يعتزم رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو تقديم قانون خاص لضمان استمرارية عمل الدولة، وذلك بعدما فشل البرلمان في تمرير مشروع قانون المالية لعام 2026، فيما يواجه لوكورنو تحدياً صعباً لإقناع الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري بالتصويت للميزانية قبل الانتخابات المحلية.
ومن المقرر تقديم القانون الخاص (موازنة استثنائية) في مجلس الوزراء، الاثنين، برئاسة لوكورنو. فيما ذكرت شبكة EUROPE 1 الفرنسية، أن رئيس الوزراء الفرنسي سيقدم تنازلات لإقناع بعض الأحزاب بالتصويت على الموازنة قبل الانتخابات البلدية المقررة في مارس المقبل.
وقبل ذلك، سيجتمع لوكورنو مع حلفائه في كتلة الوسط، وكذلك مع الحزبين اللذين يجب إقناعهما بالتصويت لصالح الميزانية، وهما الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري.
تنازلات جديدة
وحدد رئيس الوزراء الفرنسي هدفاً واضحاً، وهو التوصل إلى تسوية قبل الانتخابات البلدية في مارس المقبل، لأنه يعلم أن الحملات السياسية ستطغى على قضية الموازنة و”مصلحة الدولة” في ذلك الوقت، وفق صحيفة “لوفيجارو”.
وقالت وزيرة الحسابات العامة، أميلي دو مونشالين، “كلما طال الوقت دون ميزانية، زادت الكلفة المالية. ففي العام الماضي، كلفت الثمانية أسابيع بدون ميزانية الدولة نحو 12 مليار يورو”.
من جانبه، يحث زعيم الجمهوريين، برونو ريتايليو، الحكومة على استخدام المادة 49.3، التي تتيح تمرير القانون دون تصويت، لإقرار الميزانية. ويؤكد زعيم الجمهوريين، أنه على رئيس الوزراء “التوقف عن التنازل المستمر للاشتراكيين”.
ولتحقيق أهدافه، سيتعين على لوكورنو تقديم تنازلات جديدة لكل من الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري، دون أن يغضب مؤيدي الرئيس إيمانويل ماكرون. ويصف نائب من كتلة الوسط هذا الطريق، بأنه “شبه مستحيل، لكنه ليس سبباً لإحباط خطط رئيس الوزراء”.
ميزانية الدفاع في مهب الريح
وفي حال عدم إقرار الميزانية قبل نهاية العام الجاري، ستضطر الحكومة إلى ترحيل ميزانية هذا العام وتطبيقها على عام 2026، وهو إجراء سيحدّ من قدرة لوكورنو على إعادة ضبط المالية العامة ووضعها على المسار الصحيح.
ويُعد ترحيل الميزانية، إجراءً مؤقتاً لتجنب إغلاق حكومي على النمط الأميركي، لكنه حل غير مثالي، إذ لا يمكن إقرار أي إنفاق جديد، بما في ذلك مقترحات الرئيس إيمانويل ماكرون، لزيادة الإنفاق الدفاعي الفرنسي بمقدار 6.5 مليار يورو خلال العامين المقبلين، وفق “لوموند”.
وكان لوكورنو حذّر في نوفمبر الماضي، من أن الفشل في إقرار الميزانية قبل نهاية العام يشكّل “خطراً” على الاقتصاد الفرنسي.
وتابعت الأسواق المالية تطورات الوضع في فرنسا بقلق، وسط مخاوف من أن تدخل البلاد في “فراغ سياسي” قد يعرقل قدرتها على ضبط ماليتها العامة.
إجراءات مؤقتة
وسيتجه المشرّعون إلى إقرار إجراء مؤقت، يقضي بتمديد العمل بميزانية عام 2025 إلى العام المقبل، ثم العودة لاحقاً للعمل على إقرار ميزانية 2026 خلال العام الجديد.
وبينما سيحول هذا الحل المؤقت دون حدوث إغلاق حكومي على النمط الأميركي، فإنه لا يسهم في خفض عجز الميزانية، الذي يُتوقع أن يبلغ هذا العام 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان لوكورنو قال في أكتوبر الماضي، إن عجز ميزانية عام 2026 يجب ألا يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
من جهته، قال فرانسوا فيليروا دو جالو، محافظ بنك فرنسا (البنك المركزي)، في مقابلة مع صحيفة “لو فيجارو”، الجمعة، إنه على البلاد إبقاء العجز دون مستوى 5% لضمان سلامتها المالية مستقبلاً.
وأضاف: “مع عجز يتجاوز 5%، فإن فرنسا ستعرّض نفسها بوضوح للخطر. ففي كل عام، يتم استنزاف نحو 7 مليارات يورو إضافية، بسبب مدفوعات فوائد الدين، ما يعني 70 مليار يورو خلال عشر سنوات لم تعد متاحة للإنفاق على التعليم أو الأمن أو التكنولوجيا الرقمية”.
