قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الثلاثاء، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حقق في وقت سابق من هذا العام حلمه بجرّ الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مع إيران، “إلا أن ذلك جاء بكلفة باهظة وغير مسبوقة لإسرائيل”، وذلك عقب تحذيرات أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن بلاده قد تدعم توجيه ضربة كبيرة أخرى لإيران إذا استأنفت تطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
وأضاف عراقجي في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية أن “مشهد نتنياهو، وهو يتوسل لترمب لإنقاذه من مستنقع وجد نفسه فيه، دفع عدداً متزايداً من الأميركيين إلى الإقرار علناً بأن إسرائيل ليست حليفاً بل عبئاً”.
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية تواجه معضلة تتمثل إما في مواصلة منح إسرائيل شيكات مفتوحة من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ومن رصيد المصداقية الأميركية، أو أن تكون جزءاً من تغيير جذري نحو الأفضل.
وأكد عراقجي أن “السياسة الغربية تجاه المنطقة تشكلت لعقود إلى حد كبير بفعل أساطير مصدرها إسرائيل”، لافتاً إلى أن “حرب يونيو كانت مفصلية لأسباب عدة، من بينها أنها كشفت كلفة خلط الغرب بين الأسطورة والاستراتيجية”، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على إيران في يونيو الماضي.
ولفت الوزير الإيراني إلى أن “العمق الاستراتيجي الكبير لإيران، التي تبلغ مساحتها حجم أوروبا الغربية، ويزيد عدد سكانها 10 أضعاف عدد سكان إسرائيل، جعل معظم المحافظات الإيرانية بعيدة عن العدوان الإسرائيلي، في حين اختبر جميع الإسرائيليين قوة القدرات العسكرية الإيرانية”.
وتابع أن “الأزمة المصطنعة حول البرنامج النووي الإيراني تعد مثالاً على كيفية تغذية روايات صيغت في تل أبيب، وروّج لها وكلاء إسرائيل، بما يقود لمواجهات لا داعي لها”.
وأكد أن “الإيرانيين شددوا لعقود على أنهم لا يسعون لامتلاك أسلحة نووية”، موضحاً أن ذلك “ليس ادعاءً تكتيكياً، بل عقيدة استراتيجية قائمة على اعتبارات دينية وأخلاقية وأمنية”.
وأشار إلى أنه خلال الولاية الأولى لترمب، جرى تضليل الإدارة الأميركية للاعتقاد بأن إيران على وشك الانهيار، وأن اتفاق 2015 النووي كان طوق نجاة لها، وأن التخلي عنه سيدفع إيران سريعاً إلى التنازل، ما شجع واشنطن على التخلي عن إطار دبلوماسي فاعل لصالح سياسة “الضغط الأقصى” التي لم تنتج سوى “مقاومة قصوى”.
وأضاف أن “عدداً متزايداً من الأميركيين، لا سيما أولئك الذين يريدون التركيز على إعادة بناء الولايات المتحدة، يقرّون علناً بما كان من المحرمات، وهو أن القبول غير النقدي للروايات الإسرائيلية استنزف موارد أميركا، وقوض مصداقيتها، وأقحمها في صراعات لا تخدم مصالحها”.
تهديد أميركي
وجاء هذا المقال بعدما قال الرئيس الأميركي، الاثنين، إن بلاده قد تدعم توجيه ضربة كبيرة أخرى لإيران إذا استأنفت تطوير برنامج الصواريخ الباليستية أو برنامج الأسلحة النووية.
وأشار ترمب، الذي كان يتحدث إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب اجتماعهما في منتجع مار الاجو في فلوريدا، إلى أن طهران ربما تعمل على استعادة برامج الأسلحة بعد القصف الأميركي العنيف في يونيو.
وقال ترمب خلال مؤتمر صحافي: “كنت أقرأ أنهم يطورون أسلحة وأشياء أخرى، وإذا كانوا يفعلون ذلك، فهم لا يستخدمون المواقع التي دمرناها، بل ربما مواقع مختلفة”.
وأضاف: “نعرف بالضبط إلى أين يتجهون، وماذا يفعلون، وآمل ألا يفعلوا ذلك لأننا لا نريد أن نهدر وقودا على طائرة B-2″، في إشارة إلى القاذفة التي استخدمت في الضربة السابقة.
وتابع: “إنها رحلة تستغرق 37 ساعة في الاتجاهين. لا أريد أن أهدر الكثير من الوقود”.
وذكرت إيران، التي خاضت حرباً استمرت 12 يوماً مع إسرائيل في يونيو، الأسبوع الماضي أنها أجرت تدريبات صاروخية للمرة الثانية هذا الشهر.
