فانس يدعو أوروبا لإنهاء اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة

قال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، إن على أوروبا أن تتخلى عن اعتمادها الدائم على المظلة الأمنية الأميركية، داعياً القارة العجوز إلى بناء استقلالية دفاعية حقيقية، على غرار ما دعا إليه الزعيم الفرنسي التاريخي شارل ديجول.
ونقلت مجلة “بوليتيكو” الأميركية عن مقابلة لفانس مع موقع UnHerd البريطاني، أنه “أبدى إعجابه بديجول، الذي قاد المقاومة الفرنسية ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وتولى الرئاسة بين عامي 1959 و1969، مؤكداً أنه كان محقاً حين دعا إلى استقلالية عسكرية أوروبية.
وأضاف: “ديجول كان يحب الولايات المتحدة، لكنه أدرك، كما أُدرك أنا، أنه ليس من مصلحة أوروبا، ولا من مصلحة أميركا، أن تبقى أوروبا تابعة أمنياً للولايات المتحدة إلى الأبد”.
وتأتي تصريحات فانس في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاده لحلفاء واشنطن الأوروبيين؛ بسبب اعتمادهم الكبير على القدرات العسكرية الأميركية، ملمحاً إلى أن واشنطن قد لا تلتزم بالدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي لا تستثمر بما يكفي في أمنها.
كما حذر وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، من أن الوجود العسكري الأميركي في أوروبا “ليس أبدياً”.
زيادة الإنفاق الدفاعي
ويطالب ترمب حلفاء “الناتو” بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل قفزة كبيرة عن الهدف الحالي البالغ 2%، والمقرر مراجعته في قمة لاهاي هذا الصيف.
وقال فانس: “لا أرى أن استقلال أوروبا أمر سيء للولايات المتحدة، بل إنه جيد لنا”، مضيفاً أن “بريطانيا وفرنسا كانتا على حق حين اختلفتا مع الرئيس الأميركي الراحل دوايت أيزنهاور بشأن أزمة قناة السويس في خمسينيات القرن الماضي”.
وكان أيزنهاور قد أجبر لندن وباريس حينها، قبل تولي ديجول للرئاسة، على التراجع عن تدخل عسكري لاستعادة السيطرة على قناة السويس من مصر، رغم أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية لهما.
وأضاف فانس: “باستثناء بريطانيا وفرنسا وبولندا، فإن معظم الدول الأوروبية لا تمتلك جيوشاً قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل معقول”، مشيراً إلى أن البنية الأمنية الأوروبية بالكامل طوال حياتي، كانت مدعومة من الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن ديجول كان يصر على ضرورة استقلال أوروبا أمنياً عن واشنطن، وعمل على بناء قوة عسكرية فرنسية مستقلة، شملت تطوير السلاح النووي، وصناعة دفاعية قوية، وهو ما ألهم لاحقاً فكرة الاستقلالية الاستراتيجية التي يروج لها الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون.
العراق وأوكرانيا
وفي حديثه، انتقد فانس الغزو الأميركي للعراق عام 2003، واصفاً إياه بـ”كارثة استراتيجية”، وقال إن “العديد من الدول الأوروبية كانت محقة في تحفظها على الحرب، لكنه أشار إلى أن مواقفها لم تكن قوية بما يكفي”، مضيفاً: “لو كانت أوروبا حينها أكثر استقلالية وجرأة، ربما كانت قادرة على وقف الحرب”.
ورغم انتقاداته المتكررة لأوروبا، خاصة فيما يتعلق بالهجرة وحرية التعبير، حرص فانس على إظهار نوع من الود تجاه القارة، قائلاً: “أحب الشعوب الأوروبية، قلت مراراً إن الثقافة الأميركية لا يمكن فصلها عن الثقافة الأوروبية، نحن نتاج الفلسفات والتيارات الدينية والهجرات الأوروبية التي أسست الولايات المتحدة”، لكنه عاد وأكد أن “القادة الأوروبيين لم يستثمروا كما ينبغي في أمنهم، ويجب أن يتغير هذا الأمر”.
وفي سياق متصل، وجه فانس انتقاداً جديداً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أحدث حلقة من التوتر المتصاعد بين الجانبين، والذي بدأ بمواجهة حادة في البيت الأبيض في فبراير الماضي، حين وصف فانس زيلينسكي بأنه “غير محترم”.
وكان زيلينسكي قد ذكر ، في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” الأميركي، بأن فانس يبرر بطريقة ما الغزو الروسي، واتهمه بالوقوع تحت تأثير الدعاية الروسية.
ورد فانس قائلاً: “من السخيف أن يتهمنا زيلينسكي، ونحن من يمول حكومته وجهوده الحربية بالكامل، بأننا نقف إلى جانب الروس”.