تخطط المفوضية الأوروبية لفرض حزمة عقوبات جديدة وشاملة ضد روسيا، بسبب الحرب في أوكرانيا، تستهدف ما تعتبره “مصادر تمويل موسكو” في الصين والهند، وهي خطوة كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد دعا إليها في وقت سابق.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الجمعة، إن المفوضية اقترحت استهداف المزيد من الكيانات الصينية والهندية في حزمة عقوبات شاملة جديدة ضد روسيا.
وأضافت في مؤتمر صحافي: “نستهدف المصافي، وتجار النفط، وشركات البتروكيماويات في دول ثالثة، بما في ذلك الصين”.
كما ذكرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الجمعة، أن المفوضية الأوروبية قدمت حزمة العقوبات الـ19 الموجهة ضد روسيا، من خلال “اتخاذ إجراءات ضد مخططات التهرب المالي الروسية في دول ثالثة”.
وأضافت كالاس، في بيان: “نضيف المزيد من المواد الكيميائية والمكونات المعدنية والأملاح والخامات إلى حظر صادراتنا، كما نشدد الرقابة على الكيانات من روسيا، وكذلك من الصين والهند”.
وقال دبلوماسيان أوروبيان لمجلة “بوليتيكو” في نسختها الأوروبية، إن نحو 12 كياناً صينياً وثلاثة كيانات هندية قد تُضاف إلى قائمة تمنع شركات الاتحاد الأوروبي من التعامل معها، فيما ستفرض حظر معاملات على شركتين صينيتين إضافيتين.
تفاصيل الحزمة
وتشمل حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة، وهي الـ19 منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، سقفاً لسعر النفط الروسي عند 47.60 دولار، وتجميد أصول لشركات، وعقوبات جديدة ضد ما يُعرف بـ”أسطول الظل” من السفن القديمة التي تنقل النفط الروسي.
كما ستفرض بروكسل حظراً على شراء الغاز الطبيعي المسال الروسي بحلول نهاية عام 2026، بالتوازي مع مشروع قانون أوروبي منفصل يهدف إلى إنهاء واردات الاتحاد من موسكو بحلول أواخر 2027.
وقال مسؤول أوروبي لـ”بوليتيكو”، إن الهدف من العقوبات هو “وقف تدفق الأموال إلى روسيا”. أما الحظر المقترح على الغاز فهو بغرض “التخلص من واردات من مورد غير موثوق بشكل دائم”، وفق وصفه.
وأكد مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي، دان يورجنسن، استعداد التكتل لحظر مبكر، مضيفاً: “لقد قلّلنا من الطلب على الغاز واستثمرنا في الطاقة النظيفة”.
وأضافت فون دير لاين: “لقد أظهرت روسيا كامل احتقارها للدبلوماسية والقانون الدولي”، في إشارة إلى الهجوم على مكاتب الاتحاد الأوروبي في كييف الشهر الماضي، واتهام روسيا بانتهاك الأجواء البولندية والرومانية، وأخيراً الإستونية. وتابعت: “ردّ أوروبا هو زيادة الضغط”.
والحزمة تحتاج الآن إلى موافقة جميع الدول الأعضاء الـ27 في الأسابيع المقبلة.
وقالت فون دير لاين: “نحن الآن نفرض عقوبات على 118 سفينة إضافية من أسطول الظل، وبذلك تصبح أكثر من 560 سفينة مدرجة تحت عقوبات الاتحاد الأوروبي، كما أن شركات تجارة الطاقة الكبرى مثل روسنفت وغازبروم، ستخضع لحظر كامل على المعاملات، وستواجه شركات أخرى تجميداً للأصول”.
وأضافت: “للمرة الأولى ستستهدف تدابيرنا التقييدية منصات العملات المشفّرة وتحظر المعاملات بها، كما ندرج بنوكاً أجنبية مرتبطة بأنظمة دفع بديلة روسية، ونفرض قيوداً على التعامل مع كيانات في مناطق اقتصادية خاصة”.
ترقب الموقف الأميركي
وتعهد القادة الأوروبيون، بمواصلة الضغط على روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا، وسط جهود دبلوماسية متنامية لدفع الكرملين للتفاوض. لكن مسؤولين أقرّوا في جلسات خاصة بأن التدابير الأكثر فعالية لن تتحقق إلا إذا انضمت الولايات المتحدة إلى عقوبات اقتصادية صارمة وآليات إنفاذ أقوى، وفق “بوليتيكو”.
وأرسل الاتحاد الأوروبي، بعثة تقنية رفيعة المستوى، إلى واشنطن الأسبوع الماضي، ولا تزال المحادثات جارية.
لكن ترمب قال إنه سيوافق على “عقوبات كبرى” على روسيا فقط، إذا أوقفت دول الناتو اعتمادها على النفط الروسي بشكل كامل، وهو شرط صعب، خصوصاً لدول مثل تركيا والمجر وسلوفاكيا.
وجدد ترمب موقفه خلال زيارة دولة إلى بريطانيا، في وقت سابق من الأسبوع، قائلاً: “إذا انخفض سعر النفط، فإن بوتين سيضطر للانسحاب.. لن يكون أمامه خيار آخر”.
وفرضت الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاء أكثر من 25 ألف عقوبة مختلفة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا منذ عام 2022 وضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وأظهر الاقتصاد الروسي قدرة على الصمود، في مواجهة هذه العقوبات، لكنه يعاني أيضاً من ارتفاع التضخم بشكل مستمر، ويرجع ذلك جزئياً إلى الزيادة الحادة في الإنفاق العسكري.
والأربعاء الماضي، صرح المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، بأن الدول الأوروبية “تعتقد خطأً أن استمرار سياسة العقوبات من شأنه بطريقة أو أخرى التأثير على موقف الاتحاد الروسي”.
وتابع: “من المؤكد أن روسيا، التي تدافع عن مصالحها الوطنية، لا تتأثر بهذه العقوبات، وأثبتت السنوات الثلاث الماضية ذلك بوضوح”.
وسجل الاقتصاد الروسي نمواً بنسبة 4.1% في عام 2023 و4.3% في عام 2024، أي بوتيرة أسرع كثيراً من دول مجموعة السبع، لكنه يتباطأ حالياً تحت وطأة ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال بوتين، الخميس الماضي، إن روسيا تتعمد إبطاء نموها الاقتصادي من أجل كبح التضخم، وإن ثاني أكبر مُصدر للنفط في العالم بعيد كل البعد عن الركود.
وأضاف بوتين خلال اجتماع نقله التلفزيون الروسي مع كبار النواب: “إنه إجراء متعمد. إنه تباطؤ في النمو مقابل كبح التضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي”.
النفط والغاز الروسي في أوروبا
ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على معظم واردات النفط الروسي ولكن ليس على الغاز، بسبب معارضة سلوفاكيا والمجر اللتين تتلقيان الإمدادات عبر خطوط الأنابيب الروسية، وتحافظان على علاقات وثيقة مع موسكو.
وينقل خط أنابيب النفط “دروجبا” إلى المجر وسلوفاكيا اللتين تواصلان شراء إمدادات الطاقة من روسيا بعد أن قطعت دول الاتحاد الأخرى علاقاتها في أعقاب غزو أوكرانيا في 2022.
وتستورد إسبانيا وبلجيكا وهولندا وفرنسا، الغاز الطبيعي المسال الروسي. ويُنقل الغاز عبر خط أنابيب “ترك ستريم” إلى سلوفاكيا والمجر وبلغاريا.
وقال بيسكوف، الأربعاء الماضي، إن خطط أوروبا للتخلص التدريجي من إمدادات الطاقة والسلع الروسية بسرعة أكبر، “لن تؤثر على روسيا ولن تجبرها على تغيير موقفها”.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول أوروبي قوله، إن المضي قدماً في حظر الغاز الطبيعي المسال الروسي، أصبح “أولوية” بعد أن تحدثت فون دير لاين مع الرئيس الأميركي ترمب، هذا الأسبوع.
وانخفضت حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال إلى 14% في الربع الثاني من عام 2025، مقارنةً بـ 22% في الربع الأول من عام 2021، وفقًا لمكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات”.