كشف مصدر خاص لوكالة ستيب نيوز عن حالة من الفساد الإداري داخل وزارة الدفاع السورية والقوات التابعة لها في منطقة “نبع السلام” شمال سوريا، حيث تتواجد هناك أربع فرق عسكرية انضمت للجيش السوري الجديد بعد تحرير سوريا، إلا أنها تحتفظ بنفس القيادة السابقة لفصائل “الجيش الوطني” المدعوم تركياً، حيث إن المنطقة محاصرة من كل الجهات من قبل قوات قسد.
رواتب متأخرة تزيد عبء الحصار
يقول المصدر الذي فضّل عدم كشف اسمه، إن الفصائل المحلية في المنطقة والتي كانت تشكّل “الجيش الوطني” المدعوم تركياً، انضمت إلى وزارة الدفاع السورية خلال إعادة تشكيل الجيش السوري الجديد.
ويوضح أن وزارة الدفاع السورية قبلت النسبة الأكبر من المقاتلين ضمن تشكيلاتها، لكنها رفضت نحو ألف مقاتل، وبدأت تسليم الرواتب من خلال تطبيق “شام كاش” الذي تم اعتماده في سوريا.
إلا أن المصدر يتحدث عن تأخر كبير في عملية تسليم الرواتب، حيث تُصرف مرة واحدة كل شهرين تقريباً، ويُعطى المقاتل مبلغاً يتراوح بين 100 إلى 150 دولاراً أمريكياً.
ويتابع المصدر: “في الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، يواجه السكان بشكل عام أزمة مرتبطة بتأخر الرواتب، إلا أن هذه الأزمة تتفاقم بشكل خاص بالنسبة للعناصر التابعة للفصائل التي كانت في السابق جزءاً من “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا. ويوجد العديد من هؤلاء العناصر في منطقة “نبع السلام”، التي تشمل مدينتي رأس العين وتل أبيض، حيث تُعتبر الضائقة المالية نتيجة حتمية لهذا التأخير”.
ويشرح خصوصية المنطقة كونها محاصرة، ولا يستطيع أهلها الخروج منها إلى باقي مناطق سوريا سوى عن طريق تركيا، ويبقى الخروج من خلال مراسلات عسكرية بين الفصائل والكتائب في المنطقة مع الجانب التركي.
أحد المقاتلين تحدّث لوكالة ستيب نيوز باسم “أحمد علي”، وهو اسم مستعار اختاره خوفاً من ملاحقة أمنية، عبّر عن استيائه الشديد بسبب عدم استلامه راتباً كاملاً منذ أن انضمت الفصائل التي يعمل معها إلى وزارة الدفاع. وأوضح أن الرواتب تُصرف عادةً كل خمسين إلى ستين يوماً، وتبلغ قيمتها 150 دولاراً أمريكياً فقط، وهي تكافئ راتب شهر واحد، ما يُضيف إلى أعبائهم الاقتصادية.
اقتطاع من الرواتب لصالح القيادات
إضافة إلى ذلك، تتفاقم المشكلة بسبب انتشار الفساد داخل إدارة الفصائل العسكرية. ووفقاً للمصادر الميدانية، عندما تصل اللجنة المسؤولة عن دفع الرواتب، يتم تسليم المستحقات مباشرة للعناصر، إلا أن هؤلاء العسكريين يُجبرون لاحقاً على تسليم جزء من رواتبهم لقادة السرايا والكتائب.
ويُقدّر هذا الخصم بما يتراوح بين خمسين إلى مئة دولار أمريكي. وتشير المصادر إلى أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل حدثت قبل الانضمام لوزارة الدفاع السورية.
ويوضح “العلي” أن حجّة القادة هي وجود عناصر مرفوضين من قبل وزارة الدفاع، لكنهم لا يزالون يتبعون لهذه الفصائل، وبالتالي يحاولون تغطية رواتبهم من خلال الخصم من رواتب زملائهم المقبولين.
ويضيف أن العناصر مُجبرون على قبول الأمر والاستغناء عن جزء من رواتبهم، لأنهم مهددون بالفصل والسجن، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من المقاتلين هم من مناطق أخرى في سوريا، نازحون في هذه المنطقة منذ سنوات، ولا يستطيعون مغادرتها كونها محاصرة.
“العلي” يؤكد حسب شهادات حصل عليها أن جزءاً كبيراً من المفصولين لا يستلمون رواتب، وبالتالي هناك فجوة مالية يُعتقد أن القادة يأخذونها لصالحهم.
مطالب بفتح تحقيق عاجل
في ظل هذه الظروف المتردية، يطالب عدد من العسكريين وزارة الدفاع بفتح تحقيق عاجل حول التجاوزات والفساد الحاصل في هذه الفصائل.
ويُطالب هؤلاء بالتحقق من قوائم الأسماء المرفوعة للوزارة لضمان أن المستحقات تُصرف للأفراد الموجودين فعلاً في المنطقة.
كما أشاروا إلى ضرورة التحقق من حسابات “الشام كاش”، والتي تُستخدم لتحويل الأموال مباشرة للعناصر، وبيّنوا أن بعض الحسابات قد تم تفعيلها بواسطة الإداريين في الفصائل نفسها، مما أثار شكوكاً حول إمكانية التلاعب بالأموال.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الممارسات لم تظهر فقط بعد تبعية الفصائل المحلية لوزارة الدفاع، بل كانت موجودة أيضاً خلال فترة عمل “الجيش الوطني”. ويبدو أن القيادات التي كانت تدير الفرق العسكرية سابقاً هي نفسها التي تستمر في إدارة الأمور حالياً، مما يشير إلى استمرار الأنماط التقليدية للفساد دون تغيير ملموس.

ما هي منطقة “نبع السلام” ومن الفصائل الموجودة بها؟
هي منطقة سيطرت عليها القوات التركية وفصائل من المعارضة السورية السابقة المتحالفة مع أنقرة، بعد معارك ضد قوات قسد عام 2019، وكانت تهدف لإقامة منطقة آمنة لإعادة توطين آلاف اللاجئين السوريين فيها.
ويوجد في المنطقة العديد من الفصائل التي كانت تُشكّل “الجيش الوطني”، وهي:
- “الحمزات” وأصبحت “الفرقة 76”
- “السلطان مراد” وأصبحت “الفرقة 72”
- “أحرار الشرقية” وأصبحت “الفرقة 66”
- “التحرير والبناء” وأصبحت “الفرقة 86”
وفصائل أخرى منها “جيش الإسلام” و”الجبهة الشامية” وغيرها.
ويُقدّر عدد المقاتلين في هذه الفرق العسكرية بنحو 32 ألف مقاتل، وبالتالي فإن كتلتهم المالية الشهرية تساوي تقريباً أكثر من 4 ملايين دولار، إلا أن هذه الكتلة المالية بحسب مصادرنا تصل كل شهرين وليس كل شهر. بينما يُقدّر مصدر أن رواتب قادة الفصائل تتجاوز ألف دولار، مع التجاوزات والفساد المخفي في إدارتهم.
ويبقى التحقيق في هذه القضية برسم وزارة الدفاع، حيث يطالب العناصر بفتح تحقيق بالأمر وتسليمهم رواتبهم المستحقة، والبحث في تفاصيل الفساد والسرقات وتعويضهم عنها.
اقرأ أيضاً|| سبعة أشهر على السُلطة الجديدة في سوريا.. برهان غليون يُشخّص التحديات ويضع خارطة طريق

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية