أطلق عمدة نيويورك إريك آدامز، الخميس، رسمياً حملته المستقلة لإعادة انتخابه، محاولاً إقناع الناخبين المتشككين بمنحه فترة ثانية، وذلك بعد اتهامه في قضية فساد، وقراره الانسحاب من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ليترشح كمستقل.

وعلى درج مبنى بلدية المدينة، استعرض آدامز إنجازاته السياسية، بينما وجه سهام نقده إلى المرشح الديمقراطي زهران ممداني، واصفاً إياه بأنه شاب ليبرالي “ولد وفي فمه ملعقة من فضة”، بلا إنجازات سياسية حقيقية أو سياسات قابلة للتطبيق، بحسب “أسوشيتد برس”. 

وقال آدامز: “هذه الانتخابات ستكون خياراً بين مرشح يرتدي الياقة الزرقاء ومرشح وُلد بملعقة فضية”، مضيفاً: “خيار بين أظافر متسخة وأخرى مصقولة”.

 يأتي ذلك بعد يومين فقط من إعلان ممداني، التقدمي (33 عاماً)، فوزاً صادماً في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على الحاكم السابق أندرو كومو، الذي كان يُنظر إليه على أنه الأوفر حظاً رغم فضيحة التحرش الجنسي التي أطاحت به قبل أربع سنوات من مقر الحاكم في ألباني.

صعود ممداني

وممداني، الذي ينتمي إلى التيار الاشتراكي الديمقراطي ويخدم في ولايته الثالثة في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، كان شبه مجهول قبل أشهر فقط، لكنه صعد بسرعة صاروخية إلى صدارة المشهد السياسي، بفضل حملة حيوية اشتهرت بمقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وركزت بشكل مباشر على أزمة تكاليف المعيشة المرتفعة في المدينة.

ورغم شعبيته المتزايدة، يواجه ممداني انتقادات بسبب مواقفه السابقة تجاه الشرطة، وسجله التشريعي المحدود، ووعوده الانتخابية الطموحة.

ورأى آدامز، رغم ما يحمله من أعباء سياسية وقانونية، أن مواجهة ممداني في الانتخابات العامة فرصة جيدة له، إذ يعتبره منافساً تقدمياً “يفتقر إلى الخبرة الكافية”، ما قد يمنحه فرصة لاستقطاب أصوات المعتدلين. 

 وقال آدامز لمؤيديه ساخراً: “أنا لا أهتم بسياسة تويتر، أنا مهتم بأن تُجمع القمامة”، مضيفاً: “لست مهتماً بالشعارات، أنا مهتم بالحلول”.

وكان آدامز، المسجل كديمقراطي، قد انسحب من الانتخابات التمهيدية في أبريل الماضي، ليخوض السباق كمرشح مستقل، وذلك بعد أن أسقط قاضٍ فيدرالي قضية الفساد المرفوعة ضده بناء على طلب وزارة العدل في إدارة الرئيس دونالد ترمب. وأكد آدامز حينها أن القضية القانونية أبعدته عن الحملة الانتخابية مؤقتاً، ولم يبدأ فعلياً حملته إلا الآن.

ومع ظهور نتائج الانتخابات التمهيدية الثلاثاء، والتي أظهرت تقدم ممداني بفارق كبير، كتب آدامز على منصاته في وسائل التواصل: “معركة مستقبل نيويورك تبدأ الليلة”، مؤكداً عزمه مواصلة السباق.

منافسة مع ممداني

يشار إلى أن آدامز (64 عاماً)، ضابط شرطة متقاعد، شغل لاحقاً منصب عضو في مجلس شيوخ الولاية ورئيس بلدية بروكلين، ويقدم نفسه على أنه صوت الطبقة العاملة والمدافع عن الأمن العام، ويدعو إلى ما يسميه “روح نيويورك” أو “السواجر”، التي ساعدت ابن عاملة تنظيف على أن يصبح ثاني عمدة أسود للمدينة الأكبر في الولايات المتحدة. 

أما ممداني، فهو ابن لمخرجة سينمائية حائزة على جوائز، وأستاذ في علم الأنثروبولوجيا بجامعة كولومبيا، ودرس في كلية ليبرالية خاصة، وعمل سابقاً مستشاراً لمساعدة الناس على تجنب حبس الرهن العقاري، كما كان له نشاط جانبي في مجال موسيقى الراب قبل انتخابه لأول مرة في الجمعية التشريعية عام 2020.

وفي بيان أصدره، الخميس، قال ممداني: “أهل نيويورك اختنقوا بأزمة تكاليف المعيشة، وهذا العمدة استغل تقريباً كل فرصة لتفاقمها، بينما يعقد تحالفاً مع دونالد ترمب لتدمير مدينتنا”.

ورغم أن المرشحين الديمقراطيين يتمتعون عادة بأفضلية قوية في مدينة يصوت فيها نحو ثلثي الناخبين للحزب الديمقراطي، إلا أن نيويورك سبق وأن انتخبت عمدة مستقلاً آخر مرة في 2009، عندما فاز مايكل بلومبرغ بولاية ثالثة بعد أن ترك الحزب الجمهوري. 

ويبقى التحدي الأكبر أمام آدامز هو ما إذا كان سيتمكن من التغلب على تراجع شعبيته لدى الناخبين. فعلى الرغم من حشد مؤيديه، لم يسلم من الاحتجاجات أثناء فعاليات إطلاق حملته، حيث قاطعه متظاهرون من متنزه قريب وهم يهتفون ضده. بل وصل الأمر إلى أن أحد المحتجين اقترب منه وهو على المنصة ووصفه بـ”المجرم” قبل أن يتم إخراجه بالقوة، ليتبعه آخر بعد دقائق بنفس التصرف.

ورغم ذلك، لا تزال هناك فرصة لآدامز لكسب دعم أنصار كومو من المعتدلين والدوائر الاقتصادية الذين يشعرون بالقلق إزاء توجهات ممداني التقدمية. وشهدت فعالية إطلاق الحملة حضور عدد من الزعماء الدينيين وبعض المسؤولين السابقين الذين أعلنوا دعمهم لآدامز.

أما كومو نفسه، فلا يزال يدرس إمكانية خوض الانتخابات كمرشح مستقل، مما قد يضيف مزيداً من التعقيد إلى المشهد الانتخابي المقبل. 

شاركها.