أفاد رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو بأنه سيتم إلغاء الوحدة المسؤولة عن ما يٌعرف بـ”الخدمة الوطنية الشاملة”، في أفق التحضير لإطلاق الخدمة العسكرية الطوعية، وسط مساعي أوروبية لتعزيز دفاعات التكتل وقدراته العسكرية بشأن ما يعتبرونه “الخطر الروسي المحتمل”، وفق مجلة “بوليتيكو”.
وأطلقت فرنسا “الخدمة الوطنية الشاملة” عام 2019، وهي خدمة اختيارية لمدة شهر للمتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً، بهدف تعزيز القيم الفرنسية.
ووُصف البرنامج المدني، الذي يرتدي فيه المتطوعون زياً عسكرياً، بأنه خطوة أولى نحو الخدمة العسكرية، إلا أن المشاركين فيه لا يحصلون على تدريب عسكري فعلي يُذكر، بحسب المجلة.
وفي حين أن الخطط الجديدة لا تصل إلى حد التجنيد الإلزامي، الذي تم إنهاؤه عام 1997 من قبل الرئيس السابق جاك شيراك، فمن المرجح أن يتضمن البرنامج الطوعي تدريباً عسكرياً مكثفاً، وهو مصمم لتمهيد الطريق للتجنيد في القوات المسلحة العاملة أو الاحتياط.
في يوليو الماضي، صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن فرنسا ستضع “إطاراً جديداً يسمح للشباب بالخدمة”. ورغم أن التعديلات لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أنها تُظهر أن العمل على تحقيق ذلك يمضي قدماً، وفق “بوليتيكو”.
تجربة فاشلة
منذ مارس 2024، أصبح البرنامج الذي جاء به ماكرون ضمن برنامجه الانتخابي داخل المقرر المدرسي، من خلال فترة تدريب اختيارية مدتها اثنا عشر يوماً مخصصة لتلاميذ الصف الثاني الثانوي.
وكانت الفكرة المبدئية للبرنامج هي إطلاق “خدمة وطنية” إلزامية لمدة شهر واحد للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً، يشرف عليها بشكل مباشر كل من الجيش الفرنسي وجهاز الدرك الوطني.
لكن على خلاف ذلك، تم تكليف مديرية الشباب والتعليم الشعبي (DJEPVA)، التابعة لوزارة الرياضة، بمهمة تسيير هذا البرنامج.
وتقول صحيفة “لا ديبيش” الفرنسية إن البرنامج الذي شهد تقليصاً في ميزانيته، لم يتمكن من “إيجاد وتيرته”، ونقلت عن وزيرة قولها: “كلنا لاحظنا أنه مكلف للغاية، وفي النهاية لسنا متأكدين من فائدته. كما أنه لا يلبي احتياجات قوات الجيش من الناحية العملياتية”.
وكان من المتوقع أن يتم تعميم البرنامج في عموم البلاد اعتباراً من مطلع العام الدراسي 2025، لكن في نهاية المطاف تم التخلي عن هذه الخطوة.
توجه أوروبي جديد
ويأتي هذا في الوقت الذي تُكافح فيه دول أوروبية، بما في ذلك ألمانيا وبولندا، مشاكل التجنيد، بينما تستعد القارة لمواجهة مباشرة مع روسيا بقيادة فلاديمير بوتين.
وأوقفت عدة دول أوروبية التجنيد الإجباري بعد نهاية الحرب الباردة، لكن العديد منها، وخاصة الإسكندنافية ودول البلطيق، أعادت فرْضه في السنوات الأخيرة إلى حد كبير بسبب التهديد الذي تشكله روسيا.
وقد يؤدي عدم الامتثال للتجنيد إلى التعرض لغرامات أو السجن في بعض الدول.
وأقر مجلس الوزراء في ألمانيا، في أغسطس الماضي، مشروع قانون يسمح بالخدمة العسكرية الطوعية، وهي خطوة تفتح الباب أمام إعادة فرض التجنيد الإجباري.
وتأمل وزارة الدفاع الألمانية في أن يساهم البرنامج الطوعي، الذي يستمر 6 أشهر، في زيادة عدد جنود الاحتياط المدربين بمقدار المثل من نحو 100 ألف جندي حالياً، وأن يواصل بعض المتطوعين مسيرتهم المهنية في الخدمة الفعلية.
وكانت لاتفيا أحدث دولة تنضم لقائمة الدول المطبقة للتجنيد الإجباري، إذ أعادت فرض الخدمة العسكرية الإلزامية في مطلع يناير الماضي بعد إلغائها في عام 2006.
وتمتلك النرويج والسويد، أحدث عضوين في “الناتو”، أعداداً كبيرة من جنود الاحتياط، ولكن ليس مثل فنلندا.
واستدعت السويد نحو 7 آلاف فرد في 2024، ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم إلى 8 آلاف العام المقبل، وفقاً للقوات المسلحة السويدية.