اخر الاخبار

شاهد| في يوم الفن العالمي.. السعودية تتغنى بفنون حائل الصخرية

في اليوم العالمي للفن، تتجه أنظار العالم نحو مواقع أثرية في السعودية وتحديدا في منطقة حائل، إذ يحتفل الفن بلغة الحضارات القديمة المنقوشة على الصخر، والمحفورة على جدران الزمن.

وتُعد منطقة حائل في المملكة العربية السعودية موطنا لواحد من أبرز المواقع الأثرية العالمية، حيث تحتضن منطقتا “جبة” شمالًا و”الشويمس” جنوبا كنوزا فنية صخرية تعود إلى آلاف السنين، وتشكل شاهدًا حيًا على تاريخ الإنسان القديم وتفاعله مع البيئة. أُدرج الموقعان ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2015، ليصبحا رابع موقع سعودي ينضم إلى هذه القائمة، مما يؤكد قيمتهما التاريخية والفنية الفريدة .

موقع جبة: متحف مفتوح على العصر الحجري  

تقع جبة على بعد 100 كم شمال غرب مدينة حائل، وسط صحراء النفود الكبير، وتُعتبر من أقدم المواقع الاستيطانية في الجزيرة العربية. كانت المنطقة في الماضي بحيرة عذبة تحيط بها غابات السافانا، مما جعلها ملاذًا للبشر والحيوانات منذ العصر الحجري الحديث (حوالي 14,000 سنة قبل الحاضر) .  

 أبرز معالم جبة:  

جبل أم سنمان: يحتوي على أكثر من 5,431 نقشًا ثموديًا ورسومًا لحيوانات مثل الإبل والوعول والأسود، بالإضافة إلى مشاهد صيد واحتفالات جماعية. من أبرز النقوش “عربة يجرها حصانان”، والتي تشير إلى استخدام العجلة في فترة مبكرة تعود للألف الخامسة قبل الميلاد، مما يثير جدلًا حول تطور التقنيات في الجزيرة العربية .  

الرسوم البشرية: تظهر تفاصيل الملابس وتسريحات الشعر، مثل النساء ذوات التنورات المزخرفة والرجال بالعمائم، مما يوفر لمحة عن الحياة الاجتماعية .  

طبقات أثرية نادرة: اكتُشفت تحت النقوش طبقات أثرية تعود للإنسان الذي نحتها، مما يساعد في فهم التسلسل الزمني للحضارات .  

الشويمس: لوحات صخرية تعكس التحولات البيئية  

تقع الشويمس جنوب حائل، وتتميز بمنحدرات صخرية لوادٍ غُطي بالرمال الآن. تُظهر النقوش هنا مشاهد تعود إلى 10,000 عام، مع تركيز على الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور، مما يدل على تنوع الحياة البرية في عصور مطيرة . 

 

ميزات فريدة:  

مشاهد الصيد: تصور استخدام الأقواس والسهام لصيد الحيوانات الضخمة كالجواميس، إلى جانب مشاهد معارك ومبارزات بين الأفراد .  

النقوش الثمودية: تظهر وسوم القبائل ورسوم الجمال المستأنسة، التي أصبحت محورًا رئيسيًا في العصر الحديدي مع تغير المناخ إلى الجفاف .  

تفاعلات اجتماعية: توجد رسوم لرقصات جماعية تشبه رقصة “العرضة” النجدية، مما يشير إلى استمرارية التقاليد الثقافية .  

ويمكن تقسيم النقوش في الموقعين إلى ثلاث فترات رئيسية:  

العصر الحجري الحديث (12,0007,000 ق.م): رسوم طبيعية بحجم الإنسان لحيوانات مثل الثيران والبشر بأنشطة يومية .  

العصر البرونزي (6,5004,500 ق.م): ظهور رسوم مثلثة الشكل وأدوات حجرية كرؤوس السهام، مع طبعات الأيدي والأقدام .  

العصر الحديدي (2,5001,500 ق.م): تحول إلى الرموز الهندسية ورسوم الجمال، كتعبير عن التكيف مع التصحر .  

سجل مناخي: تعكس النقوش التحولات المناخية من فترات مطيرة إلى جافة، حيث تظهر الحيوانات المائية في جبة مقابل الجمال في الشويمس .  

إلهام فني معاصر: تُعتبر هذه الفنون مصدرًا لإلهام الفنانين الحديثين بسبب أسلوبها التجريدي والرمزي .  

وجهة سياحية: تجذب المنطقة الزوار لمشاهدة “المتحف المفتوح” الذي يربط بين جمال الطبيعة وعمق التاريخ .  

لكن تعاني النقوش من تهديدات التعرية الطبيعية والتدخل البشري. تبذل المملكة جهودًا للحفاظ عليها عبر تسجيلها عالميًا وإنشاء مراكز زوار، مثل مشاريع الهيئة العامة للتراث .

جبة والشويمس ليست مجرد مواقع أثرية، بل نافذة على ذاكرة إنسانية امتدت لعشرة آلاف عام. تُظهر هذه الفنون كيف عبّر الإنسان القديم عن وجوده وتفاعله مع الطبيعة، مما يجعلها تراثًا عالميًا يستحق الحماية والدراسة للأجيال القادمة.

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *