وجهت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب، اتهامات بـ”ارتكاب جرائم ضد الإنسانية” لسوري يشتبه بانتمائه إلى جهاز المخابرات، وعمله في مركز احتجاز شهد عمليات تعذيب وانتهاكات في عهد النظام السوري السابق.

وذكرت وكالة “فرانس برس”، أن الموقوف اسمه “مالك ن”، من مواليد محافظة حمص عام 1991 ويقيم في فرنسا.

وبناء على طلب النيابة العامة الوطنية المختصة بالجرائم ضد الإنسانية، قام قاضي التحقيق، أمس الخميس بتوجيه تهمتي “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية”، ووضع الموقوف (مالك) رهن الحبس الاحتياطي.

وبدأت القضية في تشرين الأول 2020، وفق الموقع الفرنسي، بإشعار من المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية، لتفتح النيابة تحقيقا أولياً في جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في سوريا بين عامي 2010 و2013.

وقالت النيابة في بيان، إن التحقيق استهدف “الأفعال التي يحتمل” أن يكون “مالك.ن” ارتكبها بصفته عضوًا مفترضًا سابقًا في “الفرع 285 التابع للمخابرات وأمن الدولة بدمشق” في عهد النظام السابق.

وتدرج الأمم المتحدة “الفرع 285” ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز مخابرات النظام البائد التي شهدت أعلى عدد من وفيات المعتقلين منذ عام 2011.

وذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي أن “مئات السجناء احتجزوا في قبو الفرع 285 في ظروف غير إنسانية، محرومين من النظافة والرعاية الطبية”.

وأدرج مدير الفرع على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي منذ تموز 2012، وفق النيابة العامة الفرنسية.

وأشارت النيابة العامة إلى أن العديد من التقارير الأخرى “أفاد بوقوع حالات اغتصاب واعتداء جنسي على المعتقلين أثناء الاستجواب في الفرع 285″، ورحبت بـ”جودة وسلاسة” التعاون القضائي الدولي في هذه القضية، ولا سيما مع ألمانيا والسويد وبلجيكا والنروج وهولندا.

وتعرض المعتقلون في فرع “285” لعمليات تعذيب منهجية “بأساليب متعددة”، وثقتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” منذ تموز 2012.

ومن هذه الأساليب: الضرب، الضرب بأدوات، الصعق الكهربائي، بساط الريح، وضعية الإجهاد (الوقوف لفترات طويلة)، الاعتداء الجنسي (التعرية لفترات طويلة).

3 مذكرات اعتقال ضد الأسد

في 23 من تشرين الأول الماضي، أصدرت فرنسا مذكرة توقف جديدة بحق رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، ليصبح بحقه ثلاث مذكرات قضائية دولية.

نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر قضائي، اليوم الخميس 23 من تشرين الأول، أن قضاة التحقيق الباريسيين وقّعوا مذكرة التوقيف، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، في 29 من تموز الماضي.

وجاءت هذه المذكرة بعد أيام قليلة من إلغاء مذكرة توقيف كانت قد صدرت في تشرين الثاني 2023، حين كان الأسد في منصبه، بسبب حصانة رئيس الدولة في أثناء ممارسته لمهامه.

كيف صدرت مذكرة الاعتقال بحق الأسد

في آذار 2021، تقدم ناجون ومنظمات غير حكومية بشكوى جنائية في فرنسا تدعو السلطات إلى التحقيق في هجمات غاز السارين التي استهدفت عدرا ودوما والغوطة في سوريا في 2013، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وبعد تقديم الشكوى وانضمام أطراف مدنية، تم فتح تحقيق رسمي في نيسان 2021 تبعه تعيين قاضيين للتحقيق.

جمعت منظمات حقوقية ومدنية سورية عشرات الشهادات من ضحايا وذويهم، وشهود على الهجمات، إلى جانب شهادات خبراء، ومئات الأدلة الوثائقية.

واستنادًا إلى حجم وتفاصيل الأدلة، قرّر قضاة التحقيق أن هناك أدلة جدية، أو مؤيدة، ترجّح أن الأشخاص التالية أسماؤهم قد شاركوا في التخطيط للهجمات بالأسلحة الكيميائية وفي تنفيذها، ويتحملون المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم:

بشار الأسد- رئيس الجمهورية العربية السورية آنذاك.

ماهر الأسد- القائد الفعلي للفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري.

العميد غسان عباس- مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري آنذاك.

اللواء بسام الحسن-  مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية السورية آنذاك.

لذلك قرر قضاة التحقيق أن الرد المناسب لشكوى الضحايا والأدلة المقدمة هو إصدار مذكرات توقيف دولية بحق الأفراد الذين تم تحديد هويتهم بتهم التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

” في النظام القضائي الفرنسي، تعني مذكرة التوقيف أمرًا قضائيًا موجهًا قوات إنفاذ القانون بالبحث والعثور عن الشخص المذكور وجلبه للمثول أمام قاضي التحقيق. وقد نشرت مذكرات التوقيف هذه على المستويين الأوروبي والدولي عبر الـ إنتربول والـ يوروبول”

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

وبعد صدور مذكرات التوقيف في باريس، في 23 من كانون الأول 2023، قدم مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب (PNAT) طعنًا، وأحال القضية إلى غرفة التحقيق في محكمة استئناف باريس، مطالبًا بإلغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد.

مذكرتا اعتقال إضافيتان

هناك مذكرتان إضافيتان صدرتا أيضًا بحق الأسد، الأولى في 20 من كانون الثاني 2025، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب، تتعلق بقصف منطقة سكنية في درعا (جنوب غربي سوريا) عام 2017.

والثانية صدرت في 19 آب من 2025، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعلق بقصف مركز إعلامي في مدينة حمص عام 2012، أدى إلى مقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفن العاملة في “صنداي تايمز”، والمصور الفرنسي ريمي أوشليك.

كما أُصيب في الهجوم الصحفية الفرنسية إديث بوفبيه، والمصور البريطاني بول كونروي، والمترجم السوري وائل العمر.

وفي هذه القضية، أصدر قضاة التحقيق أيضًا مذكرات توقيف بحق ستة من كبار الضباط السابقين، من بينهم ماهر الأسد وعلي مملوك، الذي كان حينها مديرًا لإدارة المخابرات العامة السورية.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.