقاشات.
وأضاف أن المشكلة لا تقتصر على التفاوض، بل تشمل أيضًا ملف بناء الثقة، وهو شرط أساسي لأي تقدم. فهناك قضايا حساسة كعفرين ورأس العين، وعودة السكان، وملف الطلاب الذين درسوا خارج سلطة الدولة خلال 12 عامًا وما زالت شهاداتهم غير معترف بها.
ولا بد من الإرادة السياسية القوية من الجانبين لتحقيق التقدم، بحسب عبدي، “فنحن ثابتون على موقفنا، ويجب على الطرف الآخر أن يتحمل مسؤوليته أيضًا”.
آلية الاندماج في الجيش
وعن آليات اندماج “قسد” في الجيش العربي السوري، قال عبدي، إنه لا يمكن مناقشة مثل هذه القضايا عبر وسائل الإعلام. فالمسائل العسكرية ليست موضوعًا يطرح عبر الإعلام من كلا الطرفين.
وأضاف أن “قسد” قوة تضم جميع مكوّنات شمال شرقي سوريا، بل ويشارك فيها آلاف الأشخاص من خارج المنطقة أيضًا، وقد عملت هذه القوات مع “التحالف الدولي” لأكثر من عشر سنوات، واكتسبت خبرة في عمليات مكافحة تنظيم “الدولة”، وهي تُعدّ أكبر القوى المنظمة في سوريا.
ويجب أن تنضم إلى الجيش العربي السوري بشكل منظم، وهذا سيعزز الجيش السوري، ويعزز عدده وقوته بخبراتها، ويحقق السلام معه.
ولا ينبغي لأحد أن يخاف، على حد قول عبدي، بل على العكس، سيكون الأمر إيجابيًا، لأن “قسد” تريد حماية ممتلكاتها، ولن يذهب عمل مقاتليها سدى، بل ستنضم إلى الجيش بشكل لائق وبما يتناسب مع تضحياتها، وستؤدي دورًا مهمًا فيه. أما التفاصيل الأخرى فستُبحث ضمن المفاوضات.
الاتصالات مع عبد الله أوجلان
أوضح عبدي أن هناك تواصلًا مع زعيم حزب “العمال الكردستاني”، عبد الله أوجلان، من خلال وسائط رسمية، وتبادل للرسائل بينه وبين مسؤولي “روج آفا” حول قضايا معينة، بما في ذلك مصير مقاتلي الحزب في الشمال.
وأضاف، “أوجلان يرغب في لقاء مسؤولي روج آفا، ونعتقد أن هذا اللقاء سيكون إيجابيًا لحل المشكلات وتعزيز عملية السلام”.
وحول زيارة محتملة إلى تركيا، قال عبدي إنهم لا يرون مانعًا من ذلك، “طالما أن هذا سيساهم في الحل، لماذا لا نذهب؟ نحن نرى الأمر بشكل إيجابي”.
ما اتفاق “10 من آذار”
توصل الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في 10 من آذار الماضي، إلى اتفاق ينص على دمج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية.
وجرى الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
بحسب بنود الاتفاق، فالمجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة حقه في المواطنة وحقوقه الدستورية.
وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز.
واتفق الرئيس السوري مع مظلوم عبدي، على ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، بالإضافة إلى دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.
آلاف من “فلول” النظام في صفوف “قسد”
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
