اخبار البحرين

المرض النفسي بين الوصمة الاجتماعية والبصمة الإبداعية – الوطن

أ.د. جهان العمران

يعاني العديد من الأشخاص ذوي الفئات الخاصة من بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب وثنائي القطب أو قد يعانون من بعض الاضطرابات العصبية السلوكية، مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، أو طيف التوحد، وهؤلاء يواجهون العديد من التحديات أهمها وجود وصمة اجتماعية تجاههم تجعلهم يشعرون بالعزلة، وعدم القدرة على الاندماج، أو فقدان الشعور بالتعاطف والقبول.

لكن تاريخ بعض هؤلاء الأشخاص والذين يتمتعون بموهبة خاصة، يشهد بأنه يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص للإبداع والتميز.

فهناك نماذج عديدة لأشخاص مشهورين استطاعوا تحويل تحدياتهم النفسية إلى إنجازات عظيمة، مثل ألبرت أينشتاين، الذي يعتقد أنه كان مصاباً بالتوحد، ساعده خياله البصري في تطوير النظرية النسبية. وكذلك ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا السابق كان يعاني من الاكتئاب، ولكنه قاد بريطانيا إلى النصر في الحرب العالمية الثانية، والفنان فان غوخ، الذي عانى من اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، ولكنه أنتج أعمالاً فنية خالدة، والذي لو وجد الحب والتعاطف لعاش طويلاً. أما في العصر الحديث، فهناك شخصيات مشهورة، مثل إيلون ماسك وستيف جوبز وبيل جيتس، الذين يعانون من اضطرابات عصبية سلوكية مثل التوحد أو فرط النشاط، ولكنهم بسبب قدرتهم الفائقة على النشاط الزائد، أو إدراك التفاصيل الدقيقة استطاعوا أن يحققوا نجاحات كبيرة في مجال التكنولوجيا أبهرت العالم.

لذا، يجب تغيير النظرة المجتمعية نحو الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية العصبية، وتعزيز الفهم والتعاطف إزاءها، واعتبارها مثل أي مرض جسدي يمكن التعايش معها. وعلى المرضى أنفسهم الاعتراف بحالتهم وقبولها، وطلب المساعدة من المختصين، والبحث عن الدعم من المقربين. ومن المهم أيضاً مصادقة المرض وقبوله كجزء من رحلتهم في الحياة، مما يمكنهم من العثور على القوة والمرونة للسيطرة عليه بدلاً من أن يسيطر عليهم.

وفي النهاية، يمكن القول بأن الأمراض النفسية أو الاضطرابات السلوكية ليست نهاية الطريق، بل يمكن أن تكون بداية جديدة نحو الإبداع والنجاح، خاصة أن تواجد الأفراد الذين يعانون منها في بيئة داعمة ملؤها الحب والقبول، ومع وجود العزيمة والإصرار لديهم. وبذلك يمكنهم أن تمتعوا بموهبة حقيقية من تحويل الوصمة الاجتماعية إلى بصمة إبداعية تسهم في إثراء المجتمع وازدهاره.* أستاذة في علم النفس التربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *