اخر الاخبار

فرنسا.. بايرو يمرر الميزانية دون تصويت ويخاطر بإسقاط حكومته

لجأ رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، الاثنين، إلى استخدام المادة 49.3 من الدستور، والتي تخول له تمرير مشروعي قانوني ميزانية عام 2025 والضمان الاجتماعي دون تصويت البرلمان، في عملية محفوفة بالمخاطر، قد تطيح بالحكومة الفرنسية الثالثة خلال أقل من عام.

وأعلن بايرو أمام الجمعية الوطنية (البرلمان)، التي تضم 577 نائباً، أنه سيستخدم المادة 49.3 من الدستور لاعتماد المشروعين دون الحاجة إلى تصويت البرلمان المنقسم منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت العام الماضي.

وقال بايرو: “نحن في لحظة الحقيقة. لا يمكن لأي دولة أن تبقى على مستمرة بدون ميزانية”.

وسيستخدم رئيس الوزراء أيضاً هذه المادة مرتين، الأسبوع المقبل، لتمرير الأجزاء المتبقية من الميزانية.

وبذلك سيكون لدى المشرعين المعترضين على الميزانية، 4 فرص للإطاحة بالحكومة الفرنسية للمرة الثانية خلال أقل من شهرين، بعد إسقاط رئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي، بسبب خلافات على حجم الإنفاق.

وتسمح المادة 49.3 من دستور فرنسا للحكومة بإقرار تشريع جديد دون موافقة البرلمان، ولكن في المقابل تمنح النواب فرصة الطعن في هذا القرار، من خلال تقديم اقتراح بحجب الثقة في غضون 24 ساعة. يجب التصويت عليه في غضون 48 ساعة.

حجب الثقة عن حكومة بايرو

وأعلن حزب “فرنسا الأبية” اليساري، الذي يقود “الجبهة الشعبية الجديدة”، أنه سيقدم مشروعين في البرلمان من أجل التصويت على حجب الثقة عن حكومة بايرو.

ومن المرجح أن يتم إجراء التصويت بحجب الثقة، الأربعاء المقبل، وفي حال أيدته الأغلبية في مجلس النواب، فقد يضطر الرئيس إيمانويل ماكرون مرة أخرى إلى البحث عن رئيس وزراء جديد.

وقال مصدر برلماني لوكالة “رويترز”، إن “الحزب الاشتراكي (يسار الوسط) قرر، الاثنين، عدم دعم التصويت على مشروع قانون حجب الثقة عن الحكومة، المقرر إجراؤه الأربعاء المقبل”، فيما لم يعلن حزب “التجمع الوطني”اليميني المتطرف، الذي تتزعمه مارين لوبان وقاد الإطاحة بحكومة بارنييه، بعد موقفه من مشروع حجب الثقة، لكن من المتوقع أن يسمح له بالاستمرار في منصبه.

فيما يرى رئيس “التجمع الوطني” جوردان بارديلا أن حل الجمعية أمر “أمر حتمي ولا مفر منه”، لكنه حافظ على الغموض حول تصويت نواب الحزب على سحب الثقة، وفق ما أوردت صحيفة “لوموند”.

“حالة من الاضطراب”

وعانت فرنسا منذ أشهر من حالة “عدم اليقين السياسي” بعد الانتخابات المبكرة التي أجريت في الصيف الماضي، وأسفرت عن انقسام الجمعية الوطنية بين ثلاث كتل لا يمكن التوفيق بينها، وتركت ماكرون بدون مسار واضح للأغلبية. واستقال رئيس الوزراء حينها جابرييل أتال، في أعقاب ذلك.

وتولى ميشيل بارنييه، المفاوض السابق للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، منصبه في سبتمبر، ولكن كان عليه أن يتعامل مع نفس الواقع السياسي الممزق.

وانهارت حكومته في ديسمبر الماضي، بعد تصويت بحجب الثقة على خلفية محاولته تمرير الميزانية باستخدام المادة 49.3. وكانت فترة ولايته هي الأقصر في تاريخ فرنسا الحديث.

ولتجنب نفس مصير بارنييه، يجب على بايرو وحكومته إقناع المشرعين بعدم دعم مقترح بحجب الثقة.

انقسام في البرلمان

وتنقسم الجمعية الوطنية الفرنسية إلى ثلاثة أطراف متساوية تقريباً: الأول تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري الذي يضم الاشتراكيين والخضر والشيوعيين وحزب “فرنسا المتمردة”، والثاني مجموعة ماكرون الوسطية وحلفاؤها، والثالث حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، والذي أصبح له نفوذ كبير بعد تحالفه مع حزب “الجمهوريين” الوسطي.

ونظراً لأن الوسط أصبح يشكل أقلية، فإن التحالف اليساري واليمين المتطرف لديهما ما يكفي من الأصوات لتمرير اقتراح حجب الثقة، وهو ما أدى إلى خسارة بارنييه لمنصبه.

ويسير بايرو على حبل مشدود، وإذا انقلب عليه كل من الاشتراكيين والتجمع الوطني، فمن المرجح أن تسقط حكومته.

وتسير فرنسا حالياً بدون ميزانية سنوية كاملة وتعتمد على التشريعات الطارئة لتجنب إغلاق المؤسسات الحكومية. وتم رفض الخطة المالية السابقة لعام 2025 مع انهيار حكومة بارنييه عندما حاول دفع 60 مليار يورو (61.8 مليار دولار)، في زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق من خلال البرلمان لخفض العجز إلى 5% من الناتج الاقتصادي من حوالي 6.1% في عام 2024.

وتم الاتفاق على الشكل النهائي لمقترح ميزانية 2025، الجمعة الماضية، عندما توصلت لجنة برلمانية إلى اتفاق بشأن مشروع القانون.

وتستهدف إدارة بايرو تعديلاً أصغر قليلاً يعتمد على 50 مليار يورو من المدخرات للوصول إلى عجز بنسبة 5.4% في عام 2025.

تنازلات بايرو

ويحتاج بايرو إلى دعم الاشتراكيين للبقاء، لكن إرضاء حزب يسار الوسط قد يأتي على حساب الدعم من مجموعة صغيرة من المشرعين من يمين الوسط، الذين رفضوا زيادات الضرائب أو تعليق تطبيق إصلاح معاشات ماكرون.

ويتعين على بايرو أيضاً أن يأخذ في الاعتبار مطالب الساسة اليمينيين، بما في ذلك من لوبان ووزير الداخلية برونو ريتيلو، بسن قواعد أكثر صرامة للحد من الهجرة.

وخلال اجتماع اللجنة البرلمانية، الجمعة، صوت المشرعون الاشتراكيون ضد أحدث نسخة من الميزانية، لكنهم زعموا أنهم حصلوا على سلسلة من التنازلات، بما في ذلك الحفاظ على الإنفاق على الصحة والتعليم والمعاشات التقاعدية.




وإذا خسر بايرو الدعم الضمني من الاشتراكيين، فقد يحتاج إلى استمالة لوبان للامتناع عن التصويت على حجب الثقة، وهو ما حاول سلفه بارنييه تحقيقه وفشل.

وإذا سقطت الحكومة، فسيتعين على ماكرون اختيار رئيس وزراء جديد. بمجرد تسميته، سيتعين على هذا الشخص اقتراح حكومة يعينها الرئيس.

وسوف تستأنف الحكومة الجديدة المحادثات بشأن تمرير الميزانية الحالية أو تتفاوض على مشروع قانون جديد. وإلى أن تتمكن فرنسا من إقرار ميزانية كاملة لهذا العام، فسوف تعتمد على تشريعات طارئة مؤقتة لتجنب الإغلاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *