كشف تحقيق أجرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن علماء عسكريين إيرانيين، تتهمهم الولايات المتحدة بقيادة أبحاث قد تُطبق على الأسلحة النووية، استخدموا معدات بريطانية الصنع في أسلحتهم.

وبحسب التحقيق، فإن منظمة الابتكار والبحث الدفاعي SPND الخاضعة لسيطرة الجيش الإيراني، وفرضت عليها الولايات المتحدة عقوباتٍ لكونها “الخليفة المباشر لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني قبل عام 2004″، استخدمت أنابيب كشف الإشعاع التي تصنعها شركة “سنترونيك” Centronic البريطانية في معداتها المعروضة للبيع.

وتُظهر الإيداعات المقدمة أن شركة “إيمان كستار رامان كيش”، التي يرأسها محمد رضا زارع زغلجي، وهو مسؤول كبير في منظمة SPND، وفرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات في أكتوبر الماضي، متخصصةٌ في الاختبارات والتشخيصات النووية، فيما تعد “سنترونيك”، التي تتخذ من كرويدون (جنوب لندن) مقراً لها، مورداً لوزارة الدفاع البريطانية، وتعتبر الحكومة تقنيتها بالغة الأهمية للأمن القومي. 

واستحوذت عليها العام الماضي مجموعة Exosens الفرنسية للإلكترونيات الدفاعية في صفقةٍ تطلبت موافقةً وزاريةً بموجب قانون الأمن القومي والاستثمار، لكن لم يتضح كيف أو متى حصلت المجموعة الإيرانية على الأجزاء البريطانية الصنع في معداتها، إذ سبق لشركات إيرانية أن حصلت على معدات غربية عبر وسطاء وشركات وهمية.

كما لا يوجد دليل على أن شركة “سنترونيك” أو أي شركة مصنعة غربية أخرى صدّرت عن علم سلعاً إلى إيران، أو فرضت عقوبات على الجيش الإيراني أو الشركات أو الأفراد المرتبطين بالمجال النووي.

“سنترونيك”: لا علاقة تجارية مع أي كيان إيراني

ووفقاً للأدلة الفنية والكتالوجات الإلكترونية التي اطلعت عليها “فاينانشال تايمز”، فإن شركة “إيمان كستار رامان كيش” تزعم أن العديد من أجهزتها الخاصة بالسلامة الإشعاعية تستخدم أنابيب “جايجر-مولر” للكشف عن الإشعاع من شركة “سنترونيك” المحدودة البريطانية. 

ويُروَّج لبعض هذه المعدات نفسها للتصدير في كتيبات يصدرها مركز “ميندكس”، وهو وكالة التصدير الرسمية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، والذي يُسوِّق أيضاً طائرات “شاهد” المسيرة وصواريخ “عماد” الباليستية الإيرانية.

بدورها، أكدت شركة “سنترونيك” عدم وجود أي سجل لها بشأن أي معاملة أو علاقة تجارية مع أي كيان إيراني، مضيفة أنها “تُطبِّق إجراءات صارمة لمراقبة الصادرات، وتُجري تقييماً منهجياً للعملاء المحتملين لمخاطر إعادة التصدير، وأنها ستُحقِّق في الأمر”.

وتُظهر مواد تقنية أخرى لشركة “إيمان كستار رامان كيش”، ادعاء الشركة استخدام مكونات أوروبية وأميركية مختلفة في معداتها، فيما تزعم الشركة الإيرانية أن أحد أجهزة الكشف عن الإشعاع الخاصة بها، والمعروف باسم “كاشف البلاستيك الوميضي”، يستخدم مكونات من إنتاج شركة “إلجين تكنولوجي”، ومقرها تكساس.

ويُحدد دليل آخر أن عنصر تضخيم الضوء في الكاشف هو أنبوب مضاعف ضوئي من نوع Photonis XP-2282، وهو منتج توقف إنتاجه عام 2009، وصُنع بواسطة علامة تجارية مختلفة تخضع الآن لسيطرة Exosens.

وكان الرئيس التنفيذي الحالي لشركة “إيمان كستار”، جواد قاسمي، كشف لـ “فاينانشال تايمز” في أغسطس الماضي، أنه سافر إلى روسيا العام الماضي ضمن وفد من خبراء نوويين تابعين لمنظمة SPND، بجوازات سفر دبلوماسية إيرانية صادرة خصيصاً لهذا الغرض.

عقوبات أميركية

وفي أكتوبر الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة DamavandTec، وهي واجهة تابعة لمنظمة SPND رتبت رحلة موسكو، وذلك لقيامها “بتسهيل سفر خبراء نوويين إيرانيين إلى روسيا لمتابعة تقنيات حساسة ذات استخدام مزدوج، والتي يمكن تطبيقها في تطوير الأسلحة النووية”.

وكان قاسمي سابقاً الرئيس التنفيذي لشركة Paradise Medical Pioneers، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات عام 2019، لكونها واجهة لمشتريات الأسلحة النووية تحت سيطرة منظمة SPND.

وصرحت الولايات المتحدة بأن محسن فخري زاده، الذي يُعتبر على نطاق واسع مهندس برنامج الأسلحة النووية الإيراني قبل عام 2004، والمعروف باسم “خطة عماد”، والذي أصبح لاحقاً مؤسس منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية الإيرانية (SPND)، كان يشغل منصباً في الشركة قبل اغتياله عام 2020.

ولطالما خضعت “منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية” لعقوبات غربية، إذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المجموعة لأول مرة عام 2014، لمحاولتها الانخراط في أنشطة ساهمت بشكل ملموس في انتشار أسلحة الدمار الشامل، أو شكلت خطراً للمساهمة بشكل ملموس في انتشارها، كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها عام 2012، لدعمها المباشر لأنشطة إيران النووية الحساسة من حيث الانتشار.

ويُظهر الاستخدام الواضح للأجزاء المصنوعة في بريطانيا متانةَ شبكات إيران العلمية والمشتريات، رغم سنواتٍ من العقوبات التي تهدف إلى فصلها عن التكنولوجيا الغربية. 

شاركها.