غلاء ومحسوبيات في مدارس دمشق

– بيسان خلف
“المنهاج كثيف ويحتاج إلى مدرسين من أصحاب الخبرة، ولكن لا يأتينا إلا معلمون وكلاء من أبناء جيلنا لا يملكون الخبرة الكافية”، قالت الطالبة في الصف الثاني الثانوي ولاء مكارم، التي التقت بها في مدرسة ثانوية بمنطقة صحنايا.
تنوي ولاء ترك المدرسة والانتقال إلى معهد تعليمي لدراسة الصف الثالث الثانوي، بسبب “انعدام الخبرات في الكادر التدريسي الذي يعتمد المعلمين الوكلاء”.
وتواجه المدارس السورية نقصًا حادًا في الكوادر التعليمية، نتيجة تدني أجور المعلمين، وموجات الهجرة بسبب الظروف الأمنية التي فرضها النظام السوري السابق، ما دفع الكثير منهم إلى الاستقالة.
وأبرز مشكلات التعليم في المدارس الحكومية، نقص الخبرات والكوادر، واكتظاظ الطلاب، وانعدام الوسائل المساعدة للتدريس.
وكلاء دون موافقة رسمية
لجين رفاعي، طالبة في السنة الثانية بقسم الآثار ومعلمة وكيلة سابقة لمادة العلوم العامة والفيزياء في مدرسة ثانوية بمنطقة جديدة عرطوز، قالت ل، إن الوكلاء لا يأتون إلى المدارس بناء على اختيار مديريات التربية، إنما على اختيار إدارة المدرسة.
بدورها، ترفع إدارة كل مدرسة أسماء الوكلاء إلى مديريات التربية من أجل صرف مستحقاتهم، التي حددتها وزارة التربية بـ1500 ليرة سورية في الساعة، بحسب لجين.
من جهتها، ريم قادرية، طالبة في السنة الأولى بكلية الهندسة الزراعية ومعلمة وكيلة سابقة لمادة اللغة الإنجليزية في مدرسة إعدادية بمنطقة صحنايا، قالت ل، إن معلمة وكيلة في الإعدادية عرضت عليها العمل هناك، وتم قبولها من قبل إدارة المدرسة دون الرجوع إلى مديرية التربية قبل تعيينها.
وأضافت ريم أنها تسلمت راتبها عقب سنة دراسية كاملة، بعدما رفعت إدارة المدرسة سجل حضورها إلى مديرية التربية.
حاولت التواصل مع إدارة ثانوية جديدة عرطوز وإدارة مدرسة إعدادية صحنايا، ولم تتلقَّ إجابة حتى كتابة هذا التقرير.
كما حاولت التواصل مع مدير تربية دمشق السابق، آصف زيتون، للسؤال عن كيفية تعيين وكلاء بشكل مباشر من إدارة المدرسة دون الرجوع إلى مديرية التربية، لكنه رفض التصريح.

ثانوية غالب مربية في جديدة عرطوز 26 شاط 2025 (-بيسان خلف)
تعيين قائم على المحسوبيات
معظم مديري المدارس كانوا يأتون إلى الإدارة بناء على الموافقات الحزبية، واختيار الوكلاء في المدارس كان قائمًا على المحسوبيات، بحسب ما قاله مدير التعليم في وزارة التربية، محمد سائد قدور.
وأضاف قدور ل، أنه لا بد من إعادة تكليف مديرين أصحاب خبرة لتدريب الوكلاء الذين تختارهم مديريات التربية حسب الاختصاص ومتابعتهم علميًا.
ويقدّر راتب المعلم صاحب الخبرة في سوريا بـ400 ألف ليرة سورية (تعادل 40 دولارًا)، أما الأقل خبرة فراتبه 300 ألف ليرة سورية (تعادل 30 دولارًا).
مدارس مكتظة
“غادر أستاذ اللغة الإنجليزية الوكيل المدرسة منذ اليوم الأول، عندما تفاجأ بوجود 66 طالبًا في الصف الواحد”، قال طالب المرحلة الإعدادية محمود مسعود.
وتعاني المدارس في سوريا من اكتظاظ الطلاب، إذ قد يتجاوز عدد الطلاب في الصف الواحد 60 طالبًا.
وأوضح مدير التعليم في وزارة التربية، محمد سائد قدور، أن أحد أسباب كثافة الطلاب هو التقصير في بعض المدارس مقابل النجاح في أخرى.
ولذلك لا بد من تفعيل كل المدارس ونجاحها من جهة، وزيادة عدد المدارس العامة، بحسب قدور.


ثانوية المتنبي في أشرفية صحنايا 26 شباط (-بيسان خلف)
التعليم الخاص “لأولاد الذوات”
“أعمل سائقًا في تطبيق (زاكن) بعد وظيفتي، من أجل تأمين قسط المدرسة الخاصة الذي كان يبلغ مليوني ليرة لابني”.
بهذه العبارة نقل غازي فلاح، الموظف في قطاع الكهرباء، معاناة الأهالي من ارتفاع أجور المدارس الخاصة، مشيرًا إلى أن المدارس الحكومية مكتظة وسيئة، ما اضطره لنقل ابنه من مدرسة حكومية إلى خاصة.
الاكتظاظ الكبير في المدارس دفع بعض الأهالي لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، رغم ارتفاع أقساطها التي تصل إلى 10 ملايين ليرة سورية تقريبًا في السنة الواحدة (تعادل 1000 دولار).
“المدارس الخاصة لأولاد الذوات، ابن الفقير حقوقه في تلقي التعليم الجيد مسلوبة، ويومًا ما سيصبح التعليم للفقير رفاهية”، قال غازي ل.
وحول ارتفاع أجور المدارس الخاصة في سوريا أوضح مدير التعليم في وزارة التربية، محمد سائد قدور، أن الوزارة ستعيد النظر بالمرسوم الناظم للمدارس الخاصة، كما ستعمل على التخفيف من حدة المرسوم لأنه لا يتناسب مع الواقع.
وينص المرسوم التشريعي رقم “55” الناظم للمدارس الخاصة على أن كل مؤسسة تعليمية خاصة، تشارك الدولة بنسبة لا تقل عن 51% من رأس المال.
تقارير أممية حول التعليم في سوريا
قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في 24 من كانون الثاني 2020، عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا خلال سنوات من الحرب، بأكثر من مليوني طفل.
ويعاني نظام التعليم في سوريا من إرهاق ونقص في التمويل، وهو نظام مجزأ وغير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال، وبحسب بيان مشترك للمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مهند هادي، والمدير الإقليمي لـ“يونيسف” للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تيد شيبان، في 24 من كانون الثاني عام 2021، فإن الأطفال القادرين على الالتحاق بالمدرسة يتعلمون في الفصول الدراسية المكتظة، وفي المباني التي لا توجد بها مرافق مياه وصرف صحي كافية أو كهرباء أو تدفئة أو تهوية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي