اخر الاخبار

علماء يكتشفون وجود الأكسجين في أبعد مجرة معروفة حتى الآن

اكتشف فريقان من علماء الفلك وجود الأكسجين في أبعد مجرة مؤكدة تم رصدها على الإطلاق، والتي تم اكتشافها العام الماضي، والمعروفة باسم JADES-GS-z14-0.

وتم اكتشاف مجرة JADES-GS-z14-0 من قِبَل علماء باستخدام تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي، كجزء من برنامج المسح العميق المتقدم للمجرات خارج المجرة (JADES).

وتُعتبر هذه المجرة الأكثر بُعداً التي تم اكتشافها حتى الآن، حيث يبلغ انزياحها نحو الأحمر 14.32، مما يعني أنها تشكّلت بعد نحو 290 مليون سنة فقط، من ما يُعرف بـ”الانفجار العظيم”، أي أنها تكونت حين كان عمر الكون نحو 2% من عمره الحالي.

وتقع المجرة في كوكبة الكور، وقد أظهرت بياناتها الطيفية وجود خطوط انبعاث تشير إلى وجود عناصر ثقيلة مثل الأكسجين، مما يدل على أن النجوم داخل المجرة قد خضعت لعمليات تطور كيميائي معقدة في وقت مبكر من عمر الكون.

تمتاز هذه المجرة بسطوعها غير المتوقع وتعقيدها الكيميائي، مما يوفر نظرة نادرة على الفصل الأول من تاريخ الكون.




تاريخ الكون

وأشارت الدراسات إلى أن مجرة JADES-GS-z14-0 تحتوي على كتلة نجمية تقدر بنحو نصف مليار ضعف كتلة الشمس، مع حدوث انفجار نجمي قوي في المليون سنة الأخيرة.

واستخدم العلماء مصفوفة تلسكوبات تقع في صحراء أتاكاما في تشيلي للكشف عن وجود الأكسجين في تلك المجرة البعيدة.

وقال الباحثون إن ذلك الاكتشاف يؤكد هذه المجرة كانت أكثر نضجاً كيميائياً مما كان متوقعاً.

وأظهرت النتائج، المنشورة في دراستين منفصلتين في دورية “أستروفيزيكال جورنال” (Astrophysical Journal) أن المجرة تكونت بسرعة كبيرة، وتنضج بسرعة أيضاً، مما يضيف إلى الأدلة المتزايدة على أن تكوّن المجرات يحدث بشكل أسرع بكثير مما كنا نعتقد.

ويُعد الأكسجين من العناصر التي لم تكن موجودة عند ولادة الكون، حيث تشكل لاحقاً داخل النجوم عبر عمليات الاندماج النووي، ثم انتشر في الفضاء عند انفجار هذه النجوم في نهاية حياتها.

وبالتالي، فإن العثور على الأكسجين في مجرة بعيدة جداً، تشكلت بعد وقت قصير من ما يُعرف بـ”الانفجار العظيم”، يشير إلى أن عملية تكوين العناصر الثقيلة بدأت في وقت مبكر جداً من تاريخ الكون، مما يعيد النظر في النظريات السابقة بشأن سرعة تطور النجوم الأولى.

تحديد العمر الحقيقي للمجرات

يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف العلماء في تحديد العمر الحقيقي للمجرات الأولى، وخصائصها الفيزيائية والكيميائية، إذ أن وجود الأكسجين بكميات قابلة للرصد يعني أن النجوم الضخمة الأولى قد تشكلت واحترقت بسرعة، مطلقة كميات كبيرة من العناصر الثقيلة إلى الفضاء في فترة وجيزة.

وتُعد هذه المعلومات أساسية لفهم كيفية تشكّل البنى الكونية الكبرى وتطورها عبر الزمن.

تعتمد النماذج الفلكية الحالية على افتراضات حول معدلات تشكل النجوم ودورات حياتها خلال العصور المبكرة من الكون.

ومع هذا الاكتشاف، سيكون من الممكن تحسين هذه النماذج باستخدام بيانات فعلية، مما يسمح بتطوير فهم أكثر دقة لعملية إعادة التأين الكوني، وهي الفترة التي بدأ فيها الضوء ينتشر بحرية في الكون بعد تشتته بسبب الغازات المحيطة.

وكان الباحثون يعتقدون أن الكون، في عمر 300 مليون سنة، كان لا يزال صغيراً جداً بحيث لا يمكن أن يحتوي على مجرات غنية بالعناصر الثقيلة.

ومع ذلك، أشارت الدراستان الجديدتان إلى أن المجرة JADES-GS-z14-0 تحتوي على نحو 10 أضعاف كمية العناصر الثقيلة المتوقعة.

تكامل مذهل

وقال  المؤلف المشارك في إحدى الدراستين، ستيفانو كارنياني، من الجامعة العليا في بيزا بإيطاليا: “كنت مندهشاً من النتائج غير المتوقعة؛ لأنها فتحت نافذة جديدة على المراحل الأولى من تطور المجرات. فوجود مجرة ناضجة بالفعل في الكون المبكر يطرح أسئلة حول متى، وكيف تشكلت المجرات”.

كما سمح اكتشاف الأكسجين لعلماء الفلك بتحسين دقة قياس المسافة إلى المجرة JADES-GS-z14-0 بشكل كبير، إذ يوفر الاكتشاف قياساً دقيقاً بشكل غير عادي لمسافة المجرة، مع هامش خطأ يبلغ فقط 0.005%.

ولفت الباحثون إلى أن هذا المستوى من الدقة، الذي يعادل الدقة ضمن 5 سم على مسافة كيلومتر، يساعد في تحسين فهمنا لخصائص المجرات البعيدة.

وعلى الرغم من أن المجرة تم اكتشافها في الأصل باستخدام تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي، إلا أن استخدام مصفوفة تلسكوبات صحراء أتاكاما كان ضرورياً لتأكيد المسافة الهائلة لهذه المجرة وتحديدها بدقة.

وأكد  الباحثون أن هذا يُظهر التكامل المذهل بين تلك المصفوفة، وتلسكوب جيمس ويب في الكشف عن تكوّن وتطور المجرات الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *