عملية جوانتانامو.. صعوبات أمام خطة ترمب لاحتجاز 30 ألف مهاجر

تعثرت خطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاستيعاب الآلاف ممن تصفهم بـ”أسوأ المجرمين” من المهاجرين غير الشرعيين في قاعدة “جوانتانامو”، ولم تنفذ كما كان مُخططاً، بعد احتجاز عدد قليل منهم في مبانٍ قديمة، وإزالة الخيام التي جُهزت على عجل بتكلفة باهظة دون أن تُستخدم، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
وقالت الصحيفة الأميركية إن القوات الأميركية أزالت بعض الخيام التي نُصبت بسرعة في منطقة خالية من القاعدة البحرية الأميركية بخليج جوانتانامو في كوبا، وذلك بعد 3 أشهر من إصدار ترمب أمراً بالاستعداد لاستيعاب ما يصل إلى 30 ألف مهاجر في القاعدة.
وأضافت أنه لم يُحتجز أي مهاجر في هذه الخيام، ولم تُسجل زيادة في أعداد المهاجرين، مشيرة إلى أنه حتى، الاثنين، احتجز 32 مهاجراً فقط، في مبانٍ شيدت قبل سنوات.
وأوضحت “نيويورك تايمز” أن إجمالي عدد المهاجرين الذين احتجزوا في القاعدة بلغ 497 شخصاً، وكان ذلك لفترات قصيرة تراوحت بين أيام وأسابيع، حيث تستخدم إدارة الهجرة والجمارك القاعدة باعتبارها “محطة مؤقتة” لاحتجاز أعداد صغيرة من الأشخاص الذين تقرر ترحيلهم.
وتوصلت وزارتا الأمن الداخلي والدفاع الأميركيتان إلى اتفاق يهدف إلى إيواء العشرات من معتقلي إدارة الهجرة والجمارك في القاعدة العسكرية، وليس الآلاف منهم كما كان مُخططاً في البداية، لكن حتى الآن لم يكشف عن التكاليف الإجمالية للعملية.
ويقول الجيش الأميركي إن لديه القدرة على تعديل وتوسيع نطاق عملياته المتعلقة بالمهاجرين في قاعدة جوانتانامو حسب الحاجة، لكن الصحيفة اعتبرت أن قرار إزالة الخيام يُظهر أن وزارتي الدفاع والأمن الداخلي لا تخططان حالياً لإيواء أعداد ضخمة من المهاجرين في القاعدة، كما كان يتصوّر الرئيس.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إنه “تم حصر الخيام والأسِرّة وتخزينها لاستخدامها في المستقبل”.
تكلفة باهظة وانتقادات ديمقراطية
والأحد، كانت فرقة العمل المسؤولة عن احتجاز المهاجرين في خليج جوانتانامو تحتجز 32 مهاجراً بانتظار الترحيل، وكان لديها نحو 725 موظفاً، معظمهم من قوات الجيش ومشاة البحرية، بالإضافة إلى 100 موظف من إدارة الهجرة والجمارك يعملون كضباط أمن أو متعاقدين، أي أن هناك أكثر من 22 موظفاً من الجيش أو إدارة الهجرة والجمارك لكل مهاجر.
وعندما زار وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث القاعدة في فبراير، أفادت الوزارة بأن عدد الموظفين وصل إلى 1000 من العسكريين وموظفي إدارة الهجرة والجمارك، ومنذ ذلك الحين، قدّرت الوزارة أنها أنفقت نحو 40 مليون دولار في الشهر الأول من عملية الاحتجاز، تشمل 3 ملايين دولار على الخيام التي لم تُستخدم مطلقاً.
في المقابل، انتقد الديمقراطيون في الكونجرس وغيرهم من السياسيين عملية جوانتانامو، واعتبروها “إهداراً” لأموال دافعي الضرائب وموارد الجيش، مشيرين إلى أن إيواء المهاجرين في المرافق الأميركية يعد أقل تكلفة بكثير.
وفي رسالة، الجمعة، طلب السيناتور جاري بيترز والسيناتور أليكس باديلا من الرئيس ترمب إصدار أمر بمراجعة العملية من قِبل وزارة الكفاءة الحكومية DOGE، للتحقق مما إذا كانت هناك حالات احتيال أو إهدار، أو سلوك غير سليم.
وكتبا في رسالتهما: “لا أحد يُعارض ترحيل المجرمين العنيفين، لكن هذه المهمة تُدار بموجب سلطة قانونية مشكوك فيها، كما أنها تُقوّض الإجراءات القانونية الواجبة، فضلاً عن كونها مُكلفة بشكل كبير، مما يهدر ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب”.
وأضافا أنهما قد أُبلغا خلال زيارة إلى جوانتانامو في مارس الماضي بأن الخيام لا تُلبي معايير الاحتجاز، وأنه لا توجد خطط لاستخدامها في احتجاز أي مهاجرين.
وشهد قائد عسكري رفيع مؤخراً بأن احتجاز 30 ألف مهاجر في خيام في جوانتانامو كان يتطلب من البنتاجون تعبئة أكثر من 9 آلاف جندي، مشيراً إلى أن التكاليف كانت ستشمل توفير الطعام والإقامة والنقل لهؤلاء الجنود.
وذكرت الصحيفة أن هذا المعدل، الذي يعتمد على وجود جندي واحد لكل 3 أو 4 مهاجرين، كان مُعداً للتعامل مع مهاجرين مثل أولئك الذين تم إيوائهم في جوانتانامو في التسعينيات، بما في ذلك المواطنين الهايتيين والكوبيين الذين تم اعتراضهم في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى الولايات المتحدة.
“أسوأ المجرمين”
وكان نموذج التسعينيات هذا يعتبر معسكرات الخيام جزءاً من مهمة إنسانية تهدف إلى الإنقاذ، وليس عملية ترحيل لإنفاذ القانون، وقال مسؤولو الدفاع الأميركيون إنه يمكن إعادة استخدام هذه المعسكرات مرة أخرى لأسباب مماثلة.
مع ذلك، فإن مذكرة التفاهم التي تم التوصل إليها في 7 مارس بين ممثلي وزارتي الدفاع والأمن الداخلي لتنفيذ أمر ترمب، تُعرِّف المهاجرين الذين يمكن احتجازهم في القاعدة بشكل مختلف تماماً عن العائلات التي كانت تُؤوى في الخيام هناك في التسعينيات.
ويُعرِّف الاتفاق الحالي الأفراد المؤهلين للاحتجاز في جوانتانامو على أنهم “مهاجرين غير شرعيين مرتبطين بمنظمات إجرامية عابرة للحدود أو أنشطة إجرامية تتعلق بالمخدرات”.
وتصنّف إدارة ترمب هؤلاء الأفراد على أنهم “عنيفين”، على الرغم من أن هذا الوصف يستند إلى تصنيف إدارة الهجرة والجمارك، وليس إلى إدانات جنائية. واتفقت الوزارتان على أن تكون وزارة الأمن الداخلي هي المسؤولة عن جميع عمليات النقل والإفراج والترحيل.
ومن بين 497 مهاجراً احتجزوا في القاعدة منذ 4 فبراير، كان 178 منهم من الفنزويليين الذي نقلوا جواً إلى قاعدة “سوتو كانو” الجوية في هندوراس، قبل إعادتهم إلى بلادهم.
وفي 23 أبريل، توقفت طائرة ترحيل مستأجرة قادمة من تكساس في جوانتانامو، وأخذت مواطناً فنزويلياً واحداً قبل أن تُسلّم 174 من المُرحّلين الذكور والإناث إلى قاعدة “سوتو كانو”.
وفي ذلك اليوم، كان هناك 42 مهاجراً آخرين من جنسيات غير معروفة محتجزين في القاعدة، وفقاً لأشخاص مطلعين على عملية النقل، كما كان هناك 93 آخرين من نيكاراجوا، أعيدوا إلى بلادهم على متن رحلات جوية أميركية مستأجرة في 3 و16 و30 أبريل.
وبشكلٍ منفصل، تجري محكمة فيدرالية تحقيقاً بشأن رحلتين جويتين عسكريتين أُجريتا في 31 مارس و13 أبريل، يُشتبه في أنهما نقلتا مهاجرين فنزويليين من جوانتانامو إلى السلفادور، في خرق لأمر قضائي يحظر ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة دون إخطارهم أو إخطار محاميهم قبل الموعد بوقت كافٍ.