اخر الاخبار

على من تضحكون .. – وكالة أخبار العرب: العالم بين يديك

بقلم: أ. د. محمد طاقه

التناقضات والازدواجية في السياسة الامريكية أصبحت مكشوفة تماماً أمام شعوب العالم ، ولم تعد خافية على أحد. هذه التناقضات التي اصبحت سمة رئيسية للسياسة الامريكية ، أضعفت من مكانتها الدولية وافقدتها مصداقيتها ، الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي قيادة العالم عبر شعارات مثل الديمقراطية وحقوق الانسان ، تجد نفسها اليوم غير قادرة على تطبيق هذه الشعارات حتى داخل حدودها ، فما بالك على الصعيد الدولي ؟

أنها شعارات تستخدم فقط لتحقيق مصالح امريكا الاقتصادية والسياسية وتعزيز هيمنتها على العالم بينما تتنكر للمبادئ التي ترفعها في العلن .

امريكا تتبجح برفع شعارات رنانة مثل الديمقراطية وحقوق الانسان ، لكنها في الواقع لا تطبقها ، بل تعمل ضدها تماماً .

هذه الشعارات ترفع كوسيلة لتمرير سياسات الهيمنة والسيطرة على دول العالم ، خاصة تلك التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة ، فحقوق الأنسان والديمقراطية بالنسبة لأمريكا ليست سوى اداة لتحقيق اهدافها الجيوسياسية والاقتصادية ، بينما يترك العالم ليشهد الفوضى التي تزرعها في كل مكان .

ان أي تتبع لتصرفات أمريكا منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا سنجد بوضوح انها تتقاطع كلياً مع مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

فمنذ نشأتها ، قامت الولايات المتحدة الأمريكية على أسس التوسع والسيطرة ، بدءاً من أبادة السكان الاصليين واستعباد الافارقة ، وصولاً الى الحروب الاستعمارية والتدخلات العسكرية في مختلف أنحاء العالم ، على الرغم من أنها كانت من الدول الموقعة على الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام (1948) الا أن سلوكها على الساحة الدولية تعكس تناقضاً صارخاً مع تلك المبادئ .

تدخلاتها العسكرية في فيتنام ، العراق ، افغانستان ، ودعمها للانقلابات العسكرية في امريكا اللاتينية والشرق الاوسط بالإضافة الى دعمها لأنظمة قمعية ، كل ذلك يتناقض مع ما تدعيه من التزام بحقوق الانسان .

داخلياً ، عانت أمريكا من تاريخ طويل من التمييز العنصري والظلم الاجتماعي ، بدءاً من العبودية ، مروراً بالتمييز ضد الأمريكيين من أصل أفريقيا ، والتمييز ضد الاقليات العرقية والدينية الأخرى ، حتى اليوم لا يزال التمييز والانتهاكات ضد حقوق الانسان مستمرة من خلال عنف الشرطة ، والتمييز في النظام القضائي ، وعدم المساواة الاقتصادية .

في سياستها الخارجية ، تستخدم امريكا شعار حقوق الانسان كأداة لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية فحينما يخدم ذلك مصالحها ، تتدخل بذريعة حماة حقوق الانسان والديمقراطية ، ولكن عندما يتعلق الامر بحلفائها أو بتحقيق مصالحها الاقتصادية ، تغض الطرف عن الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها تلك الدول .

في النهاية ، يمكننا القول ان سلوك امريكا عبر التاريخ يظهر أن التزامها بالإعلان العالمي لحقوق الانسان ليس أكثر من اداة سياسية ، تستخدم عندما يكون ذلك ملائماً لتحقيق اهداف الهيمنة والنفوذ ، بينما تتجاهلها تماماً عندما تتعارض مع مصالحها .

الحقيقة الاكثر وضوحاً هي أن أمريكا تقف وراء معظم الحروب التي تشهدها الساحة الدولية اليوم ، هدفها الاساسي هو أضعاف الاطراف المتحاربة عبر تزويدها بالأسلحة ، وتحريك صناعة السلاح الضخمة التي تحقق ارباحاً هائلة .

وبينما تشعل هذه الحروب ، تقدم نفسها كمنقذ بإرسال مساعدات إنسانية لتلك البلدان المدمرة ، هذه المساعدات غالباً ما تأتي من اموال تلك الدول نفسها ، وخاصة البلدان العربية .

ما يحدث في فلسطين (غزة والضفة) وفي العراق ولبنان وسوريا واليمين ، هو نموذج حي لهذه السياسة الامريكية المنافقة .

في الوقت ذاته ، تلعب امريكا لعبة مزدوجة مع دول الخليج ، حيث تقوم بابتزازها عبر تخويفها من أيران وبرنامجها النووي ، في حين أنها تدعم أيران بشكل غير مباشر لتبقى المنطقة في حالة من التوتر الدائم الذي تخدم مصالح أمريكا .

الامر الاكثر سخافة هو أن أمريكا تفرض حصاراً زائفاً على ايران وتصدر قرارات بمحاصرة ايران اقتصادياً و فرض عقوبات لا حصر لها على الحرس الثوري الإيراني ، وافراد من الحكومة الايرانية وبعض الشركات وعقوبات على تصدير النفط وغيرها من العقوبات ، وتظهر للعالم أنها تعمل على تدمير الاقتصاد الايراني ، ولكنها في الحقيقة سلمت العراق الى ايران على طبق من ذهب .

لقد اصبحت ایران تسيطر على العراق تماماً، شعباً وثروةً ونفط وغازاً ومياهاً وكل شيء في العراق ، السؤال هنا هو : این حصاركم وعقوباتكم ؟

أيران تستفيد من مليارات الدولارات التي تأتيها من العراق ، وهذه الأموال تمول أذرعها في المنطقة مثل النظام السوري وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق .

هذه الدولارات التي تتدفق الى ايران ليست مجرد اموال ، بل هي وقود لكل نشاطات ايران في المنطقة .

المفارقة أن هذه الاموال تأتي برضا أمريكا ، فهي تظهر نفسها كعدو لإيران في العلن ، بينما تدعمها وتسمح لها بالتمدد في الخفاء .

على من تضحكون ؟

لعبتكم اصبحت مكشوفة للجميع القاصي والداني يعرفون الان أن أمريكا أما انها غبية وحمقاء الى درجة كبيرة ، أو انها تنسق بشكل كامل مع نظام الملالي واسرائيل لتدمير الأمة العربية .

والواقع يشير إلى أن الاحتمال الثاني هو الارجح .

الخطة الحقيقية هي تقسيم المنطقة واضعاف الدول العربية لتمكين اسرائيل وإيران من الهيمنة ، هذه المؤامرة ليست مجرد نظرية بل واقع ملموس يعيشه العرب يومياً .

في النهاية ، لن تستطيع أمريكا الاستمرار في خداع العالم الى الابد ، اللعبة اصبحت مكشوفة ، وحان الوقت لتواجه الحقيقة ، العالم يدرك تماماً أن شعاراتها الزائفة لا تخدم إلا مصالحها الانانية وانها لن تتردد في تدمير أي دولة لتحقيق أهدافها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *