تُعدّ سرايا أنصار السنّة، التي تبنّت الجمعة الهجوم الدامي على مسجد في حي علوي في مدينة حمص، مجموعة مسلّحة ناشئة لا تزال محدودة المعالم، إلا أنّ نشاطها المتسارع وخطابها المتشدّد دفعا محللين إلى ترجيح كونها واجهة إعلامية وأمنية لتنظيم داعش، في ظل تقاطع واضح في الأهداف والمنهج.

وبرز اسم المجموعة للمرة الأولى على نطاق واسع في 22 حزيران، عندما تبنّت هجوماً انتحارياً داخل كنيسة في دمشق، أسفر عن مقتل 25 شخصاً. وقالت حينها، في بيان نُشر عبر تطبيق تلغرام، إن العملية جاءت “بعد استفزاز من مسيحيي دمشق في حق الدعوة”، نافية في الوقت نفسه اتهام السلطات السورية لتنظيم داعش بالوقوف خلف الهجوم.

وعادت المجموعة إلى الواجهة، الجمعة، بعد إعلانها مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب في حمص، وأسفر عن سقوط ثمانية قتلى، متوعّدة بأن هجماتها “ستستمر في التزايد وتطال جميع الكفار والمرتدين”، وفق تعبيرها. وقد زادت هذه العمليات من مخاوف الأقليات الدينية والمذهبية في سوريا، في وقت تصنّفها السلطات ضمن محاولات “زعزعة استقرار” البلاد.

ويقول الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، هارون زيلين، إن الهجوم على المسجد يُعد “الأكبر” منذ استهداف الكنيسة في دمشق، معتبراً أنّ هذا النمط من العمليات يُستخدم “كأداة لتجنيد مزيد من المقاتلين”. ويضيف: “السؤال المطروح هو ما إذا كان ما نشهده أحداثاً معزولة، أم بداية نسق عملياتي متواصل على غرار ما كان يعتمده تنظيم داعش”.

وتُظهر مراجعة حساب المجموعة على تلغرام، الذي يتابعه أكثر من 4 آلاف شخص، أنّه أُنشئ في الثامن من حزيران، بقيادة شخص يُدعى أبو عائشة الشامي. غير أنّ المجموعة تقول إنها أعلنت عن نفسها ككيان مستقل منذ مطلع العام، بعد أن خلع الرئيس السوري أحمد الشرع بزته العسكرية.

وإلى جانب هجومي الكنيسة والمسجد، تبنّت “سرايا أنصار السنّة” عمليات اغتيال قالت إنها استهدفت أشخاصاً ين بالحكم السابق، كما أعلنت مسؤوليتها عن إحراق مساحات من الغابات في الساحل السوري، الذي يُعد معقلاً للأقلية العلوية، خلال فصل الصيف، من دون توافر تقديرات دقيقة عن عدد مقاتليها أو بنيتها التنظيمية.

ويرى محللون أنّ صفوف المجموعة تضم قادة وعناصر سابقين في هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي كان يتزعمه الشرع وقاد الهجوم الذي أطاح الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول. وتكشف غالبية منشورات المجموعة معارضتها الشديدة لأداء الشرع وحكومته، وانتقادها الاحتكام إلى القوانين الوضعية، في خطاب يعكس توجهاً عقائدياً متشدداً.

وفي عدد من بياناتها، تُبدي المجموعة تعاطفاً واضحاً مع تنظيم داعش، وتندّد بعمليات التحالف الدولي والسلطات السورية التي تستهدف عناصره. وبعد هجوم وقع في منطقة تدمر وأسفر هذا الشهر عن مقتل ثلاثة أميركيين، ونفّذه عنصر من قوات الأمن السورية ونسبته واشنطن إلى داعش، أكدت “سرايا أنصار السنّة” في منشور أنها تقف إلى جانب التنظيم في مواجهة الحكومة السورية.

ويخلص زيلين إلى أنّ المجموعة “تشكل على الأرجح واجهة لتنظيم داعش”، مرجحاً وجود روابط مباشرة أو غير مباشرة بينهما، ومشيراً إلى أنّها قد تكون جزءاً من استراتيجية تضليل إعلامي تهدف إلى إخفاء الحجم الحقيقي للتنظيم، وجذب عناصر جدد تحت مسمّى أقل إثارة للنفور. ورغم استحضارها الواضح لأدبيات داعش في بياناتها، تصرّ المجموعة على نفي الانتماء التنظيمي إليه، مؤكدة في بيان نشرته السبت على تلغرام: “نحن جماعة مستقلة إدارياً، لكننا نلتقي معهم في العقيدة والمنهج”.

شاركها.